في التدوينة التالية التي نشرها اليوم الأحد 10 أفريل الأستاذ عماد بن حليمة يؤكد أن الصلاحيات التشريعية للرئيس قيس سعيد محصورة في مجال الإصلاحات السياسية و أن الحركة التشريعية التي يقوم بها الآن تدخل في خانة الحملة الدعائية لشخصه خارج الأطر القانونية المتاحة و لا بد من وضع حد لها حالما ترجع مؤسسات الدولة لنسق عملها العادي بعد الانتخابات التشريعية السابقة لأوانها.
بقلم عماد بن حليمة
صدر الأمر الرئاسي 117 لسنة 2021 متضمنا تنظيما مؤقتا للسلط العمومية بعد صدور قرار تعليق عمل البرلمان و كذلك قرار حل الحكومة بعد أن أعلن رئيس الجمهورية يوم 25 جويلية 2021 الدخول في مرحلة التدابير الاستثنائية الوقتية عملا بأحكام الفصل 80 من الدستور .
جاء بطالع الأمر 117 لسنة 2021 أنه يصدر عملا بأحكام الدستور و خاصة الفصل 80 منه كما نصت توطئة الأمر المذكور على أن دواليب الدولة تعطلت و صار الخطر لا داهما بل واقعا و خاصة داخل مجلس نواب الشعب.
الصلاحيات التشريعية للرئيس محصورة في مجال الإصلاحات السياسية
إضافة الى ذلك فقد تضمن الفصل 22 من الأمر المشار إليه أن رئيس الجمهورية يتولى إعداد مشاريع التعديلات المتعلقة بالإصلاحات السياسية بالاستعانة بلجنة يتم تنظيمها بامر.
من الواضح حسب توجهات الرئيس أن الخطر الداهم هو سياسي بالأساس و سببه البرلمان و أنه لا بد من القيام بإصلاحات سياسية تضمن الرجوع للسير العادي لدواليب الدولة و المقصود بذلك التواصل السلس و المتوازن بين السلطة التنفيذية و السلطة التشريعية و العلاقة بينهما بعد أن احتدم الصراع بينه و بين راشد الغنوشي و انتهى بسيطرة هذا الأخير بالنظر للصلاحيات الواسعة للبرلمان و للحكومة مقابل صلاحيات محدودة لرئيس الجمهورية.
النتيجة القانونية المترتبة عن هذه المعطيات الدستورية و القانونية و الواقعية أن الاختصاص التشريعي الاستثنائي لرئيس الجمهورية محدود في الزمن و في النطاق و لا يشمل إلا مجال التشريع ذي العلاقة بالإصلاحات السياسية تمهيدا لإجراء انتخابات تشريعية مبكرة تضاف له بعض النصوص ذات الطابع الاستثنائي مثل تلك المتعلقة بمواجهة جائحة كوفيد أو غيرها من الأحداث الخطيرة غير المتوقعة و التي تستوجب إطارا تشريعيا استثنائيا.
تجنب الفوضى التشريعية المرتقبة
خارج هذا الإطار لا يمكن القول بأنه يحق لرئيس الجمهورية إدخال تعديلات على نصوص قانونية موجودة أو سن قوانين تهم مجالات تخرج عن نطاق مشاريع الإصلاحات السياسية التي ستضمن عودة مؤسسات الدولة لسيرها العادي و بالتالي فإنه لا معنى قانونا و تطبيقا لمقتضيات الفصل 80 من الدستور و مقتضيات الأمر 117 المؤرخ في 22/09/2021 لنصوص قانونية تنظم مواد بعيدة عن مجال الاختصاص التشريعي الاستثنائي الحصري لرئيس الجمهورية أثناء فترة التدابير الاستثنائية مثل تلك المتعلقة بالشركات الأهلية و بالمجلس الأعلى للقضاء و غيرها من المراسيم التي يضعها الرئيس ترجمة لقناعاته و اختياراته لكن خارجة عن مجال اختصاصه و لا بد من إنهاء العمل بها بمجرد تركيز مجلس النواب الجديد تجنبا لفوضى تشريعية مرتقبة سببها أن الرئيس يضع نصوصا قانونية دون أن يلغي النصوص الجاري بها العمل و بصدد البناء لتشريع مواز و الأمثلة على ذلك عديدة و منها مثلا سن مرسوم سمي بمرسوم مقاومة الاحتكار و أبقى على قانون المنافسة و الأسعار أو كذلك إصدار المرسوم عدد 20 المتعلق بما سماه بمؤسسة فداء دون الالتفات إلى قانون مكافحة الإرهاب لسنة 2015 الذي خصص بابا كاملا للحديث عن الرعاية لضحايا العمليات الإرهابية أو كذلك في ما يتعلق بالتعويض لشهداء و جرحى الثورة وهو ما يدل على أن الحركة التشريعية التي يقوم بها الرئيس الآن تدخل في خانة الحملة الدعائية لشخصه خارج الأطر القانونية المتاحة و لا بد من وضع حد لهذه النصوص الهجينة حالما ترجع مؤسسات الدولة لنسق عملها العادي.
محامي و ناشط سياسي.
شارك رأيك