إان الخطاب السياسي السائد اليوم في تونس لن يسمح باسترجاع ما فات من تبذير للهبات و الديون التي حصلت عليها الدولة منذ 2011 و لا يبشر حتى بتغيير كاف في العقليات والتوجه نحو خلق الثروة عوضا عن المطالبة بها كأنها بضاعة نهبت يقتصر الأمر على استرجاعها وتوزيعها. (الصورة : الرئيس قيس سعيد يسأل وزيرة المالية و محافظ البنك المركزي عن”الأموال المنهوبة”).
بقلم إلياس القصري
يتساءلون عن مصير الهبات و الديون التي تحصًلت عليها تونس منذ 2011 و الحال انً معظمها موًل العجز التجاري مع تركيا والصين على حساب النسيج الاقتصادي التونسي و لا تزال الآليًات الموضوعيًة التي تسبًبت في ذلك سارية المفعول.
هذه الأليات هي السياسة التشغيلية في الوظيفة العمومية والقطاع العام التي لا علاقة لها بمقاييس الكفاءة و الإنتاجيًة و سياسة تعويض أصبحت عنوانا للتبذير و الفساد وتهريب تجاري مستشري و اقتصاد ريعي يتمتع بحصانة غريبة الاطوار.
يتجاوز عدد المسؤولين عن تبذير الهبات والقروض التي تحصلت عليها تونس منذ 2011 طاقة استيعاب السجون و حتى النزل إذا أرادت الدولة استغلالها كمؤسسات سجنية ذلك ان معظم الشعب التونسي في خضمً تخميرة الثورة ظنً و تصرًف كأن الدولة والقطاع العام بئر بدون قاع واستشرت النظريات الاشتراكية والتضامنية التي جعلت الدولة مسؤولة عن منح كل الحقوق و ضعيفة أو مشلولة في فرض الواجبات خصوصا الاقتصادية منها.
ان الخطاب السياسي السائد لا ينذر بتغيير كاف في العقليات والتوجه نحو خلق الثروة عوضا عن المطالبة بها كأنها بضاعة نهبت يقتصر الأمر على استرجاعها وتوزيعها.
عوضا عن الخطب الرنانة يستوجب القطع مع عقلية التوكل على دولة الرفاهة (Etat providence) و التقيد بمفاهيم حسن الحوكمة و تحفيز الانتاجيًة والقطع مع كل مظاهر التبذير و التهرب والتهريب.
و لذلك لا فائدة في البحث عن أكباش فداء فالدولة والخطاب السياسي السائد في البلاد منذ 2011 أول مسؤول عن هذا الوضع المتردًي و استفحاله.
سفير سابق.
شارك رأيك