توجه الأزهر الماجري وهو أستاذ محاضر، ومدير قسم سابق بكلية الآداب والفنون والإنسانيات بمنوبة، برسالة مفتوحة إلى وزير التعليم العالي منصف بوكثير، تحدث فيها عن اخلالات وتجاوزات قانونية صلب لجنة ترقية أساتذة التعليم العالي اختصاص تاريخ ومنها ان رئيسها مُحَالٌ على التقاعد منذ أكتوبر 2020 ومع ذلك لايزال يترأس للجنة المذكورة ويٌمضي محاضر جلساتها وهولا يحمل صفة قانونية.
وفيما يلي نص الرسالة المفتوحة والتي تم نشرها في موقع “الصباح نيوز” بتاريخ 9 سبتمبر 2022، والتي حملت إمضاء الأزهر الماجري:
جناب الوزير
تقدّم بعض الأساتذة الذين وقع إسقاطهم عَمْدًا في دورة التّرقية لرتبة أستاذ تعليم عال اختصاص تاريخ بطعن رسمي في النتائج التي أعلنتها وزارة التعليم العالي بتاريخ 8 جويلية 2022، ولمّا شرعوا في تجميع الوثائق والمعلومات من أجل إعداد ملفّات التّظلّم، وقفوا على جملة من التّجاوزات القانونية والأخلاقية التي اقترفتها لجنة الترقية في حقّهم.
نقتصر على ثلاث عيّنات من هذه الحقائق
الحقيقة الأولى
حصول أربعة مترشّحين من بين السّتة الذين أسقطتهم اللجنة على معدّلات تفوق الخمسين نقطة على مائة (50/100). ذلك أنّ اللجنة غيّرت سلّم التّقييم دون موجب ودون التّنصيص على ذلك قبل شروعها في دراسة ملفات المترشّحين، وذلك باعتماد 60 نقطة على 100 (60/100) كشرط للارتقاء بدلا من 50 نقطة كما يقتضيه المنطق وكما هو جار به العمل. وهو أمر مخالف للقانون، فضلا عن كونه شكل من أشكال المغالطة للوزارة باعتبار أنه مخالف للشبكة المُعْلنة مسبقا.
وقد نتج عن هذا السّلوك إرْجاع 8 خطط فارغة للوزارة من جملة 14! وحرمان زملاء لهم تتوفر فيهم الكفاءة والخبرة والجدارة العلمية نِكَايَةً وانْتِقامًا وتَشَفٍّ، علْمًا وأنّ هذه البدْعة لم يَأْتها أَحَدٌ قبْل هذه اللجنة، وأعضاء هذه اللجنة أنفسهم، ودون استثناء، حصلوا على ترقياتهم إلى رتبة أستاذ تعليم عال بمعدّل 50/100 نقطة
ربّما تقود هذه الجماعة عقليّة مُوغِلة في الإقصاء قِوَامها:”لمّا أدخل أنا، أغلق الباب ورائي حتى لا يدخل أحدٌ بعْدي”، وبناء على هذا المنطق غير السليم، فحتى في صورة حصول من يُرَادُ إقصاؤهم على 60/100 نقطة التي ابتدعوها، ستُرَفّع هذه اللجنة حتْمًا السُلَّم إلى 70/100 نقطة، وبذلك لن ينال هؤلاء المترشّحون مُبْتغاهم ولو أتوْا بالعجب العُجاب، فالهيئة “سيّدة نفسها” حسب ما يروّجون لذلك بِكِبْرِيَاءٍ وتَعَالٍ، مُشدّدين على مقولة:”سياديّة اللجنة” بالمعنى السلبي للكلمة، أيْ هيئة تعمل دون رقيب ولا حسيب.
الحقيقة الثانية:
حصول أحد المترشّحين الذي يتقدّم للمرة الثانية للحصول على رتبة أستاذ تعليم عال أمام نفس اللجنة التي اعتمدت نفس شبكة التقييم على العدديْن المتضاربيْن التالييْن
الدورة الأولى: 54/100 نقطة
الدورة الثانية: 52/100 نقطة
عِلْمًا وأنّ هذا المترشّح أضاف إلى ملفّه القديم مقالا وكتابيْن منشوريْن، فلا يمكن منطقا وقانونا أن يتقلّص العدد المسند للمترشح من 54/100 خلال الدورة الأولى إلى 52/100 في الدورة الثانية، إنّ تقليص العدد رغم تقديم المترشح لأعمال جديدة لملفّه القديم دليل قاطع على عدم جدّية اللجنة واستخْفافها بالمترشحين، ومَسَاسًا بسُمْعتهم العلمية والمعرفية والأدبية.
