إن طرد الشيخ راشد الغنوشي من المساجد يتم من طرف مصلّين لم يتورع بيان حركة النهضة في سعيه للتعتيم و تقليص حدة وقع الحدث بوصفهم بالمجموعة المأجورة مع أن اللافت أن عملية الطرد قد استهدفت شخصا يدعي الفضيلة رغم ما صرح به صديقه الصافي سعيد من أنه التقى الرجل طيلة يوم جمعة لم يرى فيها الشيخ يصلى و لو ركعة.
بقلم أحمد الحباسى
ما حدث لراشد الغنوشي ، رئيس حركةالنهضة ومرشد الإخوان المسلمين في تونس، منذ بداية شهر رمضان، و طرده بتلك الكيفية من طرف جموع المصلين و رفضهم مجرد رؤيته بالمسجد، موجهين إليه سيلا من عبارات استهجان وجوده بعد كل ما ارتكبه من جرائم من كل لون يمثل، لهي سابقة خطيرة لم تحدث من قبل حتى مع بعض الشيوخ الموالين للاستعمار الفرنسي.
شخصية زئبقية منافقة تختزل كل العورات الأخلاقية
ما تناقلته وسائل الإعلام زلزال سياسي و إنساني بأتم معنى الكلمة و نتاج لما تشعر به الأغلبية في تونس من كون الرجل قد كشف أنه يختزل في شخصيته الزئبقية المنافقة كل العورات الأخلاقية و أنه لا يحمل من الجنسية إلا الإسم و أن انتماءه لم يكن يوما لهذا الوطن بل لمنظومة عالمية صهيونية أمريكية خليجية متآمرة.
إن طرد الشيخ راشد الغنوشى من المساجد واقعة تختلف عن طرده من أماكن أخرى مثل طرده منذ أشهر من مسقط رأسه لأن للمسجد حرمة تأبى رفع الصوت و إثارة الهرج و المرج.
“راشد الغنوشى أكثر شخص لا يتمتع بثقة التونسيين”، هذه حصيلة قارة و متواصلة لكل نتائج استطلاعات الرأي التي تلت سنوات الثورة إلى الآن.
ربما لم ينتبه الكثيرون و بالذات أهل علم النفس و علم الاجتماع لدراسة هذه الظاهرة و هذه الخاصيّة التونسية الفريدة و ربما تجاهل الرجل أهمية نتائج هذه الاستطلاعات المتواصلة من باب النرجسية و الغرور الزائد الذي تميّز سلوكه و شخصيته التي قليلا ما تناولها الإعلام بالتحليل رغم اتسام سلوك هذا الشيخ بالنفاق و الخيانة و الرغبة الجامحة في الوصول للحكم و لو باستعمال الإرهاب و العنف إلى عدد غير محدود آخر من الصفات السيئة التي يكتشفها المتابعون تباعا مع كل إطلالة أو تصريح أو تلميح.
الأمر المختلف هذه المرة أن طرد الشيخ يتم من مصلّين لم يتورع بيان الحركة في سعيه للتعتيم و تقليص حدة وقع الحدث بوصفهم بالمجموعة المأجورة مع أن اللافت أن عملية الطرد قد استهدفت شخصا يدعي الفضيلة رغم ما صرح به صديقه الصافي سعيد من أنه التقى الرجل طيلة يوم جمعة لم يرى فيها الشيخ يصلى و لو ركعة.
الخزان الانتخابي لحركة النهضة تضاءل بشكل لافت
لقد كشفت الأحداث خاصة بعد خروج المواطنين لحرق مقرات حركة النهضة يوم 25 جويلية 2021 أن الخزان الانتخابي للحركة قد تضاءل بشكل لافت للانتباه و أن تهديدات نورالدين البحيري بإنزال أربعين ألف انتحاري هي مجرد شطحات و نزوات خطابية يراد منها الصدمة و الترويع حتى لا تتحرك الضمائر الحية لمواجهة هذا الورم الخبيث.
