أرجع عدد من المصنعين التونسيين للأحذية عزوفهم عن المشاركة في الصفقات العمومية المتعلقة بالشراءات العمومية للأحذية إلى كلفة التحاليل المخبرية المفروضة على المصنع وهو إجراء نص عليه القانون الجديد المنظم لقطاع الأحذية والمصنوعات المماثلة والذي دخل حيز التنفيذ في أوت 2021.
وأوضح محمد قلصي ممثل شركة تونسية خاصة مختصة في صناعة الأحذية وأحذية السلامة “غرين سكيورتي” ، خلال مائدة مستديرة نظمها المركز الوطني للجلود والأحذية، الخميس، بمقر منظمة الأعراف، حول الشراءات العمومية الخاصة بالأحذية والمصنوعات المماثلة ذات الكميات المحدودة، أن الشراءات العمومية ذات الكميات المحدودة ( أقل من 300 حذاء) تثقل كاهل المصنعين المشاركين في الصفقات العمومية بسبب كلفة التحليل الفني المخبري التي تصل إلى حدود 1600 دينار، علاوة على كلفة العينة المقدمة وفي هذه الحالة، من المحتمل أن يخسر المشارك المبلغ دون أن يفوز بالصفقة.
واقترح المصنع، في تصريح لوكالة تونس افريقيا للأنباء، أن يخول له تقديم نسخة مطابقة للأصل من التقرير المخبري بالنسبة للشراءات العمومية ذات الكميات المحدودة وبذلك يتمكن من استغلال التحليل الفني المخبري لأكثر من مرة ولعدة مشترين عموميين.
واقترح، أيضا، أن يتم تقديم منتوج مصنوع بدباغة نباتية مما يجعل المصنع غير مجبر للقيام بكل التحاليل الكيميائية وبذلك تنخفض تكلفة التحليل الفني.
كما مثل هذا الإشكال عائقا أمام المشتري العمومي بسبب عزوف المزودين عن المشاركة في الصفقات العمومية المتعلقة بالأحذية، حيث قال رئيس دائرة المباني والمعدات بالمندوبية الجهوية للتنمية الفلاحية بجندوبة، حسين مروان، لوات، “لقد كانت العملية بسيطة قبل إصدار القانون الجديد مما يجعل المصنعين يشاركون بكثافة في الصفقات العمومية واليوم تغيرت الأمور ولم أتمكن منذ شهر ماي 2022 وإلى حد اليوم من توفير أحذية للعمال بسبب عدم مشاركة المزودين في الصفقات العمومية التي تم إطلاقها للغرض.
وأشار إلى أن الإجراء الذي كان معمول به ، قبل القانون الجديد، يخول للصناعي تقديم عينة للمشتري ثم يتحرى المركز الوطني للجلود والأحذية من مطابقتها للمواصفات بتكلفة لا تتجاوز 160 دينار .
وقال رئيس الجامعة الوطنية للجلود والأحذية أكرم بالحاج، من جانبه، “إن القانون الجديد وضع بهدف حماية المستهلك التونسي وعند تطبيقه وجدنا فيه كلفة يتحملها المزود عند القيام بالتحاليل الفنية، ويظهر الإشكال عندما تكون الكمية المطلوبة محدودة ( تصل أحيانا إلى 40 حذاء ).
وقدم بالحاج، وفق تصريح لوات، جملة من الحلول الممكنة على غرار إلغاء شرط التحاليل الفنية عندما تكون الشراءات بكميات قليلة والاكتفاء بتقديم شهادة تثبت المطابقة للمواصفات أو أن يتحمل المشتري العمومي كلفة التحليل.
وشدد بالحاج، من ناحية أخرى على ضرورة إعطاء هوية للحذاء التونسي وأن يكون المنتج، سواء الموجه للتصدير أو للسوق المحلية مطابقا للمواصفات العالمية.
وأضاف قائلا، ” إن السوق التونسية غزتها السلع المروجة بصفة غير منظمة علاوة على بيع الأحذية في أسواق الملابس المستعملة مما جعلت وضعية مصنعي وتجار الأحذية صعبة”
ولفت الى أن وضعية الشركات التونسية المقيمة تواجه صعوبات، الأمر الذي أرغم عديد الشركات على الإغلاق، لافتا إلى أن عدد الشركات الناشطة في مجال الأحذية نزل إلى 240 بعد ان كان 480 شركة أما عدد الحرفيين نزل إلى أقل من ألف بعد أن كان عددهم في سنة 2010 نحو 15 ألف حرفي.
وذكر المتحدث ذاته، أن قانون سنة 95 يمنع منعا أن يتم بيع الأحذية الموردة في اطار توريد الملابس المستعملة مشيرا إلى انه يتم أيضا بيع أحذية جديدة في سلك أسواق ” الفريب” وبأسعار أعلى من أسعار المنتوج المحلي وهو ما يعد “تهريب مبرمج”، وفق تعبيره.
واضاف قائلا، أدعو الدولة ووزارة التجارة والمراقبين والديوانة إلى اليقظة بغية حماية البلاد من السوق الموازية التي تقوى يوما بعد يوم مع بلورة رؤية كاملة لمستقبل المصنعين والتجار التونسيين للأحذية”.
وأثار بالحاج، أيضا، إشكالية افتقاد اليد العاملة نظرا للعزوف المسجل عن التكوين في مجال الأحذية ، قائلا، ” لقد اصبحنا عاجزين عن تعويض المهنيين المحالين على التقاعد”.
مقابل ذلك بين أن طلبات التصدير في ارتفاع متزايد لا سيما بعد الحرب الروسية الأوكرانية وبعد جائحة كوفيد-19، حيث ارتفعت صادرات تونس من الأحذية خلال الثمانية أشهر الأولى من سنة 2022 بنسبة 30 بالمائة مقارنة بالفترة ذاتها في سنة 2021.
شارك رأيك