لقد فشلت حركة النهضة و الأسلام السياسي عموما في إيجاد حلول لمشاكل تونس الاقتصادية و الاجتماعية و تبين لعموم المواطنين أن هذا الكيان قد نكث كل عهوده و شعاراته ومن بينها شعار “الإسلام هو الحل” الذي أثبت أنه كاذب و مموه ولا يؤدي ألا إلى الكوارث الاقتصادية و الاجتماعية و الثقافية.
بقلم أحمد الحباسي
لعله السؤال الأهم الذي يطرحه الكثيرون و يسعون بكل تجرد و موضوعية للحصول على إجابة مقنعة و مفحمة حوله : هل قدم الإسلام السياسي الذي تمثله حركة النهضة في تونس خيارا بديلا للمجتمع التونسي المؤمن بقيم الحداثة و الوسطية و الاعتدال؟ ما هي النتيجة الملموسة التي وصلت إليها تجربة حكم حركة النهضة طيلة أكثر من عشر سنوات من بعد ما يسمى نفاقا “بثورة الياسمين” و ما هي حدود التطابق بين ما تروج له الحركة من أراجيف و بين الواقع المرّ الذي يعيشه المواطن في تونس؟
ربما يكون الجواب على غاية من البساطة لأن واقع الحال في تونس اليوم يؤكد بالأرقام فشل مشروع الإسلام السياسي في تونس أو ما يعبر عند كثير من قيادات الصف الأول في الحركة من بينهم على سبيل المثال رئيس حكومة السابق السيد حمادي الجبالي بحلم إقامة الخلافة السادسة، واقع الحال يقول أن الحركة تعيش أياما عصيبة و قيادتها معرضة للمحاكمات بتهم تصل عقوبتها إلى الإعدام.
راشد الغنوشي يتذيل ترتيب أكثر الشخصيات المنبوذة في تونس
ربما مثّلت حركة الاتجاه الإسلامي سابقا و منذ 1989 حركة النهضة في وقت من الأوقات حلما لدى البعض بكونها البديل و الحل بعد أن فتر قبول الشعب التونسي للمناهج الاقتصادية المتبعة خاصة في فترة تجربة التعاضد الفاشلة التي رسمها وزير الاقتصاد السابق السيد أحمد بن صالح و فترة الانفتاح الليبرالي التي مثلها الوزير الأول الأسبق الهادي نويرة و ربما استغلت الحركة بعض الأحداث الاجتماعية لتطلق بعض الشعارات الرنانة لاستقطاب المهمشين و العاطلين عن العمل و ذوي الأفكار المعادية للسلطة القائمة لكن يبقى السؤال اليوم مطروحا بقوة : ماذا حققت حركة النهضة رغم استفرادها بالحكم طيلة عشرة سنوات؟ ماذا حققت من نسبة نمو و ماذا أضافت للبنية التحتية أو ماذا أنجزت من مكتسبات نادت بها الثورة و ما هو حال البلاد و العباد اليوم وهل استطاعت الحركة أن يتلألأ مشروعها في وجدان عامة الشعب و هل لا تزال تحتل نسبة نوايا التصويت و هل حقق الشيخ راشد الغنوشي المعجزة بالخروج من ذيل ترتيب أكثر الشخصيات المنبوذة و التي لا تتمتع بثقة التونسيين منذ سنة 2011 إلى الآن؟
الأسلاميون بحثوا فقط على نهب خزائن الدولة
في التجربة التونسية سقطت عن حركة النهضة باعتبارها فرعا من جماعة الإخوان المسلمين و حاملة للواء الإسلام السياسي حجة و ذريعة أن الإخوان لم يحصلوا على فرصة حقيقية لممارسة الحكم حتى يظهروا شطارتهم المزعومة و رغم وصولهم إلى سدة الحكم و سدة البرلمان قد فشلوا تماما في إدارة البلاد و بحثوا فقط على نهب خزائن الدولة في تعويضات خيالية لأعضاء هذا التنظيم الكهنوتي إضافة إلى رعايتهم و تمويلهم و تدريبهم و تسفيرهم للإرهابيين إلى سوريا و دخولهم في تحالفات مشبوهة مع اللوبي الصهيوني العالمي و مع بعض البلدان الأجنبية المتآمرة على تونس، لذلك تتعرض قيادة حركة النهضة اليوم و بعد أن تعافى القضاء بعض الشيء و رفعت عنه ضغوط قيادات الحركة بعد سقوطها من الحكم إلى فتح ملفات تمويلها الخارجي و ضلوعها فى ملف تسفير الإرهابيين إضافة إلى البحث عن حقيقة اغتيال الشهيدين شكري بلعيد و محمد البراهمي المنسوب لللإسلاميين.
لقد تبين بالممارسة و الأدلة أن هذه الحركة الدموية التي مارست القتل و العنف و التفجيرات في عهد الرئيس الراحل الحبيب بورقيبة كما أثبتته الأبحاث التي أدت إلى صدور أحكام بالإعدام ضد أبرز قياداتها و كانت على وشك القيام بانقلاب مسلح على نظامه لولا قيام الرئيس الراحل زين العابدين بن علي بالإطاحة بحكم الرئيس الحبيب بورقيبة ليلة 7 نوفمبر 1987 لا تؤمن بقيم الديمقراطية ولا تتوانى على اللجوء للعنف أو الوسائل “العسكرية” لفرض رؤيتها و تسلم مقاليد الحكم مستعملة دون ذرة خجل تلك المؤسسة شبه العسكرية التي يطلقون عليها تسمية الجهاز السري و التي أظهرت الأبحاث مدى خطورته و تشعب مسالك الانتماء إليه و صعوبة العثور على أسماء مموليه.
لقد فشلت حركة النهضة في إيجاد حلول لمشاكل البلاد الاقتصادية و الاجتماعية و تبين لعموم المواطنين أن هذا الكيان قد نكث كل عهوده و شعاراته ومن بينها شعار “الإسلام هو الحل” الذي اتخذت منه الحركة بديلا عن تنمية روح المبادرة و تنشيط الاقتصاد و فتح الأفاق الصحيحة أمام الاستثمار الأجنبي القادر الوحيد على معالجة مشاكل البطالة و الإحباط الذي يؤدى بالآلاف للهجرة السرية. تبعا لذلك يمكن القول أن حركة النهضة لا تحمل أية نظرية خاصة بها بمقدورها مواجهة مشاكل التنمية و التعليم التي عطلت كل محاولات الرفع في مستوى المواطن التونسي.
كاتب و ناشط سياسي.
شارك رأيك