يقول المتابعون أن راشد الغنوشي قد قاد حركة النهضة كما قاد حكمها البلاد إلى عقد من الظلام ليكتشف الكثيرون من أبناء الحركة بالذات أن الشيخ و رغم كل الانتكاسات الانتخابية المتلاحقة و تدني نسب الثقة فيه و في الحركة يعيش حالة إنكار مفزعة من شأنها أن تصيب تاريخ و مستقبل النهضة في مقتل و تعطي شهادة وفاة تيار الإسلام السياسي في آخر قلاع هذا التنظيم خاصة بعد السقوط الفاجع للإخوان في مصر و زلزال هزيمة حزب العدالة في الانتخابات المغربية الأخيرة و تراجع الثقة بشكل كبير في حزب العدالة الحاكم في تركيا.
بقلم أحمد الحباسي
تؤكد كل استطلاعات الرأي منذ صعود حركة النهضة للحكم تدني منسوب ثقة المواطنين في زعيم هذه الحركة و أحد مؤسسيها الشيخ راشد الغنوشى، و اللافت للنظر تواصل هذا المنسوب ي الانحدار بشكل يستدعي السؤال عن الدوافع و الأسباب التي تدفع أغلبية المواطنين بأن لا تثق في هذا الرجل.
اللافت أيضا أنه و منذ تأسيس حركة الاتجاه الإسلامي في السبعينات من القرن الفائت كان الشعار المرفوع “الإسلام هو الحل” و تم استخدام هذا الشعار كامل هذه المدة لمواجهة السلطة القائمة ثم للوصول للحكم بعد الثورة و لكن الشعب الذي خرج في اعتصام الرحيل عام 2013 و في محطات سياسية أخرى و آخرها ليلة 25 جويلية 2021 كان يعبر بمنتهى الوضوح عن عدم ثقته بل فقدانه التام للثقة في شيخ الحركة.
التونسي فقد تماما كل ثقة في قدرة الإسلاميين على الحكم
بطبيعة الحال ما حدث في تلك الليلة من حرق مقرات النهضة كان تعبيرا موثقا بالصوت و الصورة على أن المواطن قدفقد الإيمان تماما بقدرة الحركة على الحكم و إنقاذ البلاد كما كان تعبيرا صريحا على تواصل تدنى منسوب الثقة في شيخ الحركة.
يقول المتابعون أن شيخ الحركة قد قادها كما قاد حكمها البلاد إلى عقد من الظلام ليكتشف الكثيرون من أبناء الحركة بالذات و على رأسهم لطفي زيتون و سمير ديلو و عبد الحميد الجلاصى و عماد الحمامي أن الشيخ و رغم كل الانتكاسات الانتخابية المتلاحقة و تدني نسب الثقة في الحركة يعيش حالة إنكار مفزعة من شأنها أن تصيب تاريخ و مستقبل الحركة في مقتل و تعطي شهادة وفاة تيار الإسلام السياسي في آخر قلاع هذا التنظيم خاصة بعد السقوط الفاجع للإخوان في مصر و زلزال هزيمة حزب العدالة في الانتخابات المغربية الأخيرة و تراجع الثقة بشكل كبير في حزب العدالة الحاكم في تركيا.
في خدمة المخطط التآمري القطري التركي الصهيوني في تونس
بطبيعة الحال يرى الناخب في شيخ الإخوان ذلك الشخص المتقلب الانتهازي الذي يطلق مجرد شعارات فارغة من أجل الاستفادة من بقائه في المنصب و تنفيذ المخطط التآمري القطري التركي الصهيوني في تونس كما يرى فيه الأداة الطيعة و المنفذة لنشر الإرهاب كوسيلة فعالة و مدمرة في المنطقة العربية تماما كما حدث في سوريا .
لعل طرح موضوع تدنى منسوب الثقة في شيخ الإخوان راشد الغنوشى يجعلنا نراجع بعض الدفاتر القديمة لتنظيم الإخوان المسلمين و بالذات كيف طرحت هذه المسألة من طرف الشيخ حسن البنا مؤسس هذا الإخطبوط الدموي العنيف.
يعتبر الشيخ حسن البنا أن المرشد معصوم من الخطأ بحيث جعل من انتقاده معصية كبرى و قارن بين طاعته و طاعة الوالدين أو أكثر فالمرشد هو الوالد و الأستاذ و الشيخ و القائد وهي صفات قلّما تجتمع في شخص واحد.
بطبيعة الحال و كما في كل التنظيمات السرية هناك من يقوم بحملات دعاية و تأليه و إسقاط بعض الأوصاف و من يصنع الأساطير بحيث يظن العامة أنهم أمام شخص خارق لا يأتيه الباطل من أيّة جهة و أن هذا القائد الأسطورة قادر على إسقاط الأنظمة و إقامة دولة الخلافة و نصرة الإسلام و بطبيعة الحال و حتى تكتمل الصورة بث دعاية باطلة بأن هذا المرشد هو من سيحرر القدس و من سيرجع بريق الإسلام.
