أكد راشد الغنوشي، رئيس حركة “النهضة” ورئيس البرلمان المنحل، أن الاتجاه العام الآن في البلاد هو “رفض الانقلاب والعودة إلى الديمقراطية”، مشيرا إلى أن الدولة “كيان عاقل وستنحاز إلى الشعب”.
وقال الغنوشي في مقابلة مع وكالة الأناضول التركية، إن “المعارضة متجهة إلى التلاقي والذين يتجمعون اليوم حول رفض هذا الانقلاب أكثر من الذين يتجمعون حول دعمه”.
وأفاد الغنوشي بأن “المسار منذ تاريخ الانقلاب (25 جويلية) حتى الآن هو مسار نحو تجميع الرافضين له والمطالبين بعودة الديمقراطية، بينما الاتجاه المقابل هم الذين كانوا كثيرين يوم الانقلاب وقلّوا وتفرقوا ولا نجد تجمعا حقيقيا الآن حول دعمه”.
وأضاف أن “الاتجاه العام واضح وهو رفض الانقلاب وتجاوزه والعودة للديمقراطية وحول هذا الاتجاه المجتمعون أكثر”.
وقال: “في هذا الاتجاه أتت الندوة الصحفية التي عقدها (السياسي أحمد نجيب) الشابي، الثلاثاء، وهي تتجه إلى هذا المنحى التجميعي فهناك 5 أحزاب و5 مجموعات أعلنت نيتها لتكوين جبهة للإنقاذ الوطني والعودة للديمقراطية وهذه جبهة مفتوحة ونتوقع أن يلتحق بها معظم الطيف السياسي والاجتماعي في البلاد”.
وبيّن الغنوشي، أن الذين ” كثير ممن أنجزوا الجلسة العامة (الافتراضية) للبرلمان يوم 30 مارس، كانوا داعمين لـ (قرارات) 25 جويلية والآن تحولوا للجبهة الأخرى”.
وحول جبهة الخلاص الوطني الجديدة، أوضح الغنوشي أنه “بالتأكيد هذا العمل التحشيدي والجبهوي الذي أعلن عنه الثلاثاء لم يكن ثمرة صدفة أو عمل عابر بل ثمرة نقاشات وحوارات بضرورة تجميع القوى المعارضة للانقلاب”.
وبيّن أن “كل ائتلاف وطني يحتاج توافقا أي الناس يتنازلون لبعضهم البعض ويقبلون الحلول الوسطى والتسويات”.
وأردف الغنوشي: “مثلا لم تكن لتنعقد جلسة 30 مارس (بمجلس النواب) والتي كانت حاسمة وتاريخية لولا توافقات وتنازلات من كل الأطراف والاتفاق على أننا لا نتناول القضايا الخلافية في تلك الجلسة فلم تطرح”.
وتابع: “لم يكن ذلك يعني أن من حضروا الجلسة كانوا متفقين على كل شيء، ولكن ما تم التصريح به هو محل توافق وما وراء ذلك خلافات كثيرة بما في ذلك حول الجلسة وكيف تُسيَّر.. وهذه جزئيات بالقياس للمقصد العام وهو سلب الشرعية عن الإجراءات الاستثنائية الانقلابية التي قامت يوم 25 (يوليو) وما تلاها”.
واعتبر الغنوشي أن تجميع المعارضة وإسقاط الانقلاب لإنقاذ تونس من الانهيار “مقصد كبير من أجله نحن مستعدون لتقديم التضحيات الكبيرة مثلما فعلنا ذلك في أزمة 2013 ونحن مستعدون لتقديم كل التضحيات لحفظ تونس وشعبها ودولتها من الانقسام والانهيار .” على حد قوله.
وقال الغنوشي “هذه التوافقات التي تمت في جلسة البرلمان لا تزال مستمرة ولم يحصل أن أحدا ممن حضر تلك الجلسة 126 نائبا تنصل من تلك الجلسة وقال إنها لا تعبر عن إرادتي”.
