رغم المكاسب العديدة التي ناضلت لأجلها النساء في تونس قبل الاستقلال وبعده، من مجلة الأحوال الشخصية التي جاءت لتمنع تعدد الزوجات وجعلت الطلاق ينطق على لسان المحكمة لا الرجل بصفته زوج إلى القانون عدد 58 لسنة2017 المتعلق بالقضاء على العنف ضد المرأة و اقرار جملة من الضمانات والحقوق للمرأة، لازلت النساء في تونس تعاني من أنواع تمييز على عدة مستويات، منها القانوني والسياسي و الاقتصادي والاجتماعي وحتى الثقافي، خاصة حين تتقاطع عوامل تجعل من المرأة أكثر هشاشة كالتفقير والإعاقة والانتماء الجغرافي للمناطق المحرومة فمن البديهي أن تكون النساء معرضات بوجه خاص لخطر الفساد.
حيث أن الإطار العام في تونس، بوصفه يتميّز بعدم الاستقرار السياسي وانتشار ثقافة الإفلات من العقاب، له تأثير مباشر على استشراء الفساد في تونس و انخراط المرأة فيه عن غير طوع في أغلب الأحيان.
وحيث تتعرض النساء بصفة خاصة إلى طلبات رشاوى نقدية أو يطلب منھا تقدیم خدمات جنسیة مقابل خدمات أو امتيازات، مما يعوق قدرتھا على كسب دخل أو حتى الحفاظ على أعمالھا.
وبمناسبة الاحتفال بعيد المرأة الوطني تدعو منظمة أنا يقظ إلى:
أولا :ضرورة تدعيم مشاركة المرأة في القطاع العام حيث أن “الفساد يميل إلى أن يكون أقلّ في البلدان التي لديها نسبة أكبر من النساء اللواتي يشغلن مناصب سياسية” للمساهمة في الحدّ من الفساد، وهو امتياز لا يشمل القطاع العام فقط بل ينسحب بدوره على القطاع الخاص حيث أكّدت مجموعة من البحوث أن الشركات التي تعود ملكيتها إلى النساء تدفع نسبة أقّل من الرشاوي مقارنة بالرجال، كما ينظر إلى الفساد على أنّه أقلّ خطرا في الشركات التي يتمّ تمثيل المرأة فيها في المناصب القيادية؛
ثانياً: تحسيس المرأة بخطورة الانخراط في ظاهرة الفساد وتوعيتها بأهمية التبليغ لمحاسبة المتسببين فيها خاصة و أن عدد التبليغات من النساء المتعلقة بالفساد والواردة على منظمة أنا يقظ سنة 2021 لم تتجاوز 34 تبليغا من جملة أكثر من 190 تبليغ (17,89%) بينما وصل عدد التبليغات من الرجال 131 (68.95%) في حين لم يتم الإفصاح عن جنس المبلغ في 25 حالة (12.63%)؛
وتطالب منظمة أنا يقظ الدولة، بصفتها الكافلة للحقوق والحريات،بالقيام بدورها التوعوي الذي يجب أن تضطلع به مع المجتمع المدني على حدّ السواء لنشر مبادئ النزاهة والشفافية، وأخذ التمييز بين المواطنين على أساس الجنس بعين الاعتبار كظاهرة من ظواهر الفساد التي يجب مقاومتها؛
ثالثاً إدراج جريمة الرشوة الجنسية كنوع من أنواع الفساد على مستوى التشريعات المعنية بمكافحة الفساد لتحديد المسؤوليات و تحديد إجراءات التتبع القضائية والعدلية حيث أن النساء تعتبر أكثر استهدافا و عرضة لجريمة الرشوة الجنسية نظرا لغياب تطبيق المساواة بين الجنسين، ليتم استغلال واقعها الاقتصادي والاجتماعي وابتزازها واستغلالها جنسيا مقابل أداء خدمةأو خدمات معينة؛
رابعاً: تفعيل دور مجلس النظراء للمساواة وتكافؤ الفرص بين المرأة والرجل و تحيين مدونات السلوك في القطاعين الخاص و العام بوضع سياسات و آليات تحد من ظاهرة الفساد المسلط على المرأة وضامنة لحقوقها وحرياتها؛
خامساً: تحديد جهة رسمية لاستقبال المبلغات و المبلغين عن الفساد وتوجيههم.ن وحمايتهم.ن خاصة مع إغلاق الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد ومقراتها منذ حوالي السنة، حيث تذكر منظمة أنا يقظ أنها تضع على ذمة المبلغات مستشاريها ومستشاراتها القانونيات (يمثلن 80 % من الفريق) في مركز يقظ لدعم وارشاد ضحايا الفساد؛
سادساً: العمل على تحسين الخدمات المقدمة للنساء و ارجاع الثقة في نجاعة تدخل الأطراف المعنية كالقضاء المختص في قضايا الأسرة والمرأة،و الفرق المختصة بالقضاء على العنف ضد المرأة و العمل على تقليص الاجراءات و تكلفتها وأعبائها.
وأخيرا، تدعو منظمة أنا يقظ إلى التعامل بشكل جدي وحذر من مواقف الرئيس من النساء وحقوقهن والتهديدات الواردة في دستوره الفردي الذي لم ينص على دسترة حقوق المرأة كالمساواة في الأجر وفي الميراث وغيرها من الحقوق الإنسانية الكونية.
شارك رأيك