الغنوشي و بطانته لم يجلب لتونس سوى الفساد و البؤس و الإحباط
لكن الحقيقة، حقيقة الغنوشى و أمثاله، تأبى أن تغيب لأن الرجل و حركته الإرهابية لم يجلب إلى تونس شيئا سوى الفساد و البؤس و الإحباط و انعدام الثقة و عليه فقد تعلم الجميع مع الوقت الدرس بأن لا يثقوا بالإسلاميين و ما يرددونه من شعارات و وعود كاذبة.
لقد استفاق الجميع اليوم بأن الثقة التي منحوها للمرشد حتى تكون سبب نجاح مشروع الإخوان قد تحولت إلى سبب رئيسي للفشل و للفساد لأن الثقة المطلقة مثل السلطة المطلقة لا تقود صاحبها إلا للتغول و الاستبداد و الانتهازية في أقذر عناوينها.
يتحدث القيادي المنشق عماد الحمامي أنه باسم الثقة المطلقة في المرشد وقع تكميم كل الأفواه المعارضة ليقع تمرير قرارات لتحصين القيادة من المساءلة و المحاسبة الداخلية و أخيرا لتأبيد حكم المرشد تماما كما يحصل في الأنظمة الشمولية الاستبدادية.
من المؤكد أنه لا أحد داخل تنظيم الإخوان في تونس من غير عائلة راشد الغنوشى يعلم أين تذهب الأموال و التبرعات و الهبات الخارجية و لا كيف أنفقت الأموال لمن تمّ تكليفهم من أشباه الإعلاميين الفاسدين بتبييض و تلميع صورة الحركة و بالذات مرشدها في الداخل و الخارج. يقول المنشق خميس الماجري أن شيخ الحركة يوظف الأموال ليس لضرب معارضيه الخارجيين فقط بل لتشويه معارضيه داخل الحركة نفسها و في عملية التشويه يستعمل الرجل كل الأساليب القذرة و الخسيسة دون ذرة خجل.
أزمة الثقة السائدة داخل حركة النهضة ترافقها حالة إنكار
ربما يتبادر لذهن البعض أن تغيير مرشد الجماعة لتحالفاته الداخلية هو تكتيك سياسي تفرضه الظروف لكن هناك من في قيادة الحركة نفسها مثل وزير الفلاحة السابق محمد بن سالم من يؤكد أن الرجل و بعد ممارسات سياسية زئبقية منذ نجاح الحركة في انتخابات 2011 قد فقد ثقة كل الذين شاركوه الحكم أو تعاملوا معه أو تم وعدهم بالمناصب مثل محمد الغرياني و رضا بلحاج و الصـافي سعيد و نجيب الشابي… كما تؤكد حادثة انتحار العضو في الحركة سامى السيفي في مقر الحركة في تونس و تصريحات الناشط السابق في الحركة كريم عبد السلام و رسائل استقالة قيادات الحركة مثل لطفي زيتون و عبد الحميد الجلاصي أن هناك أزمة ثقة ترافقها حالة إنكار تحدث عنها القياديان سمير ديلو و يمينة الزغلامى.
هذا السقوط فى منسوب الثقة جعل راشد الغنوشي يتحرك فى كل الاتجاهات و يقبل الجلوس مع كل من لفظهم الشعب مثل نجيب الشابي و مصطفى بن جعفر و محمد المرزوقي و جوهر بن مبارك.
لا يظن أحد أن مرشد حركة النهضة يتمتع بمكانة مرموقة لدى القيادة القطرية أو التركية لأن قيادة البلدين تعلم زئبقية مواقف الرجل عبر مسيرته المتقلبة الفاشلة و نومه في فراش القومية العربية ثم في فراش حزب البعث ثم فى فراش آية الله الخميني و فراش عمر البشير و حسن الترابي وهي ترى أنه قادر لو سمحت أو تغيرت الظروف أن يفر للنوم في حضن المؤسسة الدينية السعودية .
صحيح أن مرشد الإخوان في تونس قد قدم خدمات كثيرة و مهمة للمخابرات الأمريكية و الصهيونية لكن الجميع يعلم أن هذه الجهات تدرك أنها تتعامل مع عميل و خائن منبوذ في بلده و على هذا الأساس فهي مستعدة للتخلي عنه وقت اللزوم كما تخلت عن عديد العملاء مثل سعد حداد و أنطوان لحد و غيرهم.
لقد بات سقوط الصنم قريبا جدا و لعل التجاء راشد الغنوشي لفاشل فقد ثقة التونسيين منذ سنوات مثل أحمد نجيب الشابى يشبه ذلك الشخص المتعب الذي يريد الاتكاء على حائط آيل للسقوط و لا بدّ أنكم تعرفون النتيجة.
كاتب و ناشط سياسي.
شارك رأيك