تمرّ اليوم سنة كاملة على استقالة أو إقالة مديرة الديوان الرئاسي نادية عكاشة ليبقى بذلك هذا المنصب شاغرا لمدّة سنة كاملة مع غياب لأي بوادر لسدّ هذا الشغور رغم أهميّة هذا المنصب إذ أنّ مدير الديوان يضطلع بإدارة الديوان الرئاسي ومصالحه كما أنّه الاذن بالدفع في رئاسة الجمهورية، كما أن بقية المؤسسات التابعة لرئاسة الجمهورية تشهد بنفسها شغورات على غرار منصب رئيس الهيئة العليا لحقوق الإنسان منذ شهر أكتوبر 2021 ومنصب الموفق الإداري منذ 18 جانفي 2022.
وتلاحظ منظمة أنا يقظ أنّ هذا التراخي أو العجز عن سدّ الشغورات يتجاوز القصر الرئاسي بكثير، ليشمل السّلطتين التنفيذية والقضائية وحتى تمثيلية الدوّلة التونسية بالخارج، فبعض الولايات تشهد منذ أشهر غيابا لمنصب الوالي بعد إنهاء مهامهم من قبل رئيس الجمهورية على غرار الكاف وباجة و أخيرا صفاقس رغم أنّ قرار إنهاء مهام هذا الأخير لم يصدر بالرّائد الرسمي بعد.
شلل سدّ الشغورات الذي يعاني منه رئيس الجمهورية وحكومته يصيب أيضا الهيئات إذ أن هيئة مكافحة الفساد ومنذ إنهاء مهام كاتبها العام في أوت 2021 لم يتمّ تعويضه، بل بقية الهيئة مغلقة إلى حين إشعار اخر وبقي مصير موظفي وأعوان الهيئة والمبلغين عن الفساد غامضاً إلى حد الآن.
دون أن ننسى الشغورات الموجودة على مستوى السفراء والقناصل والتي تتجاوز 30 شغورا على غرار سفارات الصيّن وتركيا وقطر وإيطاليا، وهو ما يساهم أولا في إرباك علاقات الجمهورية التونسية على جميع المستويات الديبلوماسية والاقتصادية مع بقية الدول من جهة، وتهميش الجالية التونسية بهذه البلدان خاصّة في إيطاليا من جهة أخرى. كما يشهد منصب سفير تونس الدائم لدى اليونسكو شغوراً غير معلن منذ شهر جوان 2022.
هذه الكراسي الفارغة نجدها أيضا في بعض المؤسسات العمومية، فمثلا لا نجد رئيسا مديرا عام للمؤسسة التونسية للأنشطة البترولية منذ 26 أوت 2022، أو مديراً عاماً للأرصاد الجوية منذ شهر جويلية من العام الفارط، كما نجد أنّ مؤسسة التلفزة التونسية برئاسة مؤقتة منذ 28 جويلية 2021 أو مؤسسة الإذاعة الوطنية دون مدير عام منذ حوالي السنة.
حتّى الحكومة فقد أخذت نصيبها في ذلك، فمنذ استقالة كاتبة الدولة لدى وزير الشؤون الخارجية والهجرة والتونسيين بالخارج المكلفة بالتعاون الدولي بتاريخ 1 فيفيري 2022 لم يتمّ تعويضها الى حدّ هذه اللحظة، كما انّ منصب الكتابة العامّة للحكومة يعتبر شاغرا منذ أكثر من شهرين.
ينتهج رئيس الجمهورية نفس السياسة حتى فيما يتعلّق بالسلطة القضائية من خلال تجميده للحركة القضائية وجعل كلّ ما هو مؤقت دائم ومزيد تعميق الازمة بين القضاة والمواطنين من خلال خلقه لشغورات من شأنها تعطيل عمل السير القضائي.
وتتساءل منظمة انا يقظ هل انّ خلق الشغورات بصفة اعتباطية وانتهاج سياسية التكليف بالتسيير هل سببها انعدام الكفاءات أم غياب الولاءات أو تجنب التورط في نظام حكم فاشل يميل بشكل متدرج إلى التسلط والانفراد بالسلطة، خاصّة انّ الشغورات التي تتزايد يوما بعد يوم شأنها إرباك عمل الدولة أولا، وتدعيم سياسة التملّص من المسؤولية والافلات من العقاب ثانيا.
شارك رأيك