قبل الإجابة عن السؤال المطروح في عنوان المقال لا بد من الرجوع إلى المواقف السابقة لكثير من هؤلاء السياسيين الذين سارعوا منذ اللحظات الأولى لما يسمونه بانقلاب 25 جويلية 2021 لمساندة شيخ حركة النهضة راشد الغنوشي الذي وجد نفسه صباح اليوم الموالي وحيدا يتذلل أمام باب مجلس النواب طالبا من الضابط المناوب تركه يدخل لممارسة مهامه دون جدوى.
بقلم أحمد الحباسي *
بالنسبة للسيد جوهر بن مبارك مثلا يعتبر الشيخ راشد الغنوشى راعي الإرهاب في تونس الذي استهدف أفراد المؤسسة العسكرية و الأمنية كذلك الأمر بالنسبة للسيدين صافى سعيد و أحمد نجيب الشابي فماذا تغير ليسارع هؤلاء و غيرهم بوضع اليد في يد هذا الذي وصفوه صراحة و دون لبس بالسفاح و قاتل الأرواح؟
بالمقابل هل تغيّر شيخ حركة النهضة و هل أثبتت الأيام و الأحداث براءته من دماء الشهداء أو من تعامله مع جهات أجنبية تمول الإرهاب أو من قيادته للجهاز السري الذي استهدف بالاغتيال الشهيدين شكري بلعيد و محمد البراهمى؟
الشيخ راشد الغنوشي لم يتغير إلا للأسوأ و الأقبح و حتى من كانوا من أشد مناصريه مثل السيد عماد الحمامي يقولون ذلك بصوت عال لكن الذين تغيّروا هم هؤلاء الذين يصلون صلاة الغائب و أحيانا صلاة الاستسقاء و هم متجمعون بربطة المعلم الشيخ المتصابي سياسيا الأستاذ أحمد نجيب الشابي فى حضن شيخ التكفير و الإرهاب المسمى راشد الخريجى الغنوشي الباحث عن مزيد سلخ الجسد التونسي و إشباع نهمه للدماء و الذبح على الهوية و اختراق مؤسسات الدول و نهب ما تبقى من فتات ثروات الوطن المنهك.
خطاب “النضال” و الدفاع الكاذب عن الحريات
هؤلاء مثل جوهر بن مبارك أتقنوا ضربان اللغة و كل قواعد الصرف و النحو فباتوا يبثون خطاب “النضال” و الدفاع الكاذب عن الحريات مستعملين مفردات محقونة بالنتانة إلى حدّ الغثيان. كلهم أجراء عند مقاول كبير باعوا ضمائرهم بأبخس الأثمان دفعتهم خيباتهم وإخفاقاتهم المتكررة للتنكر لدماء الشهداء و للراية الوطنية راغبين في جرّ أكبر عدد ممن يمكن التغرير بهم إلى صفوفهم ملوّحين بكونهم يمثلون البديل الجاهز و الوحيد القادر على إنقاذ الوطن الذي دكّه الشيخ راشد الغنوشي بمنجنيق النار و الغدر و الخيانة طيلة أكثر من خمسين سنة.
في تونس و بالذات بعد الثورة لا يختلف الوضع عما هو حاصل في كثير من البلدان العربية لذلك يتقاضى تجار السياسة و الإيديولوجيات الفاشلة أموالا كثيرة بكل عملات العالم و بعض المواطنين المغرر بهم لا يدرون أن هؤلاء المرتزقة يتاجرون بمستقبلهم و بوطنهم وأنهم مجرد “بزناسة” يدوسون على عرض الوطن و يدخلون إليه كل زناة الليل.
لا أحد يصدق نوايا النهضة و الإخوان
بطبيعة الحال ليس هناك شك بأن وقوف من يطلقون على أنفسهم اسم “جبهة الإنقاذ” مع ذلك الكيان الذي يمارس الإرهاب هو تحالف موضوعي فرضه واقع يستدعي مثل هذه المواقف المخزية و هذا الواقع يتمثل كما لم يعد خافيا على أحد في رغبة بعض البلدان الأجنبية فى إعادة تسويق حركة النهضة في ثوب المدافع عن القيم الدستورية التي داسها الرئيس قيس سعيد و رماها مع دستور 2014 في القمامة و لأنه لا أحد يصدق نوايا النهضة و الإخوان فقد طولب من هؤلاء المرتزقة “تبييض” مساعي الحركة و الترويج إلى كونها قد استفادت من دروس الماضي و باتت تقبل بالشراكة مع بقية المكونات السياسية فى البلاد.
للأسف الشديد لقد دخلت السمسرة كل الميادين و منها ميدان السياسة طبعا و علاقة حركة النهضة بجماعة الأستاذ أحمد نجييب الشابي هي مجرد علاقة سمسرة بقضايا الوطن لا أكثر ولا أقل فمثل هؤلاء المشبوهين لا تهمهم المبادئ و لا القيم و لم يكن للوطنية يوما مكانا في صدورهم المليئة بمشاعر الغش و النفاق و المخاتلة.
ان إستراتيجية المتاجرين بأمن الوطن و استقراره الذين يغلفون مواقفهم الملتبسة بغطاء الإنسانية واضحة للعيان وهي تتلخص أساسا في محاولة ركوب قطار العودة للحكم عبر الإستقواء بجهات أجنبية مانحة و جهات إعلامية تمارس حملات التضليل المغرضة.
لم يكن غريبا أن يجتمع الشامي مع المغربي كما يقال و لم يكن مفاجأة أن يرتفع صراخ هؤلاء في الفضائيات و كل شيء بثمنه و الساعة بخمسة جنيه و الحسّابة تحسب عل رأى الفنان عادل إمام في فيلم “عنتر شايل سيفه” و لو أن ما حدث لجوهر بن مبارك مؤخرا في إحدى المنابر الإعلامية يؤكد أن “عنتر” المزعوم قد أصبح مجرد ببغاء بلا ريش.
* كاتب و ناشط سياسي.
شارك رأيك