مهما فعل السيد نجيب الشابي و مهما خاتل و تزلف و انقلب و تقلّب و مهما عرض نفسه كالبضاعة البائرة و انتقل أو تقرّب بين قبائل المرتزقة من حمة الهمامي مرورا برضا بلحاج وصولا إلى مرشد الإخوان راشد الغنوشي و مهما استجدى المنصب عند أبواب السفارات و دكاكين الدق على الساخن الممولة من وكالة المخابرات المركزية فلن يصنع الرجل مستقبلا لأن ملفه يبقى منقوصا لا يؤهله للمناصب الرفيعة.
بقلم أحمد الحباسي
يجمع المتابعون للشأن السياسي اليوم أن الأستاذ أحمد نجيب الشابي الأمين العام لما يسمى بحزب أمل و الذي يطلقون عليه إسم “نجيب الله” تذكيرا بالماضي السياسي المشبوه للرئيس الأفغاني الراحل محمد نجيب الله.
الشابي هو أحد أكثر الشخصيات السياسية المتواجدة على الساحة انتهازية. الرجل تطورت انتهازيته مع الوقت و نمت قدراته الذاتية على التلاعب بالألفاظ بسرعة فائقة حتى سقط أخيرا و مؤخرا في مستنقع العمالة لجماعة الإخوان ليفضح تاريخه المليء بالسقطات و المنعرجات و الفضائح و ترتقي خطيئته السياسية و السلوكية إلى مرتبة خيانة الوطن.
الجلوس على كل الكراسي طمعا في المناصب
هذا هو الأستاذ الشابي الذي سقط في قاع بئر الخيانة بشكل لم يكن مفاجئا لكل من تابع مسيرته التي بناها أساسا على النفاق في المواقف و قول الشيء و نقيضه و “تبديل السروج” إلى أين يجد ضالته.
بدأ “نجيب الله” مرحلة السقوط باكرا حين كوّن الخلايا الأولى لفكر حزب البعث في تونس لنجده بعد سنوات من المدّ و الجزر و نقل البندقية من هذا الكتف إلى ذاك الكتف من أول الممضين على الميثاق الوطني سنة 1988 و المساندين لبيان 7 نوفمبر 1987 و آخر المدافعين عن هذا النظام ليلة 13 جانفي 2011.
لم تنته رحلة الجلوس على كل الكراسي و الطمع في المناصب مع نهاية نظام الرئيس الراحل زين العابدين بن على حتى وجدنا الرجل من أول الجالسين مع حركة النهضة و من تحالف معها و أولهم مصطفى بن جعفر و محمد المرزوقي .
كانت نية “الأستاذ” نجيب الشابي دائما تبحث على المناصب إضافة للمكانة السياسية بغض النظر عن فرضية انتهاكه للمبادئ أو هوية الطرف أو الأطراف المشبوهة التي يتحالف معها، المهم عنده هو المنصب و الصعود إلى القمة و بقاؤه في مقدمة المشهد مهما كان الثمن.
اعتبر السيد نجيب الشابي وصول جماعة الإخوان المسلمين في تونس للسلطة سنة 2011 فرصته التاريخية التي جاءته على طبق من ذهب متكئا على علاقته السابقة بقيادات حركة النهضة فيما يسميه بعض مناضلي العار بفترة سنوات الجمر.
خرج من المولد بلا حمص بعد أن فشل في كل الانتخابات
بدأ الرجل فصلا مبتكرا من السلوك الانتهازي المعهود لديه و حاول التقرب قدر الإمكان من مرشد الحركة راشد الغنوشي و من داعميه في السفارات و الدول الأجنبية.
لم يكن سعي الأستاذ نجيب الشابى وليد الصدفة و لا تعبيرا عن موقف مبدئي ضد أو مع الإسلام السياسي بل دخل الرجل مع قيادات هذه الحركة الإرهابية في تفاهمات قصد الحصول على منصب الرئاسة لكن الحركة و كعادتها خذلته و وهبت هذا المنصب و لو بصورة مؤقتة لمرتزق سياسي آخر لا يقل انتهازية إسمه محمد المرزوقي. لم يتحمل “نجيب الله” صدمة انهيار مشروع العمالة السياسية الذي جعله ينزع عنه كل الأقنعة المزيفة التي اختبأ وراءها منذ كان مجرد بعثي صغير لا يلتفت إليه أحد.
