لا تراجع عن الحريات والحقوق الإنسانية
لا استفتاء على مدنية الدولة ورفضا لسياسة الأمر الواقع
نحن الجمعيات والمنظمات التونسية المجتمعة يوم الخميس 14 جويلية 2022 بمبادرة من المنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية والجمعية التونسية للنساء الديمقراطيات والنقابة الوطنية للصحفيين التونسيين، انطلاقا من ايماننا الراسخ بالمبادئ الكونية لحقوق الإنسان، وتحملا لمسؤوليتنا التاريخية تجاه شعبنا وتجاه وطننا، نعلن تأسيسنا الائتلاف المدني من أجل الحرية والكرامة والعدالة الاجتماعية والمساواة حتى يتسنى لنا مجابهة التحديات التي تواجهها بلادنا في علاقة بمسار معطوب للاستفتاء على دستور ممنوح تمّ وضعه خلال فترة الاستثناء التي لم يتم تحديد سقف زمني لها. وإنّه امام هذه الازمة التي تواجهها تونس وامام تعنت رئيس الجمهورية وانفراده بالسلطة والقرار وعدم التشريك الفعلي للقوى الوطنية المتشبثة بحقوق الانسان والديمقراطية التشاركية التي تناضل من اجل بديل اجتماعي اقتصادي مؤسس على المساواة والعدالة الاجتماعية وتكافؤ الفرص بين الجهات وبين النساء والرجال وبين مختلف الفئات.وايمانا بدورنا الطلائعي وتحملا لمسؤوليتنا التاريخية نعبر في البداية، عن انشغالنا العميق:
- لما آلت اليه الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية في ظل غياب السياسات العمومية الناجعة، حيث تقهقر مستوى عيش المواطنات والمواطنين وتدهورت المقدرة الشرائية بسبب الارتفاع المتواصل للتضخّم الذي بلغ في شهر جوان 2022 نسبة 8.1 %، في الوقت الذي واصلت نسبتا البطالة والفقر على ارتفاعها خاصة في صفوف النساء والجهات الداخلية.
- من تواصل استفحال الفساد وعدم التوجه الفعلي لمقاومته ومن الاجراءات الارتجالية التي تمّ اتّخاذها وبيّنت حالة الارتباك التي تعيشها سلطة ما بعد 25 جويلية، وعدم وجود برنامج واضح لمقاومة هذه الظاهرة خاصة بعد تجميد نشاط الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد وتمرير قانون مصالحة في شكل جديد دون أثر واضح اقتصاديا واجتماعيا.
- التمشّي الانفرادي والأحادي لرئيس الجمهورية طوال فترة الاستثناء التي لجأ فيها إلى حل المؤسسات والهيئات الدستورية وإلى اعتماد سياسة “التمكين” على أساس الولاء، واتّجاهه إلى إفراغ معنى الحوار التشاركي والفعلي وتعويضه بحوار شكلي استشاري ترك نتائجه جانبا واعتمد نصا دستوريا خاصا به
تشير الجمعيات والمنظمات المجتمعة إلى أنها قد نبّهت منذ الوهلة الأولى إلى ضرورة اتخاذ الضمانات الكافية حتى نجنّب بلادنا كل مؤشرات الحكم الانفرادي المطلق وتحميها من كل اشكال الاستبداد. وطالبت في هذا الإطار بتسقيف الفترة الاستثنائية والتوجّه إلى حوار وطني تشاركي لإنقاذ البلاد من أزمتها الاقتصادية والاجتماعية وإيجاد الحلول الكفيلة بذلك، والعودة السريعة للمسار الديمقراطي والاتّفاق على الإصلاحات السياسية العاجلة. وإنه بعد سنة كاملة منذ فرض حالة الاستثناء تبيّن بالكاشف التوجه الانفرادي في السلطة والقرار والعودة إلى نفس الممارسات التي عانى منها الشعب خلال 10 سنوات ، ومنها سياسة “التمكين” وضرب قيم المواطنة وتكافؤ الفرص والتناصف، وتفكيك المؤسسات والهيئات الدستورية وتمهيد الطريق لمشروع هلامي متمثل في البناء القاعدي تمّ التأسيس له من خلال مشروع دستور جديد تتمركز فيه السلطة في يد الحاكم الشعبوي-رئيس الجمهورية وينتفي فيه التوازن بين السلط، وتتشتت فيه سلطة مجلس نواب الشعب وتدجّن خلاله السلطة القضائية لتصبح أداة طيّعة في يد من يحكم.
