ليس بالدساتير تبنى الأوطان ولا بفصولها تحصن حقوق المواطنين. في تونس عشنا مع دستور 1959 ننتظر أن نصرخ في وجه الاستبداد ‘حريات حريات ” وقضينا عشر سنوات وما يزيد مع دستور 2014 ننظر لحقوقنا المدسترة بلا آفاق ولا أمل.
بقلم القاضي عمر الوسلاتي
أنا لم اعد أثق في الدساتير. الدساتير مجرد نصوص تكتب من أجل أن نرى أحلامنا تتحقق فنشعر بالفخر والسعادة، ومضحك أن نجري كالأطفال ونرفع صور الأحزاب والعلم ونفاخر به بين الأمم، ومضحك أن نقول أننا فخر الدول، لقد صار لنا دستور، نحن أصحاب الدساتي المزورة، و كما رفع المصحف لحقن دماء المسلمين، سيرفع الدستور بين الفرقاء، لحقن دماء الوطن والمواطنين.
أنا لم اعد أثق في الدستور ولن أذهب للاستفتاء، وأمنح صوتي للفراغ والتجارب لأني ما زلت أتذكر تجارب الفأر المسكين وأستاذ العلوم يشرحه وهو يموت لأجل ـن نتعلم. و عشت مع دستور 1959 أنتظر أن أصرخ في وجه الاستبداد ‘حريات حريات ” وقضيت عشر سنوات وما يزيد مع دستور 2014 أنظر لحقوقي المدسترة بلا آفاق ولا أمل.
وضعوا لنا دستورا فيه كل ما نشتهي، وما يزيد وأغلقوا المنافذ وسدوا الفرج ومداخل شياطين الإنس وكأنهم يخططون لإسقاط الهرم لأن أساسه مغشوش.
أنا لم أعد أثق مرة أخرى في كتابة الدساتير فآخر رجل مات من أجل الدستور تحصل على نصب في شارع بلا نور ومبولة -ليست تلك التي غيرت تاريخ الفن – في نهاية الطريق، كانوا يقولون أنه أب الدستور، من وقتها كنت أعتقد أن الدساتير كالأنبياء تاتي بالوحي ثم تمضي ولكنها تترك اللصوص يزورون الأحلام بقراءة فصول الدستور لأنهم هم فقط يعلمون تأويله. والراسخون في الدستور والمختصون حين فسح لهم المجال كشفوا أنهم من زيف النصوص من أجل الرئيس كما زيفوا القرآن من أجل الملوك والمال والمناصب، هذا نص يكتبه لص لينتفع بمغانم السلطة المغشوشة، وهذا كتاب على الحساب فيه جميع حقوقنا المدسترة عندما أتذكر كم من مظاهرة خرجت فيها و شاركت في كل المظاهرات التي أصبحت مدسترة والجمهورية مدسترة والحرية مدسترة والكرامة مدسترة وفي النهاية كان دستور الفصول ورغم تحصينه أسقطه فصل واحد وهو الفصل 80.
ليس بالدساتير تبنى الأوطان ولا بفصولها تحصن الحقوق وكأن كل واحد منا يحتاج فقط إلى قرطاس صغير يضعه في بؤبؤ العين تكتب فيه “تونس” لتصان من العبث… حفنة تراب تكفي للقسم.
شارك رأيك