لا يمكن الحديث عن تسريبات السيدة نادية عكاشة مديرة الديوان الرئاسي سابقا و استهدافها لإشراف شبيل حرم رئيس الجمهورية قيس سعيد دون الإشارة إلى ارتكاب الرئيس لحماقة كبرى و خطأ كبير في الكاستينغ عند اختياره لهذه السيدة التي تمثل بوجودها إلى جانبه طابورا خامسا نظرا لحساسية و أهمية المنصب التي كانت تشغله دون حسيب أو رقيب.
بقلم أحمد الحباسي.
الجميع اليوم إلا من رحم ربّى لا يتورعون عن أي سيئة أخلاقية يصفون بها خصومهم و لا عن أي شتيمة يتمنون أن تصيب أي معارض لهم بسوء و الكل في هذه المعركة الفاقدة للشهامة و الأخلاق و المروءة لا يرون حرجا في المسّ من الأعراض و قذف المحصنات و بث الإشاعات الحاقدة و الكاذبة كل ذلك لضرب الخصوم و جرّهم تحت وابل الشتائم و السباب في مزارع الفيسبوك المسمومة.
سموم السيدة المطرودة من القصر
ولعل السيدة نادية عكاشة مديرة ديوان الرئيس قيس سعيد السابقة هي من افتتحت هذه المعركة و أتت بما يندى له الجبين في تلك التسريبات الهابطة التي قفزت على واجب التحفظ و على حفظ ما يقال في المجالس عملا بالقاعدة المثلى “المجالس بالأمانات” كل ذلك باسم الحقد و روح الانتقام بعد أن تم التخلص منها و طردها شرّ طردة من القصر الرئاسي.
لسنا في وارد الدفاع عن السيدة إشراف شبيل بصفتها حرم السيد رئيس الجمهورية قيس سعيد أو بصفتها قاضية عرفت بنزاهتها و نظافة يدها و رفعة أخلاقها فهذه السيدة لم تفقد لسانها أو رجاحة عقلها حتى ننهض مناصرين لها و لكن من حق المرء اليوم أن يتساءل لماذا يستهدفون هذه السيدة و لماذا يحاولون دقّ إسفين مسموم بينها و بين زوجها و أب أبنائها و لماذا التجأت سيدة القصر نادية عكاشة لما التجأت إليه من هابط و فاحش القول للمس من شرف هذه السيدة و من طهارة علاقتها بزوجها؟ بل لماذا تعمدت هذه السيدة المطرودة من القصر إدخال شقيقة زوجة الرئيس في روايتها “الهاتفية” غير البريئة و من أشار عليها بفبركة كل هذه الأراجيف الحمقاء و من كانت الجهة الحاقدة على الرئيس التي قامت بعمليات تسجيل المكالمات و اقتطاعها و تسريبها و هل تعاونت هذه السيدة المشبوهة مع جهات استخبارات أجنبية و كيف كانت وضعيتها العقلية حين أجرت هذه المكالمات المثيرة للغثيان .
من الواضح للعيان أن استهداف حرم السيد رئيس الجمهورية و بصرف النظر عن كونه عمل و تصرف جبان و مذموم فهو عمل مشين يراد منه خلخلة ثقة الرئيس في ذمة زوجته و الإيحاء للعموم بأن الرئيس ليس في مستوى مسؤولية إدارة البلاد و لعل ما يلاحظ هنا أن سيدة القصر التي بنت أحلاما أو قصورا من الرمال طيلة فترة وجودها كرئيسة للديوان الرئاسي لم تكن لها الشجاعة و الشهامة لتنشر هذا الغسيل العفن و تستقيل بل كان همها هو البقاء في المنصب و وضع بيادقها من الخونة و العملاء في المناصب السياسية و الإدارية المهمة للدولة و استغلال صراعها المجنون مع وزير الداخلية بالذات لربح النقاط في انتظار أن يصغى الرئيس لوساوس شيطانها و يقوم بإزاحته و بعدها تنتقل بتلك الوساوس لنصب فخ لرئيسة الحكومة و التمكن من إزاحتها و الحلول مكانها.
لقد سقطت هذه السيدة اللعوب فجأة و في لحظة من الظاهرأنها لم تقرأ لها حسابا و لذلك أرادت الإيحاء بأن الرئيس غائب عن الوجود حتى تخفي وقع الصدمة التى هزّت كل طموحاتها الانتهازية مرة واحدة.
لا يمكن الحديث عن تسريبات السيدة نادية عكاشة و استهدافها لحرم رئيس الجمهورية دون الإشارة إلى ارتكاب الرئيس لحماقة كبرى و خطأ كبير فى الكاستينغ عند اختياره لهذه السيدة التي تمثل بوجودها إلى جانبه طابورا خامسا نظرا لحساسية و أهمية المنصب التي كانت تشغله دون حسيب أو رقيب.
حالة اختراق مرعبة لأسرار الدولة
لعله غنى عن البيان و التذكير أن تنصيب هذه الموظفة في تلك المسؤولية لم يكن يوما محلّ ترحيب من الكثير من الوجوه و الشخصيات السياسية و لعله من الوجيه اليوم المطالبة بمحاسبة الرئيس رغم كونه قد حصّن نفسه بقلعة “دستورية” صعبة المنال و الاستهداف.
يضاف إلى ذلك مطالبته بكشف خفايا هذا الملف و بيان دواعي إقالتها و ما تملكه المخابرات التونسية حول الملف و علاقة هذه الشخصية الغامضة بعدة دوائر خارجية متآمرة على تونس.
إن ملف السيدة نادية عكاشة هو ملف اتهام للرئيس من ناحية كونه قد أخطأ عدة مرات في كل التعيينات بدء من تعيين رئيس الحكومة المستقيل إلياس الفخفاخ الذي تبين أنه مشكوك الذمة المالية مرورا بتعيين هشام المشيشي الذي تبيّن أنه مشكوك في ذمته الأخلاقية انتهاء إلى تعيين هذه السيدة التي مثل وجودها داخل القصر حالة اختراق مرعبة لأسرار الدولة.
يمكن القول هذه المرة أن تعيين هذه السيدة المشبوهة قد أرتد كالبوميرانغ (boomerang) على سمعة و وحدة عائلة الرئيس بحيث شكلت مضامين التسريبات الهاتفية المجتزئة و التي لا تزال تثير كثيرا من علامات التعجب و الاستفهام زلزالا سياسيا زعزع الثقة تماما في اختيارات الرئيس لأعضاء ديوانه أو حكومته و هناك حديث اليوم فيه تشكيك كبير حول صواب رؤية الرئيس السياسية خاصة أن تونس قد باتت تعيش حالة من العزلة السياسية الدولية غير المسبوقة بسبب بعض سوء التصرفات الرئاسية و بحثه عن الإثارة أو “البوز” (Buzz) الشعبوبة بعد أن لاحظ الجميع انحدارا متواصلا لشعبيته و فقدانه لكثير من أصدقائه المقربين و آخرهم “القائم بأعمال تفسير رؤية الرئيس” السيد أحمد شفتر.
لعل ما كشف أخيرا من وجود تزوير انتخابي شاب عملية استفتاء 25 جويلية الأخير قد ألقى مرة أخرى بظلاله على كامل عملية الاستفتاء و بالذات حول الاتهام بشبهات التزوير التي صوبها البعض لرئيس هيئة الانتخابات السيد فاروق بوعسكر وهو… أحد الأشخاص الذي اختارهم الرئيس في ما يبدو أنه هفوة فادحة أخرى.
كاتب و ناشط سياسي.
شارك رأيك