لا شك أن هناك حالة اشتباك مصالح بين فكر و مشروع الإسلام السياسي و فكر و مشروع الرئيس قيس سعيد فساكن قصر قرطاج لا يبحث إطلاقا على إسقاط حركة النهضة و أخواتها في تونس بدليل سكوته المخجل على تجاوزات رئيسها عمامة الفتنة راشد الغنوشي و عدم اتخاذه لأي موقف ضد وكر عمامة الشر يوسف القرضاوي في تونس وهو الإتحاد العالمي لعلماء المسلمين الممول من طرف دولة قطر الشقيقة.
بقلم أحمد الحباسي
لم يعد سرا أن مقر ما يسمى بالإتحاد العالمي لعلماء المسلمين يمثل خطرا أمنيا و اجتماعيا على الاستقرار في تونس، كما لم يعد سرا أن هذا المقر تحوم حوله كثير من الاتهامات و الشبهات كما أنه بات يشكل صداعا يؤرق كل من اكتشف بعد ثورة 2011 ما يكنه النظام القطري – وهو المممول الأساسي لهذه المنظمة المريبة – من كراهية للتجربة التونسية.
وكر شيخ الإرهاب الشيخ يوسف القرضاوي في تونس
لم يعد سرا أيضا أن هذا المقر المشبوه و الذي تم فتحه في تونس بعد صعود حركة النهضة للحكم يتم استغلاله من طرفها لتمرير خطاب مخالف لا تستطيع الحركة تمريره بعد أن تمت مطالبتها من بقية الأحزاب السياسية بفصل المدني عن الدعوى.
لا أحد ينكر أن نشاط هذا الوكر المشبوه يتعارض مع قانون الجمعيات كما يتفق الجميع أيضا على أن نشاط هذا الفرع اللقيط لا يتميز بالشفافية على مستوى مصادر تمويله و أهدافه الحقيقية و هنا يقف الجميع في حيرة عن أسباب اختيار ذلك المكان الذي يأوي هذه المنظمة و المقابل لإدارة الحدود و الأجانب بما يستدعي ذلك من اشتباه و تساؤلات.
ينشط وكر منظر الإرهاب الشيخ يوسف القرضاوي المصري المسحوب جنسيته و الذي ترعاه دويلة قطر و تفتح إليه خزائنها المالية النفطية و تخصص له جناحا كاملا في أحد أكبر الفنادق في الدوحة تحت ما يسمى نفاقا بالعمل الجمعياتى مع أن الجميع يؤكدون أن هذا الوكر ليس إلا فرعا من فروع حركة النهضة بدليل ما ثبت من إشراف بعض قيادات الحركة على إدارته و تسييره.
المثير للانتباه أن ما يسمى بالاتحاد العالمي لعلماء المسلمين الذي ينشط فرع تونس تحت يافطته قد تم تصنيفه من بعض الدول العربية بالجماعة الإرهابية و هذا التصنيف لم يأت من فراغ أبدا بل هناك من يؤكد أن هذه الخطوة قد أتت متأخرة و كان واجبا اتخاذها قبل وقت طويل لأن هذا الكيان المسموم لا علاقة له بالعالمية و لا بعلم الأديان و لا بالدين الإسلامي تحديدا .
منظمة ترعى الإرهاب و توفر له الغطاء الديني
اللافت أيضا أن هذا الوكر قد نشط خلال العشرية الفارطة في توفير غطاء ديني للإرهاب الإسلامي ورعايته بل و ربما تمويله أيضا والإرهاب هنا بالمعنى الواسع للكلمة و لا شك أن مصالح الاستعلامات التونسية تملك من الأدلة القوية المتضافرة ما يدين القائمين على هذا المقر بخرق القانون المنظم للجمعيات.
إن علاقة الشيخ يوسف القرضاوي بالإرهاب ليست علاقة عضوية فقط بل إن الرجل يعتبر بالنسبة لقطاع كبير من الشباب العربي أكبر المحرضين على ما يسمى ب “الجهاد ضد الطاغوت” وهو فكر يدعو إلى القتل و الاغتصاب و السحل و تدمير الموروث الحضاري الإنساني و في حين يرتبط هذا الرجل مثله مثل النظام القطري الذي يرعاه بالسند السياسي و المالي و الإعلامي بالموساد و بالمطبخ السياسي الصهيوني و بأعوان المخابرات الأمريكية لا يجد حرجا في الارتباط و التجانس مع أكثر الجماعات الإرهابية المتطرفة مثل القاعدة و داعش و جبهة النصرة وصولا إلى الجهاز السري لحركة النهضة و بعض الميليشيات الليبية و لعل تشابك المصالح بإمكانه أن يقنع المتابع العربي حول طبيعة الأهداف الخفية و المعلنة لهذا الكوكتال المشبوه.
بطبيعة الحال لا يمكن الحديث عن ارتباطات عمامة الإرهاب يوسف القرضاوي دون نسيان ارتباطه الموصول بالرئيس التركي رجب طيب أوردغان الذي تعتبره الولايات المتحدة أحد المنفذين الفاعلين لسياستها في معاقبة نظام الرئيس السوري بشار الأسد خاصة بسبب مواقفه مع الثورة العراقية بعد سقوط الرئيس صدام حسين.
