كرة القدم في تونس مريضة. و أنا لا أتحدث عن مشاركة منتخبنا الوطني في مونديال قطر 2022 و التي تمثل خاتمة مسار سياسة كروية يبدو أنها مفقودة أو في أفضل الأحوال خاطئة و متعثرة و ذلك منذ عشرات السنين.
بقلم مرتجى محجوب
كرة القدم، التي أصبح لها ثقل مالي و جماهيري عالمي منقطع النظير، تخضع مثلها مثل عديد المجالات الأخرى لقواعد علمية إن لم تلتزم بها و تحترمها فلن يكون لك شأن في حلبة كبار العالم مهما حضرت الروح و الوطنية و “القرينتة” التي يبالغ البعض في الحديث عنها.
كرة القدم تتطلب تكوينا قاعديا على أسس علمية و صحيحة و تجهيزات و ميادين و خصوصاً شفافية و عدالة كروية تبدأ منذ الأصناف الشابة في علاقة باختيار اللاعبين بعيدا عن التدخلات و المحسوبية و وصولا لتحكيم لا يفرق بين فرق كبرى أو صغرى و يقوم بدوره بكل حياد و موضوعية…
أين نحن مما سبق ذكره !؟
أجزم أننا بعيدون جدا بل حتى تائهون تماما اذ نوكل مهمة تدريب الشبان بالمحاباة للاعبين قدامى لا يمتلكون المؤهلات الضرورية للتكوين القاعدي الصحيح.
كما نقهر أطفال الأحياء الشعبية منذ الصغر عبر اختيار ابن فلان و فلتان على حساب الموهوبين فطريا و المؤهلين أكثر من غيرهم ليصبحوا لاعبين كبارا في المستقبل.
أما ملاعبنا فحدث و لا حرج، بداية من نوعية العشب الى المدارج و حجرات الملابس ليس في الأقسام السفلى بل حتى في ما يسمى بالرابطة الأولى “المحترفة”.
لنصل الى تحكيم ارتكب فظاعات مقصودة في حق كرتنا ليزيدها مرضا على مرض نتيجة انتهازية البعض و فقدانهم للضمير المهني، متجاهلين أنهم يمكن أن يكونوا سببا مباشرا في أحداث عنف لا نبررها في كل الأحوال و لا نتمناها و في الحاق أشد أنواع الضرر بكرتنا المريضة أصلا.
شخصيا و بكل موضوعية، فإني أعتبر بلوغ منتخبنا الوطني نهائيات كأس العالم هو في حد ذاته معجزة كبيرة و ذلك بالنظر لأمراض كرتنا التي أصبحت مزمنة مما جعلنا عاقرين عن انجاب لاعبين كبارا من طينة طارق ذياب و عتوقة و مجيد الشتالي و مختار ذويب… نجوم منتخب 78 الذي لا زال الى يومنا هذا يمثل مرجعا و مفخرة للجماهير التونسية التي، و بعيدا عن كافة أشكال العنف المرفوضة، تمثل نقطة القوة و الضوء الوحيدة في كرتنا المريضة.
لا صدفة في الحياة : “من جد وجد و من زرع حصد” أما الرعواني فلا يحقق أبدا الأماني.
شارك رأيك