من يقول ان الدستور الذي طرحه الرئيس قيس سعيد على استفتاء 25 جويلية القادم داعشي فهو إما جاهل بالقانون و إما حقود… ليس للتعبيرات التي خصصت للإسلام في التوطئة و في المتن أي أثر مباشر على التشريعات، و الدولة باقية مدنية لا ريب في ذلك…
بقلم أ.د الصادق شعبان
عدنا إلى 1959…
كان عناد ثورة… دستور 2014 كلفنا المليارات مباشرة و آلاف المليارات من جراء الفوضى و تعطل الدولة و انهيار الاقتصاد…
بعد عشرية خراب… عدنا من أين انطلقنا…
دستور 2022 يكاد يكون دستور 1959…
نظام رئاسي : رئيس يضع السياسة العامة للدولة و يختار حكومة تساعده و مسؤولة أمامه، و برلمان يراقب من خلال القوانين (يناقشها و قد يرفض التصويت عليها) و من خلال الميزانية و بالأسئلة للحكومة و في حالات قصوى توجيه لوائح اللوم…
دسترة مكاسب المرأة التي حصلت في 2002 أعيدت بحذافرها، اي كل حقوق مجلة الأحوال الشخصية، و العمل على تطويرها ، و كذلك ضمان تكافؤ الفرص بين المرأة و الرجل عند التعيينات و السعي للتناصف في المجالس المنتخبة…
الإضافة هي هذه المحكمة الدستورية التي لن تكلف شيئا للميزانية، و لها اختصاص واسع… ليست محل تجاذبات حزبية… محكمة من تسع قضاة يجلسون بحكم صفتهم … سوف تباشر عملها فورا إثر دخول الدستور حيز النفاذ… كل من له قضية الآن و يرى ان القانون المطبق غير دستوري يمكنه الدفع بعدم الدستورية… اين نحن من تلك المحكمة التي يتخاصم الأحزاب على افتكاكها و استعمالها لأغراضهم السياسية…
الإضافة هي أيضا هذا المجلس الوطني للجهات و الأقاليم (من 80 ممثل للجهات تقريبا) له اختصاص في مجال مخططات التنمية و الميزانية و لو اني لا أرى له فاعلية حقيقية…
الدولة باقية مدنية لا ريب في ذلك
من يقول ان الدستور داعشي فهو إما جاهل بالقانون و إما حقود… ليس للتعبيرات التي خصصت للإسلام في التوطئة و في المتن أي أثر مباشر على التشريعات، و الدولة باقية مدنية لا ريب في ذلك…
ملاحظة واحدة : هذه التوطئة… أقول فيها كلمات ثلاث…
اولا : أرادت ان تصعد في الثورجية لكنها في الأخير اعتمدت النظام البورقيبي الذي ثارت ضده إذ ليس هناك لتونس اليوم أفضل منه…
ثانيا : أرادت ان تبين عراقة الفكر الإصلاحي و الحركة الوطنية و لكن نسيت ان الحركتين قامتا على فكرة الأمة التونسية و على الهوية التونسية و الإشارة إلى اننا أجزاء من أمم أخرى لا فائدة فيها فالعصر اليوم ليس لمعارك الهويات و العالم كله تجاوز هذه الخلافات…
ثالثا : أرادت ان تؤصلنا في التاريخ هذا حسن لكن الأحسن هو أن ترسم لنا التوطئة توجهات المستقبل و تضعنا فيه…
شتان بين هذا الدستور و ما كنا نتخبط فيه في العشرية السوداء…
أنا أصوت له بكل اقتناع…
و على أية حال، لم يخطئ الدستور الحالي كما أخطأ دستور 2014 بغلق النوافذ… فالتعديل أصبح ميسرا و الاستفتاء ممكنا… و كلما ظهرت الحاجة للتعديل عدلنا…
ليس ثمة دستورا مثاليا… و كذلك ليس كل ما يتمنى المرء يدركه…
وزير سابق و أستاذ في القانون.
شارك رأيك