بعد الأداء الرائع والمذهل للمنتخب المغربي أمام البرتغال في الدور الربع النهائي لكأس العالم في قطر 2022، بات من المؤكد أن لا شيء مستحيل أمام هذا الفريق الشاب حتى يصل إلى المباراة النهائية إذا واصل العمل على هذا النسق من الأداء والتنظيم في الملعب والحركية الهجومية الناجعة والدفاع المستميت عن شباكه، وبيّن للعالم بما يدع مجالا للشك أنه بالعزيمة والإصرار والتحدي والثقة بالنفس يمكن أن يصل إلى أعلى مستوى حتى لو كان ذاك المستوى الفصل الأخير في مباريات كأس العالم وهو الدور النهائي، ويمكن أن يصل المنتخب المغربي إلى النهائي بعد اجتياز المنتخب الفرنسي في الدور النصف النهائي.
بقلم فوزي بن يونس بن حديد
ولا أخفيكم أنني متفائل جدًّا بأن تكون كأس العالم هذه السنة عربية بامتياز بعد أن استضافتها دولة عربية وأقيمت على أرض عربية، وبعد الأداء الجميل للمنتخب المغربي الذي صنع الأمل في قلوب الملايين من المشجعين العرب والأفارقة على السواء بل إنه غرس الأمل أيضا في قلوب المليار وأكثر من مليار مسلم يتابعون سلسلة انتصاراته المتتالية وإبداعه المتواصل خاصة حارسه المتألق ياسين بونو الذي لم يستقبل شباكه أي هدف لا من رونالدو ولا من غيره وحافظ عليها نظيفة بيضاء ناصعة، وأيضا لاعبوه الشبان الذين يلعبون بكل ثقة ويخطفون الأضواء في كل مرة وفي كل مباراة.
دورة تاريخية الناجحة على كل المستويات
ولم تعد تفصل المنتخب المغربي إلا مباراة واحدة لبلوغ مرحلة التتويج النهائي في سابقة لم تحدث في التاريخ لمنتخب عربي وإفريقي، وإذا ما حدث هذا ستتحقق نبوءتي أن الكأس عربية لأنها أقيمت على دولة عربية، وبالتالي يحتفل العرب بالتنظيم الرائع الذي أدّته دولة قطر ورعايتها كأس العالم في سابقة لم تحدث من قبل وإشادة العالم بما قامت به هذه الدولة الخليجية العربية المسلمة والخطوات التي اتخذتها، إلى جانب احتفال المغرب وإفريقيا والعرب والمسلمين بفوز المغرب بكأس العالم لأول مرة في التاريخ أيضا، وعلى هذا تبطل مقولة أن العرب لن يفوزوا بكأس العالم أبدا، بل قد تتكسّر هذه المقولة على أنغام الفوز التاريخي على المنتخب الفرنسي في النصف النهائي ثم على الفائز من مباراة الأرجنتين وكرواتيا في النهائي، وبعدها يكون العرب هم الفائزين في هذه الدورة التاريخية الناجحة على كل المستويات.
ما زلت متفائلا، وسأبقى متفائلا أن يفوز المغرب بالكأس العالمية ويفرح الملايين الذين يتابعونه من أقصى الأرض إلى أقصاها بالمليارات، وإذا ما حدث هذا سيكون ذلك بمثابة زلزال تاريخي أحدث رجّة في المنتخبات العالمية القوية كالبرازيل والبرتغال والأرجنتين وفرنسا مما سيُحسب للمنتخبات العربية مستقبلا ألف حساب، ويمنحها الثقة الكاملة في أن تصنع المعجزات مستقبلا بكل أريحية ودون خوف ودون وجل، وأن تشق طريقها نحو الريادة والإنجازات الكبرى في كل المحافل الدولية بعد أن كسّر المنتخب المغربي حاجز الخوف والرهبة من المنتخبات القوية.
الاعتماد على النفس في صنع التاريخ من جديد
كما علّمت هذه الدورة الجميع أنه يمكن للعرب أن يشكلوا قوة سياسية وشعبية واقتصادية كبرى في العالم، ويؤسسوا نظامًا عربيًّا موحّدًا يُنهي حالة التبعية للغرب بكل صنوفه بعد أن اهتز عرشهم إثر الحرب الروسية على أوكرانيا، فلديهم ما يكفي من الموارد البشرية والطبيعية والمادية أن يكونوا في الريادة ويصنعوا الأمل في قلوب الشعوب أن يكونوا أمة واحدة وقلبا واحدا كما أراده الله عز وجل ورسوله الكريم صلى الله عليه وسلم، ويعتمدوا على أنفسهم في صنع التاريخ من جديد، فصورة المنتخب المغربي المصغرة أحدثت تحوّلا في الفكر الإنساني العربي الجمعي أن يتحوّل من السلبية المطلقة إلى الإيجابية المطلقة دون ضجيج ودون إيذاء للآخر الذي تعوّد على أن يرى العرب على دكة
الاحتياط في كأس العالم.
إنها ملحمة جديدة في التاريخ الإنساني العربي، أن تنتقل مُهجة العقل الجمعي العربي إلى فكرة الريادة والقيادة من جديد مثل ما كان في قديم الزمان وتحديدًا بعد انتشار الإسلام، وبالتالي تنتهي فترة الركود التي استمرت قرونا من الزمان، واستمرأتها الشعوب وملّت من تبعاتها المؤلمة، وتبقى فلسطين هي عروس القضايا أمام المواطن العربي أينما حلّ وفي كل المحافل الدولية فهي القلب النابض للأمة ولن تهنأ إلا بعد تحرير القدس الشريف من أيدي الصهاينة المجرمين.
شارك رأيك