قرّرت منظمة البوصلة “عدم متابعة أشغال مجلس نواب الشعب القادم الذّي ستفرزه الإنتخابات التشريعية في 17 ديسمبر الحالي، ومقاطعة كلّ مكوّناته من كتلٍ برلمانية ولجان إن وجدت”، حسب ما كشف عنه المكلّف بالإعلام بالاتصال بالمنظمة هيثم بن زيد .
وأكّد بن زيد أنّ منظمة البوصلة تقاطع من الآن مؤسسة مجلس نواب الشعب، وتنأى بنفسها عن “إعطاء المشروعيّة لهيكل صُوري وُضع فقط لمُعاضدة توجهات رئيس الجمهورية ، وترفض كذلك إكساء جلّ ركائز بنائه السياسي الجديد رُوحا زائفة من التشاركيّة والديمقراطية المغشوشة”.
وقال خلال ندوة صحفية امس الثلاثاء عقدتها المنظمة بمقرّها، إنّ مقاطعة أشغال البرلمان القادم لا تعني الإستقالة من الحياة السياسية برمّتها بل هي فقط ترفض أن تكون شاهد زُور على” مسار إنفرادي ومجلس كرتوني”، لكنها ستبقى متابعة للشأن السياسي وناقدة وتقوم بدورها بوصفها مكون أساسي في المجتمع المدني، الذي اضطلع بدور جدّ مهمّ عقب الثورة.مشدّدا على أنها ستواصل القيام بدورها الرقابي في مُتابعة التشريعات التي ستصدر عن الرئيس وعن مجلسه وايصالها إلى عموم المُواطنين والمواطنات، للتصدّي لمسار تكريس نظام تسلّطي ولكلّ محاولات العودة إلى الوراء.
ولاحظ بن زيد أنّ قرار منظمة البوصلة بني على تقييم موضوعي للمشهد السياسي من خلال معطيات كثيرة منها إصدار المرسوم 54 المخالف تماماً لحريّة التعبير والنشر والصحافة ومحاكمة صحفيين على أساسه بالإضافة إلى محاكمة مدنيين أمام القضاء العسكري وكذلك ما طال القضاة من إعفاءات اعتباطيّة وتجاهل قرارات المحكمة الإدارية لفائدتهم ، فضلا عن إغلاق مؤسسات منتخبة وشرعيّة على غرار هيئة مكافحة الفساد دون ابداء أية أسباب تذكر.
وفي بيان لها، أكدت منظمة البوصلة أن صدور القانون المُنظّم لإنتخابات أعضاء مجلس نواب الشعب مثّل ترجمة حقيقيّة لنوايا رئيس الجمهوريّة التي أعلن البعض منها في نصوص دستوره الجديد، مضيفة ان هذا القانون “اسس لانتخاب مفرغ من محتواه لمجلس نيابي يغيب فيه التناصف ويتصدّره ذوي الوجاهة القبليّة والماليّة”.
وذكّرت في السياق ذاته بأنه “حال إعلانه عن تفعيل الفصل 80 من دستور 2014، وإعلان حالة الاستثناء ليلة 25 جويلية 2021، توجّه رئيس الجمهوريّة لتعزيز انتهاجه لمسار أحادي يستثني فيه جلّ القوى الوطنية، السياسيّة منها والمدنيّة وانطلق في تنفيذه لبرنامجه الفردي، فبعد تجميد البرلمان وحلّ الحكومة، أصدر سعيّد، الأمر 117، الذي اعتبرته منظّمة البوصلة تنظيما مؤقّتا للسلطات، حيثُ جمّع بموجبه رئيس الجمهوريّة جميع السلطات بيده، لتصبح الحكومة مُعيّنة من قبله ومسؤولة أمامه، ويُصبح هو في نفس الوقت المُشرّع دون امكانيّة الطعن في القرارات الصادرة عنه”.
ولاحظت البوصلة في بيانها أن كل هذا المسار “اتسم بميزتين أساسيتين وهما عدم التشريك والانفراد بالرأي من ناحية، وشكليّة المحطات المُعلنة لكونها في المُجمل محطّات لم تتجاوز كونها آليات لفرض مشروع الرئيس الذي لم يتغيّر لا بناء على الحوار ولا بناء حتى على نتائج الاستشارة التي لم تقرّ بتغيّير الدستور”.
واعتبرت أنّ “جلّ القرارات والمراسيم والأوامر الصادرة عن رئيس الجمهوريّة لم تنجح سوى في نسف أولى لبنات البناء الديمقراطي، فعوض الذهاب نحو تعزيز وتدعيم مكانة المؤسسات الرقابيّة والهيئات المستقلة، انتهج سعيد سياسة الغاء كل بناء تعلّق بالفترة السابقة دون النظر لمدى أهميّته وقيمته في مسار الانتقال الديمقراطي”.
المصدر: وات
شارك رأيك