سكان جربة يطالبون السلطة في تونس العاصمة بالالتفات إلى الجزيرة التي ستحتضن القمة الفرنكوفونية بعد بضعة أشهر من الآن، فلماذا التماهي ولماذا التراخي أو بالأحرى لماذا اللامبالاة والكل يعلم ما تحمله الجزيرة من تراث وتاريخ وحضارات وما تشكله من ثقل سياحي كبير خاصة في فترة الصيف حيث تكتظ بالسياح من كل جانب وبمواطنيها في الخارج وبساكنيها في الداخل؟
بقلم فوزي بن يونس بن حديد
في مشهد يتكرر سنويا ومعاناة تقسو وتزداد سنة بعد أخرى خاصة في موسم الصيف الحارق، تقف السيارات جنبا إلى جنب في صف طويل وطويل جدا تنتظر العبور إلى جزيرة جربة من منطقة الجرف، أجواء من الانتظار والتعب الشديد والإرهاق بعد طيّ مسافات طويلة في الطريق يبقى المواطنون والسائحون تحت أشعة الشمس الحارقة، نساء وأطفالا يعانون من حرارة الجو من شدة ما يلاقون، وأصوات الرجال تتعالى في المكان وهم ينتظرون ولكن لا مُجيب، ولا حياة لمن تنادي حتى كتب أحدهم على مواقع التواصل الاجتماعي يصف الحالة المأساوية التي وصل إليها المشهد اليومي بالمكان المذكور باللهجة العامية “اللي إحب يڨعد بقدرو… ما يجيناش” تعبيرا عن قمة الغضب والمقت التي سادت المكان.
أحداث عجيبة وغريبة تدور في الكواليس يندى لها الجبين
“البطاحات” كما يسميها التونسيون وهي العبّارات التي تنقل الأفراد والسيارات من الجهتين ذهابا وإيابا، من المسؤول عنها؟ هل هي وزارة التجهيز أو مجموعة أفراد؟
ما نسمعه من حكايات وأحداث عجيبة وغريبة تدور في كواليسها يندى لها الجبين، هناك من يأتي بسيارته يشق الصفوف الطويلة التي تنتظر ساعات ليختصر الوقت في دقيقة ويدخل “البطاح” بكل سهولة ولا يبالي بالآخرين، وهناك من يوقفه من المنتظرين وتحدث أحيانا مشادات كلامية بين من يريد الدخول بقوة وبين السائق أو المسؤول عن العبّارة فيوقفون الحركة تماما وتتوقف لساعات أخرى وتزداد المعاناة.
منذ أن كنا صغارا ونحن نرى المعاناة بادية على وجوه الناس، يتذمرون من الواقع حينما يبقون ينتظرون ساعات وساعات للدخول إلى الجزيرة أو الخروج منها، ونعلم أن هذه المشكلة ستستمر، فلم تجد حلا لا في السابق ولا في اللاحق، وبقيت متعاظمة إلى اليوم، رغم وجود عدد كبير من البطاحات لكنها إما معطلة أو متوقفة أو أوقفها العاملون لحاجة في أنفسهم يريدون التحكم فيها حسب أهوائهم متَحدّين قانون البلاد، ومتجاهلين معاناة الناس.
وقد زار المنطقة غير واحد من وزراء التجهيز في الحكومات السابقة على اختلاف توجهاتهم الحزبية، وقد وعد بعضهم المواطنين بتسوية الأوضاع في هذه المؤسسة البحرية، غير أن عدم استقرار بعض الوزراء جعل هذا الملف يتيه في صحراء المكاتب الوزارية رغم أن أحد نواب البرلمان المعلق سالم الأبيض ذكر أن هناك ميزانية مرصودة
لمشروع إنشاء قنطرة آجيم الجرف من الاتحاد الأوروبي غير أنها ذهبت إلى غير ما رُصدت له.
وجاء يومًا أحد المسؤولين في الدولة ليخبرنا أن الصين تعْرضُ علينا الاستثمار في هذا المشروع، وقد قامت بالدراسة الأولية وبإعداد مخطط والنظر في التفاصيل، إلا أنه توقف فجأة واختفى فجأة بل اختفى الحديث عنه جملة وتفصيلا وكأن لم يكن، فمال هؤلاء المسؤولون لا يفقهون حديثا، تعالوا وانظروا إلى معاناة المواطنين اليومية وهم يفترشون الأرض ويستظلون بالشمس الحارقة، جباههم تتصبّب عرقا، وأطفالهم لا يتحملون ما أصابهم من الحر، في مشهد يصوّر كل المعاناة، ولكن في المقابل متى تتحرك الحكومة التونسية من أجل هذا الملف؟ لماذا يتلذذون بمعاناة المواطنين؟
التخفيف عن الناس حرّ الشمس وطول الانتظار والإرهاق
من خلال هذه القراءة نرفع شكوانا بكل جرأة وشجاعة، ونعلي أصواتنا حتى يسمعونا، فلا يمكن أن تستمر هذه المهزلة، ولا يمكن أن تلعبوا بأعصاب مواطنينا، ولا يمكن أن تعرضوهم للخطر، نطالب الدولة من أعلى هرمها إلى رئيسة الحكومة إلى المسؤولين في وزارة التجهيز إلى المسؤولين عن البطاحات في آجيم، بضرورة التدخل سريعا وإيجاد
الحلول المناسبة والعاجلة والفورية للتخفيف عن الناس حرّ الشمس وطول الانتظار وتلافي التعب والإرهاق الذي ينتج عن الضغوط المتزايدة من أجل أن ينعم جميع التونسيين الذين يتوجّهون إلى جزيرة جربة بهوائها العليل وبحرها الجميل وتاريخها المجيد.
نطالب بالالتفات إلى جزيرة جربة وهي التي ستحتضن القمة الفرنكوفونية بعد بضعة أشهر من الآن، فلماذا التماهي ولماذا التراخي أو بالأحرى لماذا اللامبالاة والكل يعلم ما تحمله الجزيرة من تراث وتاريخ وحضارات وما تشكله من ثقل سياحي كبير خاصة في فترة الصيف حيث تكتظ بالسياح من كل جانب وبمواطنيها في الخارج وبساكنيها في الداخل.
شارك رأيك