من قناة إلى قناة و من إذاعة إلى اذاعة، البرامج “المزدهرة” و التي تلاقي شعبوية لدى المشاهدين هي التي تدور حول الشعوذة و الجرائم و تفسير الأحلام… و لا غير. و في ما يلي رأي مكي هلال:
“حين تزدهر فقط برامج الجريمة والتلصص والتلوث البصري والنميمة والشعوذة ومساءلة عالم الغيب عوض محاورة المسؤولين عن الوضع الكارثي في البلاد ومساءلتهم أمام ناخبيهم ومواطنيهم، وحين يصبح صناع هذه البرامج أبطالا ونجوما وأيقونات منتفخة بالهواء والهراء ومنطق التكسب فقط والرقص مع الذئاب وعلى كل الحبال ، فاعلم أن تونس ليست بخير أبدًا وأن ثورتها فشلت وصورتها تدهورت وأن إعلامها يترنح ولا يقوم بدوره ولا يستفيد من هامش الحرية أو يسعى لتوسيعه… أو هم نفس المسؤولين بالتواطؤ مع القائمين على تلك الدكاكين الإعلانية يريدونه كذلك ، حتى لا يحاسبهم أحد وحتى ينخرط الجميع في حفل تنكري ‘ترفيهي’ أساسه نسب المشاهدة والخفة والإثارة وركوب الموجات العابرة أو الترند…
في كل بلدان العالم توجد الصحافة الصفراء لكن توجد معها وتوازيها وتوازنها الصحافة الجادة أيضا، إلا في تونس يقاسي الصحافيون المؤمنون بالجودة وأدوار الإعلام الحقيقية التهميش والإبعاد والإقصاء والعزلة والتشكيك وحتى قطع الأرزاق .
إننا بإعلامنا هذا، وقد ظنناه أصبح رياديا وحرا بعد الثورة ، نتجه إلى الحائط بأقصى سرعة وستنكسر أظلعنا جميعا وتُشوه وجوهنا وسنهدم، بقوة هذا الارتطام، ما تبقى من هذا الوطن !
في الصور ترجمة بصرية حرفية للعبارة التونسية الشهيرة : داخل في حيط”.
شارك رأيك