” إن القاضيات والقضاة الحاضرين بالاجتماع الطارئ للمجلس الوطني لجمعية القضاة التونسيين يوم السبت 04 جوان 2022 بتونس العاصمة بدعوة من المكتب التنفيذي وبحضور ممثلي الهياكل القضائية المتمثلة في نقابة القضاة التونسيين واتحاد القضاة الإداريين وجمعية القاضيات التونسيات وجمعية القضاة الشبان للتداول بشأن التداعيات الخطيرة للأمر الرئاسي عدد516 لسنة 2022 المتعلق بإعفاء 57 قاضيا وتنقيح المرسوم عدد11 لسنة 2022 المؤرخ في 12 فيفري 2022 والمتعلق بإحداث المجلس الأعلى للقضاء المؤقت بمقتضى المرسوم عدد35 لسنة 2022 المؤرخ في 01 جوان 2022 ،
أولا: يستنكرون وبشدّة مواصلة رئيس الجمهورية التدخل في السلطة القضائية وفي الصلاحيات الموكولة لها من خلال إصداره للمرسوم عدد35 لسنة 2022 واستيلائه على صلاحيات المجلس الأعلى للقضاء واسناده لنفسه صلاحية اعفاء القضاة دون المرور بالمسارات التأديبية في مخالفة للحد الأدنى من معايير حق الدفاع المكفول دستوريا والمضمون بموجب المعاهدات الدولية المصادق عليها من الدولة التونسية والمكفولة بموجب القوانين الأساسية.
ثانيا: يؤكدون أن المرسوم المذكور في حكم العدم وأن الأمر الرئاسي عدد516 مثّل مذبحة قضائية هدفها تصفية عدد من قضاة السلسلة الجزائية بالمحاكم الذين تمسكوا بالإجراءات القانونية السليمة وبحسن تطبيق القانون ولم يخضعوا للضغوطات والتعليمات المباشرة لرئيس الجمهورية والتي تستهدف مباشرة قضايا منشورة لديهم او لتعليماته المسداة لوزيرة العدل من خلال تفعيل الفصل 23 من مجلة الاجراءات الجزائية، ويعبّرون عن تضامنهم المطلق معهم.
ثالثا: يسجلون أن تلك المذبحة قد طالت رئيس المجلس الاعلى للقضاء الشرعي والقضاة الذين انتقدوا قرارات رئيس الجمهورية في علاقة باستقلال القضاء وتمسكوا بشرعية المجلس الاعلى للقضاء المنحل مما شكل محاكمة للأصوات الحرة وتعديا على حق القضاة في التعبير.
رابعا: يؤكدون أن تلك الاجراءات لا صلة لها بمحاربة الفساد وبمحاسبة القضاة بل تندرج في إطار وضع رئيس الجمهورية يده على السلطة القضائية وتحكمه في المسارات المهنية للقضاة وتدخله في سير القضايا وتوجيه مساراتها والتحكم في ماَلاتها، ويشددون على أن الاصلاح لا يكون الا من خلال المؤسسات وعبر التطبيق السليم للقانون والضمانات المكفولة للأشخاص والمتعلقة بحق الدفاع والتقاضي من خلال ممارسة الطعون.
خامسا: يعتبرون ان إطلاق يد رئيس الجمهورية في إعفاء القضاة طبق المرسوم عدد35 وبناء على سلطته التقديرية وما توفر له من تقارير سرية مجهولة المصدر وغير معلومة بالنسبة للمعنيين بها قد خلق مناخا من الترهيب والترويع لعموم القضاة دون استثناء وألغى كل تمظهرات استقلال السلطة القضائية وضمانات استقلال القاضي ويحذرون الرأي العام والشعب التونسي والمنظمات الوطنية الى خطورة ذلك على واقع الحقوق والحريات.
ونظرا الى أن الوضع الراهن للقضاء بجميع أصنافه العدلي والاداري والمالي أصبح يفتقر لأدنى ضمانات الاستقلالية مما سينعكس سلبا على واقع الحقوق والحريات باعتبار أنّ القاضي الضامن لها أصبح يعمل تحت قصف الاعفاءات السياسية الظالمة والجائرة، فإنهم يقرّرون:
أولا: تعليق العمل في جميع المحاكم العدلية والإدارية والمالية لمدة أسبوع قابلة للتجديد بداية من يوم الاثنين 06 جوان 2022 باستثناء قضايا الإرهاب المتأكّدة والأذون بالدفن.
ثانيا: دعوة القضاة إلى عدم الترشّح إلى الخطط والوظائف القضائيّة الشاغرة بموجب أمر الإعفاء كعدم تعويض الزملاء المعفيّين والقيام بالأعمال الموكولة إليهم.
ثالثا: دعوة القضاة العدليين والاداريين والماليين إلى عدم الترشّح إلى عضوية الهيئات الفرعية للانتخابات.
رابعا: تنفيذ اعتصام مفتوح بكلّ مقرات الهياكل القضائية.
خامسا: دعوة الوكلاء العامين لدى محاكم الاستئناف ووكلاء الجمهورية إلى عدم الإلتزام بالتعليمات غير القانونية الموجهة إليهم من وزيرة العدل المستندة إلى أحكام الفصل 23 من مجلة الإجراءات الجزائيّة بوصفه فصلا غير دستوري ومدخلا للانحراف القانوني وللهيمنة على مسار التتبعات الجزائية وللتوظيف السياسي للقضاء .
سادسا: إحداث هيئة تنسيقية تضمّ مختلف الهياكل الممثلة للقضاة لاتخاذ القرارات اللازمة وفقا لتطوّر الأوضاع.
يتوجهون بالشكر إلى كلّ القوى والمنظمات الوطنية التي بادرت بالتعبير عن تضامنها مع القضاء والقضاة وبالدفاع عن استقلال السلطة القضائية في هذه المرحلة الخطيرة ضدّ كل اعتداء.
يدعون الهياكل الممثلة للقضاة لعقد ندوة صحفية لإنارة الرأي العام حول تداعيات الأوامر والمراسيم التي اتخذها رئيس الجمهورية على ضمانات السلطة القضائية وحماية الحقوق والحريات.
يدعون القضاة إلى الالتفاف حول هياكلهم وممارسة سلطاتهم بكامل الاستقلالية والنزاهة والحياد دون خضوع لأي ضغوطات أو ترهيب. “
عن المجلس الوطني
رئيس الجمعية
أنس الحمادي
شارك رأيك