كثّف المجمع التونسي للعلوم والآداب والفنون “بيت الحكمة” مؤخّرا من لقاءاته التقديميّة للمؤّلّفات والمنابر الحواريّة المتعلّقة بقضايا الشأن العام وأسئلة الراهن، وفي سياق تقديم المنشورات نظّم قسم العلوم الانسانيّة والاجتماعيّة يوم 22 فيفري 2023 لقاء حول كتاب الجذور التاريخيّة لبلاد المغرب: جدليّة السلطة والمجتمع والمجال للكاتب محمّد حسن. (الصورة: رضا الشنوفي).
قدّم مضامين الكتاب الأستاذ محمّد الجوادي متناولا مقوّمات تلك السلطة، وخصوصية ذلك النسيج المجتمعي، ومجالات بيئته عبر التحوّلات التاريخيّة المتعاقبة. ففي سياق دراسة المجال ركّز على محتوى الكتاب المهتم بتأثيرات المعطيات الطبيعيّة وتركيبة الأقاليم في بلاد المغرب والمسارات التاريخيّة لإفريقيّة، وكذلك الشأن بالنسبة إلى التشكّل الجديد لبلاد المغرب عبر نشأة كيانات الخوارج (الصفريّة والإباضيّة الخ..) كما احتوى المؤلّف وفقا للتقديم على القضايا القبليّة في تلك الأقاليم ومسألة توطين الوافدين. وفي إطار الاهتمام بالمضامين المتصلة بالسلطة ركّز التقديم والنقاش على مسارات التحوّلات السياسيّة في ظلّ كلّ حركة على غرار تحرّر المغربين الأوسط والأقصى من النفوذ القيرواني نتيجة لحركة الخوارج 122 – 124 هجري.
ولأنّ موازين القوى المتحكّمة في السلطة ديناميكيّة بالضرورة تناول الكاتب في أثره حسب فعاليات اللقاء تفاصيل السيطرة على بلاد المغرب والعلاقات المشرقيّة-المغاربيّة وحركة الفتح والتبعيّة إلى مصر وسياسة الخلفاء والولاة. عموما تظلّ كلّ مقاربة ذات وجاهة إن تأمّلناها من خلفيّة ما، وتكون محلّ تساؤل متى وضعناها فوق طاولة المقاربة التقويميّة والفكر المقارن.
وفي إطار النقاش حول القضايا الراهنة نظّم قسم الدراسات الإسلاميّة يوم 23 فيفري 2023 منبرا حواريّا حول فلسفة القانون وأسس السلم المدني قدّم خلاله أستاذ الفلسفة رضا الشنوفي محاضرة تناولت إشكاليّة فلسفة القانون من وجهة نظر السلم المدني، افتتحها بتشخيص مواطن الارتباط بين مفهومي “فلسفة القانون” و”فلسفة الحق” في الأنسقة الفلسفيّة المتعاقبة، إذ يمنح بعض النقّاد لقب أبوّة هذه الإشكاليّة للفيلسوف الألماني هيقل، ولا يعترف البعض الآخر من المهتمين بتاريخ الفلسفة والقانون بهذا التصنيف بحجّة الخوض في هذه القضيّة منذ السياقات الفلسفيّة والحقوقيّة القديمة. وأكّد المحاضر على حتميّة التمييز بين المقاربات الكلاسيكيّة لآليات التشريع والأطروحات التحديثيّة التي أنجزت بموجب طابعها العقلاني تحوّلات جذريّة في فهم عوالم السياسة والدين والقوانين لأنّ الفكر العقلاني منتصر بطبعه للذات بماهي محور القضايا الحقوقيّة.
وفي هذا الإطار أثار الدكتور عبد المجيد الشرفي الإشكال الجوهري في مسار البناء الديمقراطي، والمتمثّل في عدم قدرة بعض الثقافات على تنزيل “الفرد بما هو صاحب الحقوق” ضمن الأولويّات كما تفعل الثقافات المحصّنة للحقوق الفرديّة. ومثّلت قضيّة خيارات السلم المدني القضيّة المركزيّة في مداخلة المحاضر المنطلق من مقاربة هابرماس حول البينذاتيّة والقوانين التي تستمدّ مشروعيّتها من العقلانيّة التواصليّة باعتبارها تجاوزا للأطروحات الأحاديّة.
بوجيز العبارة تظلّ قضايا السلم والحق والعدل جوهر أي مشروع ديمقراطي شريطة أن يكون الإنسان المنطلق والغاية بمنأى عن الخلفيات التوظيفيّة الآثمة، والشعاراتيّة التسويقيّة.
شارك رأيك