الرئيسية » راشد الغنوشي لن يهدأ حتى يدمر تونس..‎‎.

راشد الغنوشي لن يهدأ حتى يدمر تونس..‎‎.

راشد الغنوشي و جماعة الإخوان المسلمين و أسيادهم في الخارج يساهمون بشكل فض في إقحام بعض الدول الأجنبية في الشأن الداخلي التونسي و في زعزعة علاقات تونس بمحيطها العربي و الإقليمي و الدولي، كل ذلك من أجل عودة الديمقراطية، كما يقولون، و كأن الديمقراطية هي كل ما ينقص تونس !! ديمقراطية لا يعترف بها رئيس حركة النهضة أصلا داخل حزبه الذي يتربع على سلطته منفردًا منذ أكثر من 40 عاما ! 

بقلم توفيق زعفوري

يخطئ من يعتقد أن راشد الغنوشي يتحرك بمفرده، أو بلا سند، فرئيس حركة النهضة الإسلامية يتحرك ضمن نطاقات كبرى إعلاميا و ماليا و عسكريا و إن شئنا ضمن فضاء جيوإستراتيجي  و دولي بالغ الأهمية، و له امتداداته في الخارج.

راشد الغنوشي لا يزال متمتعا بحصانة و حضانة المنظمة الدولية للإخوان المسلمين تمارس الضغط في كل أزمة على تونس و على أي محاولة للمساس به في شخصه، حتى و إن قضائيا، و إلا لماذا لا يحاكم هذا الرجل على كل الجرائم التي ارتكبها و كل القضايا التي رُفعت ضده منذ عشرات السنين و لم يمثل و لو مرة واحدة أمام قاضي التحقيق في أي واحدة منها؟ لماذا لم يمثل أمام قلم التحقيق إلاّ من أجل انعقاد جلسة برلمانية غير قانونية يوم 30 مارس الماضي؟ جلسة انعقدت و البرلمان في حالة تجميد و صلاحياته معلقة، ومع ذلك أصر الغنوشي على تمريرها لإحراج الرئيس قيس سعيد أكثر و لوضعه أمام مسؤوليته التاريخية و القانونية و إضعافه أمام خصومه و ليس من أجل الديمقراطية، كما يدعي دائما، بل إنه يهدد بمزيد تنظيم اجتماعات افتراضية و بمسيرة مليونية يوم 9 أفريل الجاري.

الغنوشي يستفيد و يتغذى من أزمات التونسيين

راشد الغنوشي لا تهمه الدماء التي يمكن أن تراق لو حدثت انزلاقات أمنية كما في السابق فسيزيد ذلك في إحراج الدولة و رئيسها و عزلها سياسيا في الداخل و الخارج، بل ربما هو يتمنى أن تخرج الأمور عن السيطرة أثناء المسيرة المزمع تنظيمها في قادم الأيام، فهو يستفيد و يتغذى من أزمات التونسيين، فحتى عبد الحميد الجلاصي الإخواني نظّر لذه المسيرة و أشار لأهميتها بالرغم من أنه استقال من حركة النهضة منذ أكثر من عام و لم يعد تربطه بها أية صلة، على الأقل ظاهريا، أما باطنيا فيتحرك فيه دم الجماعة و الولاء حتى عن بعد.

من جهة أخرى نجح ماهر مذيوب المكلف بالإعلام في مجلس النواب المعلقة اختصاصاته منذ 25 جويلية الماضي في تحريك و تفعيل الضغوط الخارجية، آخرها زيارة نائبة وزير الخارجية الأمريكية المكلفة بشؤون الأمن المدني و الديمقراطية و حقوق الإنسان أوزرا زايا، ثم بيان الرئاسة التركية الذي جاء خارجا عن الأعراف الديبلوماسية و الأخلاقية، بيان متغطرس لا يقل فضاضة عن تدخلات الأتراك العسكرية في تونس منذ 1574، فقط ليتذكر السيد رجب طيب أردوغان محاولة انقلاب مجموعة من العساكر، في 15 جوان 2016، و ما نتج عنها من اعتقالات أكثر من 3000 شخصا و مداهمات منازل قضاة و عسكريين و جنرالات و صحفيين وصل عددهم إلى أكثر من 6000، في حين ارتفع عدد القتلى إلى 290 قتيل ما قوّض ثقة شركاء تركيا الدوليين نتيجة القمع العنيف لمعارضيه، قمع تبرره الديمقراطية في الداخل و ضد الأكراد يبرر بالحفاظ على وحدة الدولة و سلامة أراضيها.

