هل يمكن إعتبار طريقة “الإحتفال” بعيد المرأة هذه السنة مقدمة لما ستكون عليه أوضاعها في ظل دستور المقاصد؟ هذا التساؤل نابع من الملاحظات التالية حول هذا “الإحتفال” الذي انتظم يوم 13 أوت 2022 بالمعهد التانوي للفتيات بدار الجلد بالعاصمة تونس و بإشراف السيدة حرم الرئيس قيس سعيد.
بقلم الجازية الهمامي
أولا- لأول مرة لا يقام موكب الإحتفال في قصر الرئاسة بقرطاج بل خصص له بهو معهد ثانوي في “المدينة العربي” و بحضور باهت و قليل العدد، فلو كلفت جمعية من الجمعيات مثلا بتنظيم هذا الموكب لاستنفرت عددا أكبر بكثير مما رأيناه في موكب أشرفت عليه كل من رئيسة الحكومة نجلاء بودن و السيدة حرم رئيس الجمهورية إشراف شبيل.
ثانيا- تكفي نظرة متفحصة في الوجوه لنرى التجهم و العبوس و لنقرأ الإحساس لدى المشاركات في هذا الموكب بالملل و بأنهن بصدد إضاعة وقتهن في حضور موكب هو أقرب للجنازة منه للإحتفال رغم حضور الفنانة ليلى حجيج و أغنيتها عن العنف ضد المراة (“ناقصين كبي !!!”). و لولا الانضباط الإداري لما خصصت الحاضرات من وقتهن لمواكبة هذا “الحفل” الباهت و الممل.
ثالثا- تكليف السيدة حرم رئيس الجمهورية بالاشراف على هذا الموكب فيه على الأقل رسالتان مهمتان، أولهما فسح المجال من الآن فصاعدا لزوجة رئيس الجمهورية للتدخل في الشأن العام بالاشراف على حدث وطني كان إلى عهد قريب من مشمولات أعلى مسؤول في الدولة. و ثانيهما، و هذا الأخطر في نظري هو ان مسألة الإحتفال بعيد المرأة باتت تعتبر شأنا نسويا و شكليا لا يليق برئيس الدولة إدراجه ضمن اهتماماته الكبرى و في رزنامة عمله الرسمية زيادة على كونه إحتفاء بذكرى إصدار مجلة الأحوال الشخصية صنيعة الحبيب بورقيبة و مصدر فخره الدائم ، لذلك يعهد بتنظيمه بهذه الصورة الباهتة و الكئيبة و في مكان غير رسمي و بعيدا عن الأنظار الى مجموعة نسوية تدبرت أمورها بمكابدة و معاناة كانت واضحة للعيان في الشكل و المحتوى و الفضاء المحتضن للتظاهرة (إحتفال من باب “عندكش، عندي”).
رابعا و أخيرا، ما تطرقت إليه السيدة حرم رئيس الجمهورية في كلمتها الإفتتاحية من ضرورة العمل للحد من كل أشكال التمييز ضد المرأة لا يلزمها إلا هي. و ما قالته يمكن أن يعبر عن قناعتها الشخصية ولكنه لا يلزم الدولة في شيء و لا يمكن ترجمته الى سياسات و برامج و آليات صلب مؤسسات و هياكل الدولة، إذ لا صفة رسمية للسيدة حرم رئيس الجمهورية و بالتالي لا إلزامية لما تقوله أو تتعهد به.
فهل يمكن، بناء على هذا، إعتبار الطريقة البائسة و الكئيبة التي تم بها “الإحتفاء” بالعيد الوطني للمرأة لهذه السنة و تهميشه بتنظيمه بعيدا عن الفضاءات الرسمية للدولة، و بتكليف من لا صفة رسمية له بالاشراف عليه مؤشرا لما سيكون عليه وضع المرأة بعد دخول “دستور المقاصد” حيز النفاذ !؟؟؟ هذا ما أخشاه شخصيا و أتمنى جدا أن أكون مخطئة. و على كل، من يعيش يرى…!
في 14 أوت 2022
شارك رأيك