إزاء هذا الوضع الجديد اجتمعت منظمات وجمعيات ونشطاء ونشيطات المجتمع المدني يوم 14 جويلية 2022 لتكوّن سلطة مضادة عبّرت عن رفضها لمشروع الدستور في نسخته الأولى والثانية المنشورة في الرائد الرسمي عدد 74 و77 وللمسار برمّته الذي همّش الجمعيات والمنظمات والقوى الوطنية الاجتماعية والديمقراطية ويسعى تدريجيا إلى ضرب التعددية والتنوّع وكافة الأجسام الوسيطة.وتقسيم التونسيات والتونسيين إلى ثنائيات متضادة، وتنصيب الرئيس لنفسه -في خضم ذلك-، كمجسدٍ شاملٍ وجامعٍ،’’ للشعب يريد‘‘، وكأبٍ له في إطار رؤية ذكورية ووصاية بطرياركية. وتسجّل أنه من الناحية القانونية، قد ذهبَ رئيس الجمهورية في تنقيح فردي للمنظومة الانتخابية بمقتضى مراسيم وأوامر تتمثل أبرزها في:
● تنقيح القانون الانتخابي بما يتلاءم مع تحقيق أهداف محددة للرئيس الذي استثنى الفصل 113 في دعوته للاستفتاء في إنكار تام لحق التونسيات والتونسيين في الاطلاع على مشروع الدستور الذي سيتم تنظيم الاستفتاء حوله، كما اتجه إلى تغيير تركيبة هيئة الانتخابات وتعيين أعضائها مباشرة من قبله، وذلك بمقتضى الأمر الرئاسي عــدد 459 المؤرخ في 9 ماي 2022، والذي استند في مقدمته على دستور 2014، والحال أنّه مخالف في جوهره للمبادئ والقيم التي جاء بها هذا النص على غرار الفصل 21 القاضي بإقرار المساواة بين المواطنات والمواطنين، والفصل 46 المتعلق بتكافؤ الفرص.وبهذا تنتفي صفة الاستقلالية عن هيئة الانتخابات بحكم تعيين أعضائها من قبل رئاسة الجمهورية حصرًا، ولا يتم العزل والإفتاء إلاّ بمصادقته، مما ينفي تماما استقلاليتها وحيادها.
وفي إطار نفس التمشّي أقرت رئاسة الجمهورية والهيئة اللاّ-مستقلة للانتخابات مسارا انتخابيا لا يضمن الحقوق الأساسية:
● بإقرار مراقبة ما قبلية للحملات الدعائية،وإجبار الجمعيات حتى في حملاتها على الانخراط ضمن سجل لا نعرف مآله،وهكذا تمت مصادرة حرية التفكير وحرية التعبير.
● لم تلتزم كلّ من رئاسة الجمهورية وهيئة الانتخابات بالرزنامة التي وضعت منذ البداية، والتي لم تكن في استجابة لواقع الأشياء، لأنها أمر مباشر من رئيس الجمهورية، وفقًا لرؤيته الخاصة، مما يؤكد غياب الاستقلالية وارتهان نزاهة الانتخابات لقرارات فردية.
