في ذكرى وفاة الرئيس الحبيب بورقيبة، تعبّر منظّمة أنا يقظ عن خيبتها خيبة الشّاعر الرّاحل والمناضل منوّر صمادح عندما قال: “شيئان في بلدي قد خيّبا أملي ** الصدق في القول والإخلاص في العمل”.
حيث تابعت أنا يقظ الإجراءات والتدابير المتخّذة من قبل السيّد رئيس الجمهوريّة منذ 25 جويلية2021 وتذكّر أنّها كانت في كلّ مرّة مساندة لكلّ مبادرات مكافحة الفساد والّتي تبيّن لاحقا أنّها شعارات سياسيّة شعبويّة ما انفكت ترفعها الحكومات المتعاقبة لإضفاء الشرعيّة على قراراتها،
حيث أنّنا نذكّر كذلك بمواقفنا السابقة من البرلمان المنحلّ ومن الفاعلين السياسيين المتورّطين في قضايا الفساد إلى جانب موقفنا من القضاء ودوره في مسار المحاسبة والعقاب، ونعتبرهم مسؤولين بالتضامن عمّا آلت إليه أوضاع البلاد،
هذا وقد أعلن السيّد رئيس الجمهوريّة عن انطلاق مسار “الحوار الوطني” فإنّه يهمنا أن نشير إلى ما يلي:
أوّلا: نذكّر بدعوتنا السابقة إلى مقاطعة الاستشارة الوطنيّة الإلكترونيّة لما شابتها من إخلالات تقنيّة تتعلق بالسلامة المعلوماتيّة وكذلك من غياب للشفافيّة والتشاركيّة في مسار الإعداد والإعلان عن النتائج، هذا إلى جانب فشلها في تحقيق الأرقام الّتي حددها السيّد وزير تكنولوجيات الاتصال قبل انطلاق الإستشارة متى أكّد أنّها ستصل إلى ثلاثة ملايين مشارك؛
ثانيا: حيث أنّنا اعتبرنا الاستشارة الوطنيّة تسخيرا لموارد الدولة خدمة لمشروع شخصي للسيّد رئيس الجمهوريّة، فإنّنا نعتبر اليوم توخيه لآليّة الحوار بالتمشي الحالي والمشاركين الحاليين خطوة صوريّة جديدة تتطابق مع الحوارات القرطاجيّة السابقة والمعهودة من قبل مؤسسة الرئاسة والّتي أثبتت في كل مرّة فشلها، بسبب غياب التشاركيّة الفعليّة والتمثيليّة الحقيقيّة، من خلال الاقتصار على دعوة المساندين والموالين، والهياكل المهنيّة التقليديّة الّتي طالما كانت بوقا مدافعا عن مصالحها الضيّقة؛
ثالثا: نشير إلى غياب التناسق في مواقف الرئاسة ورؤيتها، فمن جهة تشنّ حربا على المحتكرين والمضاربين ومن جهة تدعوهم إلى الحوار الوطني، من خلال تشريك المكتب التنفيذي للاتحاد التونسي للصناعة والتجارة، ونذكّر السيّد رئيس الجمهوريّة أنّ السيّد سمير ماجول رئيس الاتحاد صادر ضدّه قرار بات من مجلس المنافسة بتاريخ 10 ماي 2018 يؤكّد تواطئ شركته في جريمة الإخلال بالمنافسة من خلال تكوين وفاق لترفيع وتوحيد الأسعار؛
رابعا: إنّ التضارب في المواقف على مستوى مؤسسة الرئاسة طال التشريع والسياسة الجزائيّة للدولة، حيث شابتها الانفصاميّة وما عدنا نفهم هل نحن في دولة تكرّس “مبدأ العدالة الجزائيّة التعويضيّة” وتقوم على العدل والإنصاف (مرسوم الصلح الجزائي) أم أننا دولة تنتهك الحقوق وتؤمن بالعقوبات السالبة للحريّة المشددة الّتي تصل للسجن بقيّة العمر (مرسوم المضاربة غير المشروعة)؟
خامسا: نعتبر أنّ الحفاظ على الحقوق والحريات المكتسبة شعار لم تحترمه المراسيم الرئاسيّة الصادرة بتاريخ 20 مارس 2022، والّتي تمس من عديد المبادئ والحقوق كالحق في حرمة المسكن ومبدأ قرينة البراءة والحق في التقاضي، كما تروّج لثقافة الإفلات من العقاب والمحاسبة وتشجّع على الفساد؛
سادسا: وبعد الإطلاع على وثيقة الإجراءات العاجلة لتنشيط الإقتصاد الّتي أعدتها وزارة التخطيط والإقتصاد، نتبيّن أن التشجيع على الفساد والإفلات من العقاب صارا توجّها لهذه الحكومة الّتي اختارت “الإصلاح” من خلال مراجعة الفصل 96 من المجلّة الجزائيّة المتعلّق بجريمة الإضرار بالإدارة وكذلك من خلال إصدار عفو في مادّة الصرف كأوّل الإصلاحات “لتسهيل الإطار القانوني والترتيبي لمناخ الأعمال”.
ختاما، تستنكر منظّمة أنا يقظ ظاهرة اللغو التشريعي والتكرار على مستوى النصوص والحال أنّه من باب أولى وأحرى أن تقوم السلطة التنفيذيّة بتطبيق القوانين النافذة وإصدار الأوامر التطبيقيّة لها حتى نتبيّن نجاعتها عوض “نسخها” بنصوص أخرى تسمن المنظومة القانونيّة ولا تغنيها من فراغ، ونذكّر بهذا الصدد بما جاء في كتاب “روح القوانين” لمونتسكيو “القوانين عديمة الجدوى تضعف القوانين الضروريّة”.
شارك رأيك