خرج السيد أحمد نجيب الشابي من المولد بلا حمص بعد أن فشل في كل الانتخابات التي شارك فيها طمعا في الكرسي بل تعلق به التوصيف و النعت الشهير “جماعة صفر فاصل” غمزا نحوه و نحو المرتزق الآخر حمة الهمامي الذي باع دم الشهيدين شكري بلعيد و محمد البراهمي بما صبغت عليه حركة النهضة من الحظوة و المكانة و جعلته يتجول وسط حراسة أمنية رئاسية تتكلف بالملايين يوميا.
“الطمع و قطع الرقبة متجاوران”
أقسم “سي نجيب” أنه لن يعود إلى حلبة السياسة منزويا في بيته متجرعا مرارة الإحباط و الفشل الدائم لكن كما يقال “الطمع و قطع الرقبة متجاوران” ما لبث أن تسلل عبر بعض شاشات التلفزيون بمجرد فشل الرئيس قيس سعيد في مجاراة قراراته المتخذة ليلة 25 جويلية 2021 ليضع يده المرتخية في يد ملوثة بدماء الشهداء لرجل أقسم التونسيون و بالذات في تلك الليلة التاريخية أنه من يقف وراء اغتيال الشهداء و بيع تونس و نهب ثرواتها اسمه راشد الغنوشي.
ارتدى الرجل مرة أخرى عباءة السياسي المحنك متباكيا على حال البلد لكنه كان خائنا حتى في تلك الصورة التي أراد إقناع المتابعين بصدقها حيث اتهمه حتى الأقربون منه بكونه قد أصبح مجرد خادم طيّع و مطيع في يد سيده مرشد الإخوان.
ما سبق عزيزي المتابع نزر مما تيسّر من سيرة الأستاذ نجيب الشابي و لعلنا لا نكشف سرا حين نؤكد أنه ما كان بخاطرنا أن ننبش في الأوراق و الدفاتر القديمة لكن الرجل يصر هذه المرة على القيام بمحاولة مفضوحة لتبييض حركة الإرهاب و تقديم الغوث لمرشدها الملوث بالدم كل ذلك طبعا بمقابل متفق عليه و هو الطمع مرة أخرى في المنصب و العودة للأضواء بقوة رغم أنه يدرك أنه في سن اليأس ولا رجاء له في الخلفة بمثل تفكيره السياسي الضحل و بتحالفه مع شيخ عاقر آخر أثبتت الأحداث الأخيرة بالذات أنه فقد كل شيء و صار مجرد قارب مثقوب تتقاذفه الأنواء.
قمة النفاق و الانتهازية السياسية
لقد أثبت “الأستاذ” أنه بارع جدا في ممارسة النفاق و الانتهازية السياسية و لكن لنتفق أن ما يجمع الشيخ و نجيب الله هو هذا الشرخ النفسي الحاد الذي نتج عن سنوات الفشل و الضياع و التيه فالمرشد يجد نفسه و هو في هذا السن مراوحا مكانه دون تحقيق أي من أهدافه و المنقلب على المبادئ يجد نفسه في نفس الوضع تقريبا بحيث لم يتذوق لا بلح الشام و لا عنب اليمن.
مهما فعل السيد نجيب الشابي و مهما خاتل و تزلف و انقلب و تقلّب و مهما عرض نفسه كالبضاعة البائرة و انتقل أو تقرّب بين قبائل المرتزقة من حمة الهمامي مرورا برضا بلحاج وصولا إلى مرشد الإخوان راشد الغنوشي و مهما استجدى المنصب عند أبواب السفارات و دكاكين الدق على الساخن الممولة من وكالة المخابرات المركزية فلن يصنع الرجل مستقبلا لأن ملفه يبقى منقوصا لا يؤهله للمناصب الرفيعة.
إن من خرجوا ليلة 25 جويلية 2021 كانوا أكثر صدقا و وعيا لأنهم كانوا يعلمون أن حركة النهضة و من تداولوا في ركبها من يوسف الشاهد إلى مهدي جمعة الى حمة الهمامي و غازي الشواشي و محمد عبّو و مصطفى بن جعفر و المنصف المرزوقي هم سبب البلاء و البليّة و أن من يضع يده أو يثق في هؤلاء الخونة هو عميل و خائن لأرواح الشهداء لذلك لاحظنا كمية الغضب الشعبي الذي تزامن مع عودة الإبن الضال الذي فقد ظله و بات مجرد كومبارس ذليل في يد إخوان الإرهاب.
كاتب و ناشط سياسي.
شارك رأيك