وانا أشاهد علي مر إحدي عشر سنة ماتعيشه بلادنا من أحداث تسلسلية يومية “لا رأس ولا أساس” لها كما يقول المثل الشعبي التونسي، تنتهي الأولى لتليها الثانية، وهي بالآلاف، ينتابني شعور عميق بأن التونسي أكان “رجل سياسة” أو مواطنا عاديا يحمل في أعماق نفسة روحا سطحية تعشق العبث واللعب وحتي الاستهتار!
بقلم رؤوف الشطي
التونسي كتلة من التناقضات وزئبقي الطبع لايستقر له حال، فهو مزاجي لا يميل إلى الجدية… يحب اللعب ويعشق أرباع الحلول. هو صامت في غضبه صاخب في فرحه، يميل مع النعماء حيث تميل لكنه مستقر في البحث عن مصالحه، لا مصالحه الاستراتيجية بل مصالحه الآنية… لأن الوقت لا يعني له أي شيء… هو ما يهمه “أحييني توة واقتلني غدوة”، أو كما قال امرىء القيس “اليوم خمر وغدا أمر” وهذه هي فلسفة العبثية والأنانية الآنية ولاشي غيرها…
عند انبلاج فجر “الفوضى الخلاقة”، و أعني “الفوضى الهدامة”، في بلادنا في جانفي 2011 بفعل فاعل، لخص السفير أحمد ونيس أثناء برنامج تلفزي في فيفري 2011 الوضع في كلمة عميقة كلفته منصبه آنذاك كوزير للخارجية ولم يكن تجاوز أربعين يوما علي رأس الوزارة، وهي كلمة “تونس تعيش في عربدة الضوضاء”….
في ذلك الوقت لم يكن أحد يتصور أن مسلسل ما ستعيشه تونس من أحداث يومية سوف يؤكد صحة هذه الكلمة الفلسفية العميقة التي سبر فيها الرجل أعماق شخصية التونسي العبثية…
ما نعيشه اليوم عندما نري على سبيل المثال الشطحات البهلوانية لنجيب الشابي و عياض بن عاشور وزعيم الإخوان راشد الغنوشي… الذين يقدمون أنفسهم اليوم بكثير من الصلف كمنقذين للبلاد رغم فشلهم الذريع طيلة عشرية بأكملها… نتأكد أن العبث و منطق العبثية وسموم السيكوزفرانية متأصلين في التونسي أكان مواطنا عاديا أو من”وجهاء القوم”…،
هذا ينطبق أيضا بالتمام والكمال علي 90% من أفراد الطبقة السياسية أكانوا ممن يسمى المعارضة الأزلية أو في دفة الحكم…
وبما أن العبث لا ينتج منطقيا إلا العبث، فالأشياء مرشحة إلى أن تتواصل علي هذا المنوال بل قد تتعقد في بلاد يعتقد كل “سياسي” أو شبة سياسي فيها أنه الزعيم الحبيب بورقيبة أو الجنرال شارل ديغول وانه يملك الحقيقة وأنه المنقذ ولا أحد يستطيع أن يحل محله…
والسؤال هو كيف الخروج من هذه السكة التي تحملنا إلى المجهول وقد انطلق القطار منذ إحدى عشرة سنة بسرعة تزداد يوما بعد يومم دون الوصول إلى المبتغى؟
سفير سابق.
شارك رأيك