دعوة راشد الغنوشي لانعقاد مكتب مجلس النواب المجمدة أعماله مثل دعواته السابقة، فهي مجرد صرخة في وادي، الغاية منها التذكير بأنه موجود على الساحة السياسية ظاهرها العودة إلى الديمقراطية و باطنها التموقع من جديد في رقعة سياسية متحركة و متموجة تنمو فيها أحزاب جديدة و تأفل فيها أحزاب عريقة و تنصهر أخرى من أجل البقاء…
بقلم توفيق زعفوري
في تدوينة نشرها يوم السبت 26 مارس 2022، على صفحته في الفيسبوك، كتب مساعد رئيس مجلس نواب الشعب المجمدة اختصاصاته المكلف بالإعلام والإتصال ماهر مذيوب ما يلي : “دعوة من الأستاذ راشد الخريجي الغنوشي، رئيس مجلس نواب الشعب بالجمهورية التونسية، لمكتب المجلس للانعقاد يوم الإثنين 28 مارس 2022 للنظر في جدول أعمال المجلس للفترة القادمة”، و ختمها بإمضائه و بصفته السياسية…
النهضة تستثمر زيارات المسؤولين الأجانب
جملة من الملاحظات نقرأها من التدوينة: أولا، تتزامن دعوات العودة للمسار الديمقراطي، و دعوات لانعقاد المجلس المجمدة أعماله، فقط مع زيارات لسياسيين غربيين، و هذه المرة تزامنت مع زيارة مساعدة وزير الخارجية الأمريكية المكلفة بشؤون الأمن المدني و الديمقراطية و حقوق الإنسان أوزرا زايا بعد سلسلة لقاءات في تونس مع المجتمع المدني و الأمين العام الإتحاد العام التونسي للشغل و آخرها مع رئيسة الحكومة نجلاء بودن، لكنها لم تلتق أي زعيم حزب سياسي، لا من اليمين و لا من اليسار، في إشارة واضحة لعدم الاصطفاف ضد أي طرف و مع أي طرف فكانت بوصلتها و أجندتها واضحة بحث قضايا ثنائية و إقليمية و التحديات الإقتصادية التي تواجهها تونس و بخاصة تداعيات الحرب الروسية في أوكرانيا.
زيارة مساعدة وزير الخارجية انتوني بلينكن إلى تونس و لقاءاتها مع وزير الداخلية توفيق شرف الدين و الخارجية عثمان الجرندي، دون سواهما، يتنزل في إطار علاقات بلدها مع تونس و ليس نشاطا مع الأحزاب السياسية، غير أن حزب حركة النهضة أو ما وتبقى منه يحاول استثمار زيارة أي مسؤول أجنبي للضغط في اتجاه حلحلة أو فك تجميد مؤسسة برلمانية لم تعد تحظى باهتمامات التونسيين فهي فقط واجهة لديمقراطية مغشوشة و فاشلة، خصوصا و أن هناك تحضيرات آخر السنة لإعادة تجربة الانتخابات التشريعية في نسخة جديدة.
ماهر مذيوب يرى أن الظروف قد نضجت بعد زيارته الأخيرة إلى الولايات المتحدة و لقائه بعدد من المسؤولين السياسيين و رسائله إلى السيناتور كريس مورفي، رئيس اللجنة الفرعية للعلاقات الخارجية بمجلس الشيوخ، رسالة أقل ما يقال فيها أنها تقطر ذلا و شكوى. اكتملت جولاته و الآن أثمرت دعوة إلى عقد جلسة لمكتب البرلمان عن بعد لن تؤدي إلا لمزيد توتير الأجواء.
الغنوشي يعتقد أنه بإمكانه التأثير في مجرى الأحداث
ثانيا، مازال السيد راشد الغنوشي يعتقد أنه بإمكانه التأثير في مجرى الأحداث السياسية و أن حزبه له وزنه و إشعاعه و رجالاته كما في السابق بعدما انسحب منه قيادات الصف الأول، حركة النهضة الآن ممثلة في شخص الغنوشي و صهره و ماهر مذيوب و بعض من المؤلفة قلوبهم حتى أن الدعوات لانسحابه من رئاسة المجلس لحلحلة الأمور السياسية اصطدمت برغبة شديدة منه في التمسك بالسلطة حتى لو كانت مجمدة و فاقدة لأي فاعلية.
ثالثا، يقبع السيد راشد الغنوشي في آخر مراتب عدم ثقة التونسيين فيه، وفي إئتلاف الكرامة، بينما حافظ الرئيس قيس سعيد على ثلثي ثقة التونسيين تليه، رئيسة الحكومة في مؤشر الثقة و ثالثا عبير موسي و رابعا الصافي سعيد و أخيرا عبد اللطيف المكي، و لم يظهر مطلقا في ترتيب المنافسين في الاستحقاقات التشريعية ما يعني أنه يمضي إلى نفس مصير نداء تونس.
رابعا، هذه الدعوة كسابقتها، مجرد صرخة في وادي، الغاية منها التذكير بأنه موجود على الساحة السياسية ظاهرها العودة إلى الديمقراطية و باطنها التموقع من جديد في رقعة سياسية متحركة و متموجة تنمو فيها أحزاب جديدة و تأفل فيها أحزاب عريقة و تنصهر أخرى من أجل البقاء…
محلل سياسي.
شارك رأيك