كشفت هذه الأحداث أيضا أن مرشد الحركة قد فقد كامل الرصيد من الأتباع لذي جمعه منذ نشأة هذه الحركة الأخطبوطية المتآمرة على الوطن و أن كافة دعواته و دعوات بقية قيادات الحركة لتجييش الشارع و تحفيزه قد فشلت تماما رغم كل الإغراءات المالية المقدمة و لذلك فكر عقل الرجل في اغتنام حلول هذا الشهر الكريم لاستغلال أداء التراويح للاختلاط بالمصلين و الاندساس بينهم و محاولة استمالتهم و تشجيعهم على مؤازرته في محنته أو في مواجهته مع من يصفه برجل الاستبداد و الانقلاب على الدستور يعنى الرئيس قيس سعيد.
“يا غنوشى يا سفاح يا قتّال الأرواح”، لعل هذا الشعار المعبّر و الدقيق سيبقى عالقا بالأذهان بالنسبة لأغلبية التونسيين على اعتبار أن مرشد جماعة النهضة هو الشخص التي وجهت إليه سهام اتهام التونسيين بكونه الضالع في التخطيط و التمويل و التدريب و المشرف على أمر تنفيذ عمليات الاغتيال التي طالت كل فئات أبناء الشعب و لعل استعادة الحناجر لهذا الشعار في مثل هذه الأيام لمطالبة شيخ الإرهاب بمغادرة الجامع الذي يؤدي فيه صلاة التراويح تتزامن مع كثير من الذكريات الأليمة و بالذات فاجعة مجزرة الجنود ليلة الأربعاء 16 جويلية 2014 التي اقترفها “أبناء الغنوشي الذين يذكرونه بشبابه” أو من “يمثلون الإسلام الغاضب” أو من يصفهم الشيخ عبد الفتاح مورو “بالأبناء الذين سنعمل على استقطابهم للحركة”.
لعل الثابت و أكيد هذه المرة أن التونسيين قد ضاقوا ذرعا بإصرار هذا الشيخ على مواصلة معركته السياسية المشبوهة رغم ما خلفته من انقسام و ضرب لمقومات الدولة فضلا على قناعتهم بأن مرشد الحركة هو من يقف وراء كل عمليات الاحتكار التي أدت إلى اشتعال الأسعار بشكل غير مسبوق مما عكّر الوضعية المعيشية للتونسيين في هذا الشهر الفضيل بحيث أن مجرد رؤية هذا الشخص بالجامع بعد كل جرائمه من شأنه أن يثير غرائز الغضب و الاحتقان ضده.
“لماذا لا يصلي الغنوشي فى أقرب جامع له و يصر على التحول إلى جوامع بعيدة عن منزله؟”
هذا ما تقوله القاضية كلثوم كنو وهذا ما يدور على كل لسان و ربما هذا ما تقوله عناصر الحراسة المرافقة لمرشد الإخوان و لكن لأن الأمر يتعلق بتصرف شيخ الحشاشين فلا بد من البحث حول الأسباب الخفية التي جعلت الرجل يتصرف بهذه الطريقة.
من المؤكد أن شيخ الإخوان وبحكم ما يتوفر لجهازه السري الخاص من معلومات يعلم خطورة تنقله و ارتياده لبعض الجوامع دون غيرها لكن من الظاهر أن الرجل يريد أن يصنع من نفسه ضحية لما يسميها باستبداد الجهاز الأمني التابع لرئيس الجمهورية وهو من يمنعه من ممارسة شعائره الدينية و حين تتناقل بقض القنوات الأجنبية هذه الأحداث و تصبغها في قالب التعرض لممارسة الشعائر و حرية التنقل و التعبير يكون الهدف المنشود قد تحقق و يكون الهدف السياسي و السعي لكسب النقاط قد أنجز على أكمل وجه. لكن يبقى السؤال ماذا بعد طرد الغنوشي من مسقط رأسه و من مدينة بن قردان و من دار المحامي و أخيرا من جوامع تونس؟
كاتب و ناشط سياسي.
شارك رأيك