تكريم المتقاعدين له أكثر من أثر، ولكن كان من الضروري أن تتجه الدولة إلى نخب المتقاعدين الأكفاء ودعوتهم لتشخيص أوضاع البلاد، وهذا في نظري تقدير معنوي يفوق أي تقدير مادّي. إنّ أغلب الدول المتقدمة تثق بعطاء الإنسان وأدائه بعد سن التقاعد، لما له من فوائد لصالح البلاد والأجيال القادمة.
بقلم محسن بن عيسى
سنوات لا بأس بها مرت منذ إحالتي على شرف المهنة. بلغت السبعين وتجاوزتها، ولكن إحساسي المرهف بالزمن جعلني أعتبر أنّ ما قمت به قبل هذا السن كان عاديا، وأنّ هناك مجالات أخرى لازالت متاحة للتقدم فيها، مجالات مفعمة بالحياة. كنت وسأظل مقتنعا بأنّ الإنسان في صراع دائم لضمان وجوده، وتثبيت استقراره وتنمية موارده. لقد عشت بعد التقاعد تجربة جديدة مع الحياة العامة والكتابة والنشر والعودة إلى رحاب الجامعة مرحلة ثالثة.
لا شك أنّ مسؤولية العمل في أجهزة الدولة علمتنا الكثير خاصة وأنّ عالم الأمن الداخلي ممتلئ بالمخاطر من كل جانب.
لقد عملت تحت إمرة 16 وزيرا وعدد أقل من ذلك من آمري الحرس الوطني، ولا يقف التاريخ للأسف إلا عند عدد قليل منهم. في هذا الخضم عشت مع من كانوا تحت مظلة الكفاءة تكريس ثقافة روح الفريق والعمل الجماعي، وواجهنا البعض دفاعا عن أفكارنا في التطوير والتحديث.
الفكرة السائدة اليوم أن تكريم المتقاعدين له أكثر من أثر، ولكن كان من الضروري أن تتجه الدولة إلى نخب المتقاعدين الأكفاء ودعوتهم لتشخيص أوضاع البلاد، وهذا في نظري تقدير معنوي يفوق أي تقدير مادّي. إنّ أغلب الدول المتقدمة تثق بعطاء الإنسان وأدائه بعد سن التقاعد، لما له من فوائد لصالح البلاد والأجيال القادمة.
في هذا السياق أتساءل ألم يحن بعدُ الوقت لإنشاء مجلس استشاري من المتقاعدين ذوي الخبرة والمستوى العلمي على مستوى وزارة الداخلية يعاضد المجلس الأعلى لقوات الأمن الداخلي، ويساهم في تأطير ظاهرة ” الخبراء المزعومين”؟
ضابط في الحرس الوطني متقاعد.
شارك رأيك