تعتبر أفكار الشيخ يوسف القرضاوى الملقب ب “عمامة للإيجار” من أخطر ما تبثه قناة الجزيرة القطرية أو ما تم نشره في عدة مؤلفات لعل أهمها “الإخوان المسلمون سبعون عاما في الدعوة و التربية و الجهاد” الذي يزعم فيه أن التنظيم هو المرجع و الطرف الوحيد القادر على إدارة شؤون المسلمين وفق المعايير التي يراها شيخ الفتنة مما اعتبره المتابعون لفكر الجماعات الإسلامية الطعم المناسب و المسموم الذي تجرع الشباب العربي سمومه عند انضمامهم للجماعة و السير في رحلة الانضمام لهذا التنظيم الدموي.
هذه الأفكار التي جعلت من تونس البلد العربي الأول المصدر للإرهاب باعتبار عدد السكان و لقطع الغيار البشرية الإرهابية في الدول العربية هي الأفكار التي لا يخجل عمامة الشر راشد الغنوشى من وصفها بالأفكار العظيمة و منفذيها بكونهم يمثلون ما سماه حرفيا ب “الإسلام الغاضب”.
لماذا يتساهل الرئيس قيس سعيد مع الإسلام السياسي ؟
يذهل المتابع اليوم حين ينتبه و لو بصورة متأخرة إلى أن الرئيس قيس سعيد المتأرجح فكريا و الذي يمكن اعتباره كرها أو طوعا خريجا للمدرسة البورقيبية قد قام في عديد الإطلالات الإعلامية بنقد فكر التجمع الدستوري لكنه تجاهل عمدا و قصورا مريبا التصويب على فكر الإسلام السياسي رغم ما أصاب البلاد على يده من دمار في العشرية الفارطة و ما ميّز هذا الفكر التكفيري من تنفيذ عمليات تفجير و اغتيال دموية لن تندمل آثارها المؤلمة حتى بعد قرن من الزمن
أيضا و رغم ما قدمته هيئة الدفاع في ملف اغتيال الشهيدين شكري بلعيد و محمد البراهمى من أدلة و براهين و ما قدمته الأستاذة عبير موسي رئيسة الحزب الدستوري الحر من وثائق مهمة صادرة عن جهات ذات مصداقية كبرى فإن الرئيس لم يعر الأمر أية إشارة تذكر مصرا على فرض حالة من التعتيم المقصود على الموضوع رغم أهميته و خطره الواضح على الأمن القومي مما طرح عديد الأسئلة حول ما إذا مورست ضده عدة ضغوطات من الجانبين القطري و التركي لاتخاذ هذا الموقف السلبي.
لقد بات واضحا أن الرئيس الذي وشحت صوره التي تجمعه عند فوزه بالانتخابات الرئاسية بعديد القيادات في حركة النهضة و في ائتلاف الكرامة عديد وسائل الإعلام و الذي حاول كسب صداقة الجانبين القطري و التركي و لو بشكل مرتبك و خجول خوفا من انزعاج الجار الجزائري لا يريد أن يتخذ خطوات حاسمة بإغلاق مقر منظمة شيخ الفتنة يوسف القرضاوى بتونس رغم ما يقال أنه يملكه من أدلة خطيرة حول الطبيعة القذرة لنشاط هذا الدكان.
لا يمكن أن ننكر أيضا أن الضغوطات السياسية و الإعلامية التي تمارسها الأستاذة عبير موسي و كما تمكنت من كشف حقيقة حركة النهضة و مخططاتها الدموية إبان الفترة الساخنة في مجلس نواب الشعب و التي دفعت المواطنين ليلة 25 جويلية 2021 و ما بعدها للنزول للشارع تعبيرا عن غضبهم من حكم المرشد الإسلامي قد كشفت بالتوازي أن الرئيس عاجز عن اتخاذ موقف صارم يخدم الأمن و السلم الاجتماعية ضد وكر عمامة الشر يوسف القرضاوي أو ضد حركة النهضة.
لا شك أن هناك حالة اشتباك مصالح بين فكر و مشروع حركة النهضة و فكر و مشروع الرئيس قيس سعيد فالرئيس لا يبحث إطلاقا على إسقاط و ضرب الإسلام السياسي في تونس بدليل سكوته المخجل على تجاوزات عمامة الفتنة راشد الغنوشى و دعوته الأخيرة لاجتماع مجلس نواب الشعب لإسقاط مراسيم الرئيس خير دليل لكنه يبحث عن خلق حالة من التوازن بين الكيانات الثلاثة، الرئاسة، حركة النهضة، الدستوري الحر.
الظاهر أن الرئيس لا يرى في حركة النهضة أي مصدر للخطر أو أنها تمثل عائقا جديا أمام سيل المراسيم الرئاسية التي تثير أسئلة الداخل و الخارج التي يسعى من خلالها للاستيلاء على الحكم بصورة نهائية بل يرى في الدستوري الحر العدو الأول القادر على إسقاط هذه المؤامرة و الظاهر أيضا أن معركة الرئيس مع الأستاذة عبير موسي لن تتأخر كثيرا خاصة بعد أن استطاعت هذه الأخيرة مرة أخرى كشف حقيقة ساكن قرطاج و سعيه المقنع بخطبه الشعبوية لضرب مصداقيتها إضافة إلى التضييق على أنشطتها الحزبية بافتعال أسباب تثير السخرية الأمر الذي دفع أكثر المعارضين إلى انتقاد هذه التصرفات التي تؤكد مرة أخرى أن رئيس البلاد يزيد من تعميق الأزمة على كل المستويات بدل إيجاد الحلول و اتخاذ القرارات المصيرية المهمة و من بينها طبعا غلق وكر الإيذاء التابع لمفتى الارهاب يوسف القرضاوي.
كاتب و ناشط سياسي.
شارك رأيك