في بيان صادر عنها اليوم الثلاثاء 21 سبتمبر 2022، أطلقت الجمعية التونسية للنساء الديمقراطيات، “صيحة فزع أمام الكم الهائل من التراجعات عن الحقوق المدنية والسياسية “،مطالبة “بسحب المرسومين عدد 54 و55 ومراجعة القانون الانتخابي وإدخال التعديلات الضّرورية بما يضمن انتخاب برلمان تونسي متناصف يعبّر عن تشبّث التونسيين والتونسيات بقيم الحرّية والعدالة الاجتماعية والكرامة الإنسانية والمساواة”
ودعا البيان الذي حمل إمضاء رئيسة الجمعية نائلة الزغلامي “جميع القوى الوطنية والديمقراطية للتّجند للدّفاع عن هذه القيم ووضع حد ّلسياسة الهروب نحو المجهول”، مشددة على ان أن “التناصف مكسبا تاريخيا لم تكتمل بعد صيرورة تفعيله ،ولا مجال للتراجع عنه”.
وفيما يلي نص البيان كاملا:
نحن مواطنات ديمقراطيات لم نكن يوما مكمّلات ولن نكون مزكّيات
لأننا مواطنات نؤمن بدولة القانون والمؤسسات ولأننا تدرّبنا على النضال من أجل الحقوق والحريات ولأننا نعتبر أن الكرامة الإنسانية والمساواة ليست شعارات بل هي منطلقات مسارنا للتصدي لكل مظاهر التمييز والعنف والإقصاء والتهميش في جميع المجالات ، انخرطنا في المسار الثوري من أجل الحرية والكرامة والعدالة الاجتماعية والمساواة .
فنحن النسويات ناضلنا مع كل نساء تونس من أجل ضمان حقوقنا السياسية والمدنية على مرّ الأجيال و تمتعنا بحقنا في التصويت منذ 1957 وذلك قبل عديد الدّول في المنطقة وفي العالم. وكنا فاعلات في الحقل السياسي وما زلنا رغم جميع المصاعب التي اعترضت طريقنا، خرجنا في عديد المناسبات للذود عن حقوقنا ولافتكاكها من الأنظمة السابقة جميعها ،ولعل ملحمة 13 أوت 2013 خير شاهد على ذلك حين اتحدت الجمعيات والأحزاب والآلاف من المواطنين والمواطنات لرفض التّكامل وللمناداة بالمساواة والتناصف كمبادئ أساسية لبناء الدولة المدنية الديمقراطية والاجتماعية.
نحن مناضلات الجمعية التونسية للنساء الدّيمقراطيات التي كانت سباقة في المطالبة بالتناصف والمساواة وعملت مع عديد مكونات المجتمع المدني لإقرار التناصف الأفقي والعمودي في الانتخابات التونسية رغم تعنت الرّجعيات وقوى الثورة المضادة، نعتبر أن التناصف مكسبا تاريخيا لم تكتمل بعد صيرورة تفعيله ،ولا مجال للتراجع عنه.
فبعد تركيز هيئة انتخابات ذكورية استبعدت النساء من المسار الانتخابي عنوة ولم يتم تذكرهن الّا للتزكية، نرفع أصواتنا عاليا للتعبير عن عدم قبولنا بانتخابات تستثنى فيها النساء ودولة تنتهك الحرّيات وتكمّم الافواه إمّا بالمراسيم أو بالمداهمات والاعتداء على الأجساد والأفكار والمعتقدات.
لقد ندّدنا بكل تمشّي انفرادي وطالبنا بمشاركة حقيقية للنّساء والشّباب في جميع القرارات ووقفنا ضدّ كل بوادر الإقصاء والتهميش لعديد الفئات، لنتفاجأ مّرة أخرى بهذه العقلية الاقصائية وبمعاقبة من تحصّل على جنسية أخرى إمّا لنجاحاته أو لما اقتضته أقدار الهجرة ومتطلبات العمل.
لقد جاء المرسومان عدد54و55 في قطيعة تامّة مع ما ناضلنا من أجله وطوّرناه وتعلّمناه من تجارب الشّعوب وكلّ الأحرار التواقين للدّيمقراطية الحقيقية التي تحمي المحكومين قبل الحكّام وتعزّز الكرامة لكلّ مواطن ومواطنة في كنف المساواة وتكافؤ الفرص في كل المجالات.
– إن الاقتراع على الأفراد سيفتح باب الفساد والتراجع عن مبدأ المساواة بين النساء والرّجال وبين الجهات وسيعمّق التّفرقة ويعزز القبلية والعروشية إضافة لإقصاء النساء والشباب من الحياة السياسية .
– كما أن الاعتماد على أحكام المرسوم عدد 45 لملاحقة الصحفيين والمدوّنين وكل أصحاب الرأي المخالف ، بالنظر خاصّة إلى التشديد في العقوبات البدنية تجاه قضايا التّعبير ،يخالف التوجه العالمي في مجال حرّية التّعبير المضمونة بالفصل 19 من العهد الدّولي للحقوق السياسية والمدنية المصادق عليها من الدّولة التونسية . لذلك ندعو الجميع للتصدي لقانون ضرب الحريات واستبداله بحماية ضحايا العنف السيبرني وضمان الولوج الى المعلومة حتى تدحض كل الاشاعات.
وفي هذا الصدد تتابع الجمعية التونسية للنساء الدّيمقراطيات بكل حرص تواتر الاعتداءات الأمنية والايقافات العشوائية لعدد من الشباب والشابات ومن المدوّنين والمدونات والصّحفيين والصحفيات بدءا بالمدوّنة مريم البريبري مرورا بالمدوّن غسان بن خليفة وصولا للصحفي سفيان بن نجيمة، وتنبّه الى مخاطر هذا التوجه على الحرّيات ازاء تواصل سياسة الإفلات من العقاب .
كما تتابع تدهور الوضع الاقتصادي وتفاقم مظاهر الفقر و تراجع مرافق التعلّم واستحالة التداوي والتنقل وما صاحبه من فقدان لأبسط ضروريات الحياة مع ارتفاع غير مسبوق للأسعار وما رافق ذلك من تفشي للجريمة وتضاعف الفساد وما صاحبه من اعتداءات على الأرواح والممتلكات و تحذر من خطورة الوضع والإسراع بإيجاد حلول عمليّة لهذه الأزمة الاقتصادية والاجتماعية بدل الشعارات الرّنانة .
نحن النّساء الدّيمقراطيات نطلق صيحة فزع أمام هذا الكم الهائل من التراجعات عن الحقوق المدنية والسياسية ،ونطالب بسحب المرسومين عدد 54 و55 ومراجعة القانون الانتخابي وإدخال التعديلات الضّرورية بما يضمن انتخاب برلمان تونسي متناصف يعبّر عن تشبّث التونسيين والتونسيات بقيم الحرّية والعدالة الاجتماعية والكرامة الإنسانية والمساواة وندعو جميع القوى الوطنية والديمقراطية للتّجند للدّفاع عن هذه القيم ووضع حد ّلسياسة الهروب نحو المجهول.
عن الجمعية التونسية للنساء الديمقراطيات
الرئيسة نائلة الزغلامي
شارك رأيك