وأضاف أن “النواب الذين شاركوا في جلسة 30 مارس لا يزالون على العهد وسينضمون جلسات أخرى”، مؤكدا أن ” المجلس ما زال قائما”.
وحول القوى الحقيقية التي تدعم الرئيس سعيّد، قال الغنوشي “الرئيس يستند على الثورة المضادة وليسوا كلهم بل جانب من المضادين للثورة وللنهضة وللحرية ولا يؤمنون أن تونس لكل التونسيين ويراهنون على تونس دون نهضة ودون إسلام سياسي ودون ديمقراطية”.
وأضاف: “هؤلاء هم الذين يدعمون في السياسة والإعلام الرئيس ولا يعني ذلك أنهم يشاركونه الإيديولوجيا بل يشاركونه في البحث عن فرصة لضرب النهضة ولو أدى ذلك إلى القضاء على الديمقراطية في البلاد”.
وتابع الغنوشي: “الثورة المضادة هي السند الأساسي لسعيّد إلى جانب أجزاء من الدولة”.
وزاد: “هذه الاطراف لا تزال إلى حد الآن داعمة للرئيس للأسف، لكن تقديرنا أن التاريخ عودنا أن هذه القوى إخلاصها في النهاية هو للأوطان و للمصلحة العامة،”
وفسر الغنوشي “إذا جاء حكم يهدد المصلحة العامة وأصبح ذلك ظاهرا بيّنا وأصبح الشعب يشعر بذلك شعورا عميقا فان الدولة تتخلى عن الدكتاتور والحاكم الذي غدا يمثل ثقلا مرهقا على الشعب، وهكذا تخلت الدولة عن بن علي في 14 جانفي2011 وتركته يهرب بجلده”.
وتوقع الغنوشي أنه “عندما يصل التباين أعلى حالة بين مصلحة الشعب وبين الحاكم، فالدولة تنتصر للشعب وللمصلحة العامة”.
حول انعكاسات هذه الأوضاع على ظروف التونسيين المعيشية حيث سجلت الأسابيع الماضية نقصا في المواد الغذائية الأساسية وشوهدت لأول مرة في تاريخ تونس طوابير أما المخابز قال الغنوشي: “قبل أن تعيش الأزمة الاقتصادية والاجتماعية تعيش تونس أزمة سياسية، والأزمة السياسية هي سبب الأزمات الاقتصادية والاجتماعية”.
وأضاف أن “الأزمة السياسية تتمثل في الانفراد بالسلطة والانقلاب على الدستور والتراجع عن الحريات العامة التي تمتعت بها البلاد لمدة 10 سنوات فأصبح لنا شهداء الآن وتعذيب واعتقالات تعسفية ومحاكمات عسكرية لمدنيين وهي أمور كنا نظن أن الثورة حسمت فيها”.
واعتبر الغنوشي، أن “هناك ردّة حقيقية عن مكاسب الثورة ولم تكن الأزمة الاقتصادية والاجتماعية لتكون بهذه الحدة التي عليها اليوم، لو لا الوضع السياسي الذي حصل فيه انقلاب كامل، الأمر الذي عكر وعقّد المسألتين الاقتصادية والاجتماعية”.
وتابع: “الآن تونس محاصرة ماليا بسبب أن العالم يريد التعامل مع وضع مستقر، ولا استقرار إلا مع الديمقراطية في تونس، لأن تونس ليس لها نظام بنيته عسكرية بل هي مدنية ديمقراطية”.
وزاد الغنوشي: “الوضع السياسي القائم وضع شاذ عن تاريخ تونس فضلا عن انقلابه عن عشرية الحرية وعشرية الديمقراطية”.
ووفق الغنوشي: “هناك أزمات مركبة منها الأزمة الاقتصادية والاجتماعية التي جعلت تونس مهددة حتى بالمجاعة، ولأول مرة في تاريخها الحديث يصبح التونسي يبحث بلهفة شديدة عن الخبز وعن الدقيق وعن الزيت وعن السكر أي الأشياء الأساسية التي لم تفقد في يوم من الأيام في تونس في كل العهود”.
شارك رأيك