يبدوا أن أغلب التونسيون ماضون فيما مضى فيه الرئيس قيس سعيد من إصلاحات و ما على معارضي هذا الأخير من كل الأطياف إلا إعداد أنفسهم و أحزابهم و قواعدهم – إن وجدت – للإنتخابات التشريعية المقررة ليوم 17 ديسمبر القادم من أجل إمكانية التغيير بدل الصراخ في كل زاوية و الشكوى للأجنبي.
بقلم توفيق زعفوري
كشف وزير تكنولوجيات الإتصال نزار بن ناجي البارحة، الخميس 31 مارس 2022، عن الأرقام التي أفرزتها الاستشارة الوطنية الرقمية التي انتهت يوم 20 مارس الماضي، و قد تساءلت في مقال لي سابق على نفس هذا الموقع إن كان الرئيس قيس سعيد سيعتمدها كورقة سياسية أو كقاعدة لإصلاحات سياسية و اقتصادية و اجتماعية و تربوية مستقبلية.
اتضح الآن أن مخرجات هذه الاستشارة تمثل توجهات الرئيس قيس سعيد و كأنها برنامجه الانتخابي مع فارق وحيد أن نتائجها جائت بعد الانتخابات الرئاسية و ليست قبلها. مخرجاتاعتمدها الرئيس في شكل مشورة قاعدية مفتوحة لكل الناس، و من تخلف يتحمل مسؤوليته، و كأنما تخلف عن الانتخابات التشريعية أو الرئاسية، فغيره سيقرر بدلا عنه، و من يعارضها أو لديه موقف سلبي منها، فما كان منه إلا التعبير عنه في نفس تلك الاستشارة كما فعل غيره…
معظم التونسيين يعارضون النظام البرلماني الهجين
المعارضون يتباكون على خيارات كان يمكن أن يساهموا في توجيه اتجاه الريح و تغيير المسارات لكنهم قاطعوا بدل المشاركة و عارضوا بدل الإدلاء بمواقف، عدى في محطات الإعلام المشبوه، و مهما يكن حجم المشاركة فيها فليتذكر التونسيون أن الانتخابات التشريعية السابقة و الرئاسية كانت المشاركات فيها ضئيلة عدى عدد ناخبي الرئيس، الذي و لأول مرة يتجاوز الحساب فيها الملايين، أقصد 72.71٪ في انتخابات الرئاسة لسنة 2019.
دون الدخول في الأرقام و في تحديد الاتجاهات فليتذكر التونسيون أن أغلبهم كان معارضا لنظام برلماني هجين كان يوصف بأبشع النعوت و ساهم في تقسيم السلطة و البلاد و العباد، و آثاره كانت مدمرة فلماذا اليوم لا يستسيغون نقيضه وهو النظام الرئاسي؟
أغلب التونسيين فقدوا الثقة في ناخبيهم و يعارضونهم أصلاً و وصل الأمر إلى التشكيك في وطنيتهم و نزاهتهم و ذممهم، و اليوم يعارضون سحب الوكالة ممن أخلف الأمانة فمن أي طينة هؤلاء، و قد تشبهوا بأخلاق العبيد، من خان يحاسب كائنا من كان، و ليس سابقة إن سحبت الوكالة من نائب خان ناخبيه فذاك عين المنطق… و قس على ذلك في عديد المجالات.
الاستشارة و إن قُدّت على المقاس كما يفهم من معارضيها فإنها تمثل إتجاهات الرأي العام و اعتماد مخرجاتها في تحديد نظام الاقتراع و تغيير النظام السياسي و تنقيح النظام الانتخابي و غيرها من إصلاح النظام التربوي و الاجتماعي و غيره من خدمات، كلها آراء كانت متداولة و التونسيون يعرفونها و الساسة كذلك يدركون مخاطر و مساوئ “السيستام” القديم، أما إصلاحه و محاولات تغييره فهي تصطدم بلاءاتهم الكبيرة و الكثيرة فقط لأنهم لن يشاركوا في تحديد ملامح المخرجات و لم يكونوا طرفا في الحوار الاستشاري الافتراضي.
الرئيس قيس سعيد ماض في برنامجه مهما تعالى صراخ معارضيه
لم أشأ أن أعيد تداول الأرقام الصادرة البارحة فهي متاحة في مختلف المواقع الإخبارية و الإذاعية و تأويلها مرتبط باتجاهات الناس و خلفياتهم، السياسية، لكنها تمثل لمن ما زال يتساءل قاعدة لتغيير المشهد السياسي فقد اختار %60.8 تعديل القانون الانتخابي، و%44.4 تعديل قانون الأحزاب. و 86.4٪ يريدون نظاما رئاسيا.
هذه الأرقام تُبنى عليها برامج عمل مستقبلية تتحدد أكثر بالحوار الذي دعا إليه الرئيس و الذي تأخر كثيرا و بدايته تمثل بداية الإنفراج في الأوضاع السياسية و الاقتصادية و الاجتماعية، بدايته تمثل بداية تخفيف الضغوط الخارجية التي بدأت “أستفيدة” المكلف بالإعلام في البرلمان المنحل ماهر مذيوب تأتي أكلها، و دخل على الخط المتحدث باسم الخارجية الأمريكية المنشغل جدا بحل برلمان لا يريده التونسيون. كذلك الأمم المتحدة تعبر عن انشغالها من حل برلمان “بارولاتشا” كما وصفته يوما في مقال لي على نفس هذا الموقع.
هذه التدخلات الخارجية يرفضها التونسيون جملة و تفصيلا و تدفع الرئيس إلى مزيد التصلب…
في كلمتين، نحن ماضون فيما مضى فيه الرئيس و على معارضيه تحضير أنفسهم للإنتخابات من أجل إمكانية التغيير بدل الصراخ في كل زاوية و الشكوى للأجنبي…
شارك رأيك