في الرسالة التالية التي نشرها على صفحته الفايسبوك أستاذ القانون الصادق شعبان ينصح زميله السابق في الجامعة و رئيس الجمهورية التونسية الحالي قيس سعيد بأن لا يدخل تونس في مغامرات غير مضمونة النتائج وأن يكتفي في برنامجه الأصلاحي بما يريده الناس و يستجيب لطموحاتهم في العيش الكريم.
بقلم الصادق شعبان
العفو صديقي… كتبت و نصحت… لا مصلحة عندي سوى مصلحة الوطن… و قد تبيّن الأيام صحّة ما قلت… غضب مني البعض… و رحّب الكثيرون… و لكني ماض في طريقي و هو الطريق الصحيح..
العفو إن سوف أحرج… فهذا في مصلحة البلاد و العباد … و في مصلحتك أنت
ثمان نقاط …
أولا : لا تدخل البلاد في مغامرات… إكتفِ بما يريده الناس… النظام الرئاسي و التصويت على الأفراد… تخلّى عن البناء القاعدي و الاقتصاد الأهلي، فهما أقل ما يقال فيهما عبث و مغامرات…
ثانيا : إستمع إلى الحساسيات السياسية و لإلى المنظمات الوطنية و إلى كبار الجمعيات، و خذ بما يشيرون به قدر الإمكان، فإدارة الدولة تقتضي ذلك…
ثالثا : إعط للحكومة هامش عمل كبير في المجال الاقتصادي و الاجتماعي، و اتركها تبادر، و غيّر إن توجب التغيير، وأشر عليها بالاستماع إلى الناس، و حماية مصالحهم، و تحسين ظروف عيشهم، و طمئن رجال الأعمال في هذه المرحلة الانتقالية، و اخلق مناخ استثمار جديد… هذا للحكومة الحالية… أما حكومة المستقبل فلها عمل كبير ينتظرها و عليها الاستشراف و التخطيط لتدارك ما فات و اللحاق بركب النمو…
رابعا : نشّط العلاقات مع الحكومات الصديقة و مع المؤسسات المالية الدولية، فتونس منذ زمن بعيد تعيش من هذه العلاقات الطيبة، و هؤلاء ليسوا أعداء و كانوا معك في البداية… تفهموا مسار 25 جويلية، و عرفوا أن منظومة 2011 لفضها الشعب… طلبوا فقط تأسيس ديمقراطية حقيقية في أسرع وقت… و نصحوا بتشريك الأطراف في كبار الإصلاحات…
خامسا : لا تستخفّ بالتعيينات في المناصب العليا للدولة، فكل تعيين خاطئ له كلفة كبيرة، و كل شغور يرتب خسارة… و اعلم أن أغلب الكفاءات الكبرى عملت مع الرئيس الراحل زين العابدين بن علي… فحاول أن تجعلهم من صفّك و بدونهم لن تتقدم كثيرا…
سادسا : إبحث دائما عن وحدة البلاد، و عن استمرار الدولة، و عن الاستقرار… وحِّد و صالِح … لا تنسى انك رئيس كل التونسيين … و رئيس الدولة الضامن لوحدتها الساهر على استمرارها… و الصلاحيات التي تمارسها بالفصل 80 و الفصل 72 إنما تمارسها بهذه الصفة و لهذه الأهداف…
سابعا : وضّح المسار، حتى يقدر الناس السير معك، و اعلَم أن من كان معك يوم 25 جويلية لا يريد العودة إلى الوراء و في نفس الوقت لا يريد الخوض في مغامرات… إنهم يريدون منك إتباع ما قلته لك الآن… فلا تخذله و لا تتركه ييأس…
ثامنا : لا يستهويك التصفيق و التهليل… كن متيقظا منتبها… و حذاري من أي طريق خاطئ، فمن معك اليوم قد يتخلى عنك في منتصف الطريق…
نحن نريد أن نبني معك… لا نقبل بأي هدم… و تاريخ تونس قديم ثري و لم يبدأ الآن…
أستاذ جامعي في القانون ووزير سابق للعدل.
شارك رأيك