أولويات تونس اليوم ليست تجديد الدستور و القانون الانتخابي و تنظيم الانتخابات بل الخروج من الأزمة الاقتصادية و إصلاح الاقتصاد الوطني العاجز حاليا عن دفع حركة النمو و خلق الثروة و إيجاد مزيد من مواطن الشغل.
بقلم إلياس القصري
مع كل الاحترام للمسار السياسي و الجدل حول الدستور و القانون الانتخابي و المشاركة في الانتخابات التشريعية المقبلة من عدمها، هناك إحساس بأن أولويات غالبية الشعب وبالخصوص الشرائح الهشًة من المجتمع التونسي و الطبقة الوسطى التي تدهورت وضعيتها الاقتصادية خلال العشرية السوداء و الموجة الأخيرة من التضخًم، لها أولويات حياتية تهمً قدرتها الشرائية و حظوظها في المحافظة على مواطن الشغل رغم هشاشتها أو الحلم بالولوج إلى سوق الشغل لها و لأبنائها.
الوضع الراهن و مظاهر اليأس والاحتقان لأسباب منها الهيكلية وأخرى من باب المناورة و التلاعب تحتًم اتخاذ إجراءات اقتصادية جريئة بعيدة عن التدابير الترقيعية التي فاقمت الأزمة وعمقتها خلال العشرية السوداء.
المطلوب رؤية مستقبلية طموحة و حنكة دبلوماسية لتجنيد الدعم الدولي لتجاوز الأزمة وإعادة الأمل و الثقة في المستقبل.
في مقدور تونس أن تطمح إلى أكثر من وضعها الراهن و أن تجعل من هذه الأزمة فرصة لانطلاقة جديدة و بناء اقتصاد مزدهر و فرص للارتقاء والرفاه والكرامة لكل شرائح المجتمع بدون إقصاء أو تمييز.
المطلوب الجرأة و الجرأة والجرأة
إصلاح الاقتصاد التونسي يبدأ بإصلاح ميناء رادس التجاري
على غرار عالم الرياضيات اليوناني أرخميدس الذي قال “أعطوني نقطة ارتكاز و سأرفع بها العالم بأسره”، و نظرا لتكاثر التحديات الاقتصادية وتعدًد الإصلاحات التي طال انتظارها، المقترح إيلاء الأولوية القصوى لمعالجة مؤسسة اقتصادية يرى فيها العديد من التونسيين و الشركاء الأجانب تهديدا للاقتصاد التونسي و خزينة الدولة ألا و هو الميناء التجاري برادس الذي يستوجب ثورة حقيقية بتجديد أساليب إدارته و عمله.
يشبًه العديد ميناء رادس برئة الاقتصاد التونسي نظرا لأهميته للتجارة الخارجية والاستثمار بتونس و قد تدحرج ترتيبه في السنوات العجاف الأخيرة إلى أدنى الرتب في تصنيف الموانىء التجارية في العالم نظرا لما يشوبه من سوء تصرف و من مردودية ضعيفة جدًا تقوض فوائد قربنا الجغرافي من القارًة الأوروبية التي تمثل أهم سوق للصادرات التونسية و أول مستثمر في تونس.
ستعطي تنقية ميناء رادس من الشوائب و سوء الإدارة نفسا جديدا للقدرة التزاحمية للنسيج الاقتصادي التونسي و ما ينجر عن ذلك من انتعاشة لسوق الشغل و المداخيل الجبائية للخزينة العمومية و ثقة المواطن و المستثمرين التونسيين و الأجانب في الدولة التونسية.
لقد فشلت كل الحكومات السابقة في فرض القانون على أخطبوط المصالح اللاشرعية في ميناء رادس وأملنا ان يترجم حزم الرئيس قيس سعيد في مقاومة الفساد وبعث الرسائل الإيجابية للمستثمرين التونسيين و الأجانب عن طريق قرارات جريئة للارتقاء بمردودية ميناء رادس إلى مستويات موانىء الدول المماثلة و المزاحمة لتونس وعلى رأسها المملكة المغربية وجمهورية مصر العربية.
سفير سابق.
شارك رأيك