الحقيقة الثّالثة:
حَمَلنا البحث عن المستندات القانونية والوثائق اللازمة لإدراجها ضمن ملفات التّظلّم إلى اكتشاف حقيقة ثالثة صادمة، فالسيّد رئيس لجنة ترقية أساتذة التعليم العالي اختصاص تاريخ هو مُحَالٌ على التقاعد منذ أكتوبر 2020!! وهذا يعني أنّ علاقته بوزارة التعليم العالي قد انتهت رسْميا منذ هذا التّاريخ، وبالتالي، لم تعد له أيّة صفة بعد إحالة ملفه الشّخصي إلى الصندوق الوطني للتقاعد والحيطة الاجتماعية.
لكن، رغم ذلك، فقد حافظ الأستاذ المتقاعد على منصبه كرئيس للجنة ترقية أساتذة التعليم العالي تاريخ بصفته التي كان يحملها قبل تقاعده! وذلك حسْب الإعلان الرسمي للجنة وتركيبتها التي نشرتها الوزارة بتاريخ 13/12/2021
ماذا حدث بعد ذلك؟ أيْ بعد إحالة الأستاذ المذكور على التقاعد:
بداية سنة 2022، تسلّم الأستاذ المتقاعد (رئيس اللجنة) ملفّات المترشّحين لدورة التّرقية، ودعا أعضاء اللجنة إلى سلسلة اجتماعات،وهو في حالة تقاعد!
مارس 2022، أشرف على الاجتماع الأوّل المخصّص لإعداد شبكة التقييم ومدّها للوزارة للإطلاع والمصادقة، وهو في حالة تقاعد!
أفريل2022، ترأس الاجتماع الثاني الذي وزّعت فيه ملفات المترشحين على أعضاء اللجنة، وهو في حالة تقاعد!
ماي 2022، أدار الاجتماع الثالث المخصّص للمداولات وتقديم التقارير النهائية وترتيب المترشّحين ترتيبا تفاضليّا، وأمضى على محضر الجلسة الجماعي النهائي والمتضمّن إسقاط بعض المترشحّين، وهو في حالة تقاعد وبلا صفة.
فهل يتمتّع “الأستاذ الجليل” بحصانة استثنائية تخوّل له الاحتفاظ بهذه المسؤولية دون غيره ممّن جاء أجل تقاعدهم فتمّ تعويضهم إلاّ هو؟ إذ بقي على رئاسة هذه اللجنة وهو في حالة تقاعد!؟ فهل أنّ سلطة الإشراف على بيّنة من هذه الوضعية غير القانونية؟
وما يدعو للاستغراب خاصّة هو كيف يسمح “الأستاذ الجليل” لنفسه قبول هذه المسؤولية وإنجاز الأعمال المذكورة، وما قد يسْتتْبعها من مقابل مالي وهو يدرك جيّدا أنه في وضعيّة قانونيّة لا تسمح له بذلك؟ هل هو جهْل بالقانون أم تجاهل له؟
لذلك كلّه، فإنّنا نحمّل رئيس اللجنة المتقاعد وأعضائها المسؤوليات القانونية والأخلاقية التالية:
ترؤّس لجنة علمية تنظر في المسار المهني والأكاديمي لصنف من الأساتذة الجامعيين دون صفة شرعية.
التلاعب بالنتائج من خلال عدم الإعلان عن شبكة التقييم قبل الاطلاع على الملفات العلمية للمترشّحين، واعتماد شبكة تقييم تستجيب لمحتوى ملفات بعض المترشّحين وتقصي المترشّحين غير المرغوب في ترقيتهم.
إرجاع 8 خطط فارغة للوزارة، وحرمان زملائهم الذين تحصّلوا على المعدّلات المطلوبة قانونا من حقّهم في الارتقاء.
استغلال السّلطة التّقديريّة التي بحوزتهم باعتماد تقييم سلبي للملفّات العلمية للعناصر غير المرغوب في ترقيتها إجْحَافًا بحقوقهم ومَسَاسًا بسُمْعتهم العلمية والمعرفية والمعنويّة.
جناب الوزير
متى سيقع تدارك هذا الوضع الخطير الذي تسبّبت فيه هذه اللجنة وإرجاع الأمور إلى نصابها باعتباركم الرئيس الفعلي لهذه اللجان؟ والتي تظلّ في كل الحالات استشارية خصوصا بعد ثبوت تجاوزات لجنة ترقية أساتذة التعليم العالي اختصاص تاريخ وانكشاف إخلالاتها العلمية والقانونية.
مع خالص التقدير والاحترام
الأزهر الماجري: أستاذ محاضر، مدير قسم سابق بكلية الآداب والفنون والإنسانيات بمنوبة.
شارك رأيك