تونس تحتاج اليوم إلى إصلاحات كبرى سياسية واقتصاديةو تعليمية و شبابية و غيرها… يجب أن تنجز كل هذه الإصلاحات في نفس الوقت و بالتوازي و دون تسرع و بتشريك كل القوى الفاعلة و يجب أن يعطى للحكومة هامش تحرّك كبير… و ظهور و تواصل…
بقلم د الصادق شعبان
تونس اليوم تحتاج إلى وضوح… و إلى تشريك… و إلى طمأنة… هذه أولويات تونس اليوم… محاولات الصد لا تنفع,.. و لن تنجح… نداء-25 جويلية هو من الأعماق… من الشارع … و لذا فلن يغلبه أحد… لا بالاحتجاج أمام المسرح… و لا بالزحف على قرطاج…
كونوا سياسيين و افهموا الواقع… الأشياء تغيرت، و الأوضاع بعد 25 جويلة انقلبت رأسا على عقب… لا تغدروا بمن يوما ما اعتقد فيما تقولون… لا تدفعوهم في معركة خاطئة… ترفعوا و كونوا وطنيين هذه المرة… ابحثوا عن حلول لدولة و لشعب لا تبحثوا عن مواقع و عن أنصبة…
كلنا اقتنعنا أن منظومة 2011 يجب أن ترحل
انتهى الأمر اليوم بتونس من جراء تراكم الدمار و تآمر المافيا إلى أسعار خيالية : الفلفل بسبعة دينارات و البطاطا بدينارين و نصف! تريدون تثوير الشعب؟ الشعب لن يثور ضد النظام الحالي… لأنه يعرف من وراء الدمار… و يعرف جيدا ضد من يجب أن يثور…
هناك توازن حيوي نحتاج إليه اليوم… فكلنا اقتنعنا أن منظومة 2011 يجب أن ترحل… لكن كلنا مقتنعون أيضا أن ذلك لا يعني أن نضع محلها أية منظومة… تونس ملت التجارب… و الشعب لن يقدر على دفع الفاتورة من جديد… نحن نعرف الأنظمة التي طبقت في العالم، ما نجح منها و ما فشل، و علينا أن نتّعظ…
من بين يديه مسؤولية شعب ممنوع عليه أن يغامر… أقول للرئيس الحالي… نحن معك ، لكن إمشي رويدا رويدا… لا تغامر… مستقبل هذا الشعب بين يديك و ثقته فيك كبيره… لا تدفعه لفشل آخر… اسمع الناس و عدّل المقترحات… السياسة أخذ و عطاء… ليس في القيم و في المبادئ، لكن في التنظيم و الرزنامة… اتحاد الشغل هو أكبر حليف، فخذه إليك و استمع إليه مليا و هو من جهته “حشّادي” في منهجه : الدفاع عن الوطن و الدفاع عن العامل بالنسبة إليه شيئان متلازمان… لا أدخل في التفاصيل…
كذلك رجال الأعمال، وطنيتهم كبيرة، و هم أداة السياسات: لا ازدهار و لا استقرار بدونهم… أعد إليهم من جديد الثقة في الدولة… و ضع أمامهم مناخا جديدا يدفعهم للتوطين و للاستثمار…
الإصلاحات السياسية لن تكون هينة
من حيث الإصلاحات السياسية، ليس الأمر هينا… لكن هنا أيضا، رويدا رويدا… نعتمد ما حوله اتفاق، و نستبعد ما ليس حوله اتفاق أو نؤجله… لا تنسى أن النص يعرض على الاستفتاء… لا تكن متأكدا أن الكل يأتي ليقول نعم… فقد يأتي ليقول لا، و تلك المصيبة العظمى… نعم للنظام الرئاسي، لكن نظام رئاسي حقيقي يكون فيه للبرلمان دور بارز… برلمان قوي، بالانتخاب المباشر… نعم للتصويت على الأشخاص… في دورة واحدة أو دورتين… فهذا ينظف الحياة السياسية و يغير مشهد الأحزاب… يعد لطبقة سياسية واعدة… و يرجع ثقة الناخب…
البرلمان المنتخب بصورة غير مباشرة لن يكون قويا، و لا يحقق شيئين أساسيين:
– التوازن الحقيقي مع السلطة التنفيذية
– تملك النواب لتصورات وطنية تساعد على أداء وظيفتهم التشريعية…
أي برلمان منتخب تصاعديا يعطي مؤسسة ضعيفة وطنيا ذات بعد مطلبي لا رؤية شمولية لها و لا قدرة على تجاوز المحليات و الجهويات…
فلننظف مشروع الدستور الجديد من الأشياء غير المقبولة… الإصلاحات الاقتصادية يجب أن تكون موازية و من الآن… و كذلك التعليمية و الشبابية و غيرها… و يجب أن يعطى للحكومة هامش تحرّك كبير… و ظهور و تواصل…
تونس اليوم تحتاج الى وضوح… الى تشريك … و إلى طمأنة…
شارك رأيك