أما في تونس فمجرد حل البرلمان فإنه في نظر أردوغان يشوه الديمقراطية على أساس أنها كانت في غاية الجمال و السمو، كذلك فرنسا رغم إنشغالها باستحقاقها الرئاسي المحموم، كانت مستعمرتها الأخيرة في قلب الأحداث و لو بدرجة أقل أهمية نظرا للظرف الانتخابي الداخلي، لم تفوّت فرنسا الفرصة لتدلي بدلوها في الشأن الداخلي و تضغط باتجاه الإسراع بالحوار الوطني.

و مهما يكن من أمر هذه التدخلات فقد أثارت حفيظة الرئيس و خلال اجتماعه أمس الثلاثاء 5 أفريل 2022 بوزير الداخلية توفيق شرف الدين صرح يامتعاضه و بنبرته المعهودة برفضه التدخل في الشأن التونسي و كان بالإمكان الاكتفاء بالإيعاز لوزير الخارجية عثمان الجرندي باستدعاء السفير التركي و توجيه رسالة واضحة و قوية مفادها رفض الجانب التونسي أي تدخلات خارجية في ما يحدث داخل البلاد، و كان يمكن أيضا استدعاء السفير التونسي في أنقرة إلى تونس للتشاور حتى تكون الرسالة أكثر وضوحا و أكثر قوة. فما يحدث في تونس شأن داخلي تونسي و لا يهم الخارج في شيء، فلم يحدث أن تدخلت تونس في الشؤون الداخلية لأي دولة صديقة أو شقيقة أو من دول العالم. 

الغنوشي لا يزال يعتقد أن له مكانا على طاولة الحوار

يعتقد طيف كبير من التونسيين و حتى النهضاويين أنفسهم أن تنحي راشد الغنوشي هو بداية انحسار الأزمة السياسية و أولى بوادر الحل في أزمة سياسية خانقة و حادة، لكن القيادي الإسلامي كالأخطبوط العنيد رغم الحصار المفروض عليه سياسيا، ما زال يتحرك بحرية كبيرة و لا زالت يد العدالة بعيدة عن رقبته، و لا يزال يعتقد أن له مكانا على طاولة الحوار رغم رفض التونسيين لوجوده في المشهد السياسي و محاولات سحب الثقة منه و رغم تدني ثقة التونسيين فيه، في سبر الآراء، فأي مساس بالرجل يترتب عنه مزيد من الضغوط و مزيد من تعميق الأزمة لذلك لا يمكن للرئيس سعيد الوصول إليه رغم تشديده في كل مرة و في كل يوم من أن القانون سيطال الجميع دون استثناء و مهما علا شأن الشخص، خطاب يشمل الجميع يمن فيهم المنصف المرزوقي الرئيس الأسبق المُلاحق قضائيا بتهمة “الخيانة و العمالة”.

أما راشد الغنوشي، و رغم حالة التصعيد الظاهرة و الواضحة في تصريحاته و نبرة التحدي البادية، فإنه يظل أكبر من السلطة القضائية برمتها و أكبر من السلطة التنفيذية، وهو و جماعته في الخارج يساهمون بشكل فض في إقحام بعض الدول في الشأن الداخلي التونسي و في زعزعة علاقات تونس بمحيطها العربي و الإقليمي و الدولي، كل ذلك من أجل عودة الديمقراطية، كما يقولون، و كأن الديمقراطية هي كل ما ينقص تونس !! ديمقراطية لا يعترف بها الغنوشي أصلا داخل حركته التي يتربع على سلطتها منفردًا منذ أكثر من 40 عاما! 

شارك رأيك

Your email address will not be published.