أما آن الأوان لأن يكف السسؤةلون السياسيون في تونس عن الإستثمار في هموم الناس و مصائبهم و خاصة الكف عن توظيف معاناة النساء الريفيات لأغراض سياسوية محدودة الآفاق و عديمة الجدوى و الإلتفات لما يوفر حلول حقيقية و ناجعة لمشكلات طال أمدها أكثر من اللازم؟
بقلم الجازية الهمامي
عوضاً عن تفريق النساء الى أنواع و الاستهزاء بهن وتأليب بعضهن على بعض، ضمنيا و كما جرت العادة في أحاديث رئيس الجمهورية بمناسبة العيد الوطني للمرأة، كان من الأجدى إعطاء الأمر الواضح والصريح بتفعيل الآليات الخاصة بتمكين النساء العاملات في القطاع الفلاحي من الحماية الإجتماعية ومن ظروف نقل آمن و مريح يحفظ كرامتهن، خاصة و أنه تم في سنتي 2018 / 2019 و بعد سنوات من العمل الدؤوب على هذا الملف، تعديل القانون الخاص بالتغطية الاجتماعية للفئات محدودة الدخل ليشمل فئة العاملات غير القارات في القطاع الفلاحي مع مراعاة خصوصيات عملهن (عمل وقتي و موسمي و لدى عدة مشغلين) و تعديل قانون النقل البري للأشخاص بإحداث صنف جديد من النقل خاص بالعملة في القطاع الفلاحي.
قوانين بقيت حبرا على ورق
تعد هذه القوانين، نظرا لطبيعتها و لما توفره من حماية للنساء العاملات في القطاع الفلاحي و من صون لكرامتهن، من القوانين الرائدة في المنطقة العربية و في القارة الإفريقية. إلا أنها بقيت للأسف حبرا على ورق إذ رفضت الحكومات المتعاقبة و إلى حد الساعة، و لأسباب ظلت مجهولة أو غير مصرح بها، تفعيل الآليات الكفيلة بتنفيذها خاصة منها تلك المتعلقة بتقريب خدمات التسجيل في الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي من النساء في المناطق الريفية و بخلاص معاليم الانخراط عن بعد بواسطة تطبيقة “أحميني” وهي من ابتكار شاب تونسي نال بها عدة جوائز عالمية.
الأدهى و أمر من كل ذلك أن الدولة عبر أجهزتها و مؤسساتها الرسمية هي من عرقلت هذا المشروع في إطار التوظيف السياسي لهذا الملف و بسبب التطاحن بين المؤسسات و خاصة بين القائمين عليها حسب انتماءاتهم الحزبية، و ذلك رغم إبرام اتفاقية شراكة بين الوزارات والهياكل المعنية بتنفيذ المشروع و الشركة الناشئة “أحميني” منذ أوت 2018 (بمناسبة عيد المرأة) .علما و أن تنفيذ هذا المشروع لا يتطلب موارد مالية إضافية و بالتالي لن يكلف خزينة الدولة شيئا.
تواصل حرمان العاملات في الفلاحة من التغطية الاجتماعية
في الأثناء يتواصل حرمان النساء العاملات في القطاع الفلاحي من حقهن في التغطية الاجتماعية و يتواصل نقلهن في شاحنات الموت إذ لا يكاد يمر أسبوع دون تسجيل حوادث قاتلة تذهب ضحيتها نساء من مختلف الفئات العمرية و أمهات هن المعيل الوحيد لعائلاتهن و دون حصول الناجيات منهن على أبسط حقوقهن في العلاج أو في التامين.
لذلك، و في غياب إرادة سياسية حقيقية لاتخاذ الإجراءات اللازمة لتفعيل القوانين المذكورة آنفا و لفض الإشكاليات المتعلقة بالآليات الخدماتية المحدثة في إطارها و الخاصة بالنقل و بتقريب خدمات التغطية الاجتماعية، يصبح حديث من هم في أعلى هرم السلطة عن معاناة النساء في الوسط الريفي و إبداء التعاطف معهن من باب المزايدة و التوظيف السياسي لا غير.
لسائل أن يسأل: إن عجزت الدولة عن رفع هذا الضيم عن فئة من النساء لا تخفى معاناتهن على أحد، و إن عجزت عن إيقاف هذا التطاحن الداخلي العقيم بين مؤسساتها و مسؤوليها والذي بات عائقاً رئيسيا أمام تنفيذ القوانين الخاصة بتوفير ظروف العمل اللائق من نقل و تغطية إجتماعية لفائدة شريحة إجتماعية يعتمد على قوة عملها تواصل الانتاج في قطاع استراتيجي كالقطاع الفلاحي، فكيف لها -أي الدولة- أن تحل مشكلات أكثر خطورة و أكثر تعقيدا !!؟؟؟
أما آن الأوان للكف عن الإستثمار في هموم الناس و مصائبهم و خاصة الكف عن توظيف معاناة النساء الريفيات لاغراض سياسوية محدودة الآفاق و عديمة الجدوى و الإلتفات لما يوفر حلول حقيقية و ناجعة لمشكلات طال أمدها أكثر من اللازم؟
الجازية الهمامي في 13 أوت 2022
شارك رأيك