● لم تكتفِ رئاسة الجمهورية بذلك فقط، بل ذهبت في تغيير لمحتوى النص الموضوع للاستفتاء، دون استشارة لهيئة الانتخابات، وفي تجاوزٍ صارخ لصلاحياتها، وفي مغالطة تاريخية للناخبات والناخبين… ما هو المشروع الذي وضع للاستفتاء إذن؟
وإذ تشير الجمعيات والمنظمات والنشطاء والنشيطات في المجتمع المدني،إلىأنهفي سياق حملة الاستفتاء قد تم نسف التعددية السياسية،وإرساء بروبغندا مُهيمنة ناطقة بالـ’’نعم‘‘للاستفتاء، مُحتكرة بذلك إرادة الشعب . فإنها تعتبر أن ما يجري هو: - مصادرة لحق الأجيال القادمة في ديمقراطية إدماجية، ونسفًا لكلّ مكتسباتنا المتعلقة بالدولة المدنية
- ضربًا لكلّ مكتسبات الثورة التونسية و نضالات المجتمع المدني
- تكريسًا لرؤية ذكورية أبوية تسلطية على المواطنات والمواطنين وكلّ الهويات الجندرية اللاّ معيارية
- استفتاء على صاحب المشروع وليس على الدستور
- استفتاء نتائجه معلومة مسبقًاولا شرعية له، وذلك لغياب آليات ضامنة لمساءلة الهيئة العليا للانتخابات مجروحة الاستقلالية، وغياب تام أيضا لميكانيزمات المحاسبة من طعنٍ، ورفضٍ، ومراقبة، والتضييق على الإعلام بشكلٍ بينٍ
وإزاء ذلك، تطالب برفع قضية ضد هيئة الانتخابات، وبالعدول عن الاستفتاء، وبفتح حوار شاملٍ، كما أنّها تعبّر عن استعدادها التام لتنظيم كافة أشكال الاحتجاجات السلمية التي تراه وممارسة كافة آليات الرقابة التي لديها لرصد خروقات هذا المسار المعطوب.وبالنظر لما يطرحه الاستفتاء المقرر ليوم 25 جويلية 2022المقبل من إشكاليات قانونية كثيرة ومن تمشّ� أحادي مفروض ومن تكريس لسلطة لسلة انفرادية، فإنها: - تطالب رئيس الجمهورية، بـإيقاف هذا النزيف ووضع حد لهذه الأجواء المتأججة والعدول عن هذا الاستفتاء وتغليب منطق العقل والابتعاد عن الاتهامات غير المبررة وعدم شيطنة كل من خالفه الراي والاصغاء للقوى المدنية المتشبثة بالنظام الجمهوري الديمقراطي وتعزيز حرية التعبير والرقي بكل فئات الشعب وتشريكها في بناء القرار وتطوير الاستثمار.
- تشدّد على التزامها بقضايا شعبنا وحقه في الحرية والكرامة والمساواة وتجدد تمسكها بمسار ثورة 17-14 جانفي وبتراكمات نضالاتها منذ عقود من اجل دحض كل مظاهر الاستغلال والاستبداد ودفاعنا عن الحقوق والحريات وانخراطنا في مسار النضال من اجل وطن حر وشعب يأبى الإهانة والاذلال.
- تؤكد على أن مسيرتها متواصلة من اجل الدفاع عن الحرية والكرامة الوطنية والعدالة الاجتماعية والمساواة الحقيقية،
- ترفض ان تُستفتى عن الحقوق الإنسانية الكونية وترفض الانخراط في مسار ملغوم
- تعبّر عن استعدادها لتنظيم كل الأشكال النضالية المشروعة فهي لن ترضخ للعنف والتهديد والتخوين فقد أقسمت على انتصار الشمس وشمسنا هي تونس.
الجمعيات والمنظمات الموقعة :
المنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية
الجمعية التونسية للنساء الديمقراطيات
النقابة الوطنية للصحفيين التونسيين
الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الانسان
جمعية النساء التونسيات للبحث حول التنمية
الهيئة الوطنية للدفاع عن الحريات والديمقراطية
منظمة مساواة
المرصد الوطني للدفاع عن مدنية
الشبكة التونسية للعدالة الانتقالية
التحالف التونسي للكرامه ورد الاعتبار
جمعية المرأة والريادة
الجمعية التونسية للتربية المدنية
المرصد التونسي لاماكن الاحتجاز
جمعية الكرامة للحقوق والحريات
جمعية العدالة ورد الاعتبار
الجمعية التونسية للدفاع عن الحريات الفردية
دمج الجمعية التونسية للعدالة و المساواة
جمعية بيتي
اتحاد أصحاب الشهادات المعطلين عن العم
الجمعية التونسية للانصاف والعدالة الاجتماعية والكرامة الإنسانية “باسطا”
جمعية تفعيل الحق في الاختلاف
جمعية جسور المواطنة الكاف
جمعية متطوعون بوعرادة سليانة
جمعية افريقية صفاقس
جمعية تيقار القصرين
جمعية صوتكم قابس
جمعية مدى جربة
جمعية الدراسات الاستراتيجية مدنين
باجة جمعية صوت الشاب
اللجنة من أجل احترام الحريات وحقوق الإنسان في تونس
جمعية الشارع فن
منتدى التجديد
جمعية تقاطع من أجل الحقوق والحريات
جمعية المفكرة القانونية – تونس
أصوات نساء
جمعية تجديد وانتماء باجة
جمعية صوت حواء
جمعية المرأة الريفية بجندوبة
جمعية جبلي مطماطة
مبادرة موجودين للمساواة
المنصة التونسية للبدائل
شارك رأيك