انطلقت مساء الثلاثاء 7 مارس الجاري الدورة الحادية والعشرون لمهرجان الأغنية التونسية التي تتواصل إلى غاية يوم 12 من الشهر نفسه، وتحمل شعار “الدنيا غناية” و كانت السهرة مهداة إلى روح الفنانة التونسية الراحلة ذكرى عبر العديد ممن تعاملوا معها و كانوا من أصدقائها و صديقاتها من الفنانين العرب.
كانت السهرة بحضور وزيرة الشؤون الثقافية الدكتورة حياة قطاط القرمازي وعدد من الممثلين الدبلوماسيين المعتمدين في تونس، وكوكبة من الفنانين والإعلاميين التونسيين والعرب. وقد أضفى الجمهور الحاضر بتشجيعه وتصفيقه وهتافاته وتفاعله مع مختلف فقرات الحفل أجواء مبهجة وحماسية على مسرح الأوبرا بمدينة الثقافة الشاذلي القليبي التي احتضنت الحدث ولبست بالمناسبة ألوان الفرح.
وقد أهدى المهرجان سهرة الافتتاح التي انطلقت بالنشيد الرسمي ونشطها الثنائي حاتم بن عمارة وأميمة العياري، إلى روح الفنانة الراحلة ذكرى التي غادرتنا منذ عشرين سنة وكان ذلك تحديدا في نوفمبر 2003 وهي في أوج مسيرتها الفنية (من مواليد 1966) وفي قمة نجاحها حيث كانت محل اهتمام كبار الملحنين وكبار الشعراء من تونس ومصر وغيرهما من البلدان العربية. وقد رحلت ذكرى وهي في قمة مجدها، تاركة رصيدا حافلا من الأغاني الناجحة باللهجة التونسية وبعدة لهجات عربية وما لا يقل عن 16 ألبوما. وقد حرص عدد من المطربين والموسيقيين العرب لا سيما من ليبيا ومن مصر وخاصة ممن عرفوا الفنانة الراحلة أو تعاونوا معها على مشاركة التونسيين سهرة الوفاء والذكرى للفنانة ذكرى ومن بين هؤلاء نذكر هاني شاكر و محمد الحلو و صلاح الشرنوبي من مصر والشاب جيلاني خالد الزواوي من ليبيا.
تونس الجمال والمحبة والسلام
وفي كلمتها بالمناسبة وقبل ان تعلن رسميا عن انطلاق الدورة الجديدة للمهرجان، تحدثت وزيرة الشؤون الثقافية باعتزاز عن مهرجان الأغنية التونسية العريق والذي يتجدد من خلاله اللقاء مع المبدعين في مختلف مجالات فن الغناء الراقي وفق وصفها. وشددت الوزيرة التي عبرت عن ترحيبها الكبير بضيوف المهرجان على أهمية الحفاظ على خصوصيات الأغنية التونسية وعلى أصالتها بالتوازي مع الانفتاح على أنماط جديدة داعية الفنانين إلى مزيد البذل الابداعي والتجديد وتطوير الأغنية حتى يبقى صوت الطرب االموسيقي الراقي صادحا في بلادنا وحتى يصل صداه إلى محيطها الاقليمي. واكدت الوزيرة على القيمة التي توليها بلادنا للثقافة والفنون مشددة على انها منارة تونس المضيئة والمضيافة، تونس الجمال والمحبة والسلام.
أما رئيس لجنة التنظيم محمد الهادي الجويني، فقد اشار إلى أن الدورة الحادية والعشرين لمهرجان الأغنية التونسية ستكون نقطة تحول في تاريخ المهرجان الذي يشهد انطلاقة جديدة تقوم على مبدأ لمّ شمل الفنانين من كل المشارب سواء كانوا فناني الآداء أو كتاب الأغاني أو الملحنين أو صناع المحتوى ملحا على ان المهرجان يسعى إلى تحقيق تلك المعادلة المتمثلة في منح الأغنية التونسية الأصيلة الموقع الذي تستحقه بالتوازي مع فتح المجال أمام الأنماط الجديدة وأشكال التعبير الفني المبتكرة.
وكرم المهرجان مجموعة من الفنانين الكبار وأولهم الموسيقار الكبير عبد الرحمان العيادي الذي قدم أجمل الألحان للفنانة ذكرى ومن بينها رائعتها “إلى حضن أمي”. كرم المهرجان أيضا الموزع المصري هاني عبد الكريم الذي وزع الحانا للفنانة ذكرى وأيضا الموسيقار المصري المعروف صلاح الشرنوبي، كما تم تكريم الإعلامية المصرية منى الشاذلي التي تحدثت في كلمتها الموجزة والحماسية عن حبها لتونس.
واذ كانت الفنانة ذكرى غائبة جسديا، فإنها كانت حاضرة تصدح بصوتها القوي والعذب، من خلال الفيديو الذي تم بثه حول مسيرتها والمقتطفات من البرامج التلفزيوينة القديمة التي ظهرت فيها وخاصة برامج الراحل نجيب الخطاب الذي له فضل كبير في التعريف بالفنانين إلى الجمهور العريض، ومن بينهم ذكرى باستضافتهم في برامجه التلفزيونية والإذاعية ذات القاعدة الجماهيرية الواسعة.
اجواء حماسية رائقة
وقد تولى عدد من الفنانين التونسيين خلال السهرة تقديم أغان للفنانة ذكرى وافتتحت سلسلة الأغاني الفنانة الشابة آمنة دمق التي ادت أغنية “إلى حضن أمي” وقد تولى خلالها الموسيقار عبد الرحمان العيادي قيادة الفرقة الوطنية للموسيقى، قبل أن يسلم المشعل لمديرها الحالي يوسف بلهاني، مع العلم أن العديد من الفنانين التونسيين والعرب قد نوهوا بالفرقة وبكفاءتها العالية. وأدت الفنانة الشابة صفاء سعد من جهتها أغنية “وحياتي عندك” ثم قدم غازي العيادي أغنية “انا زي زمان” ثم قدمت نوال غشام أغنية ليبية “وصلني جواب” وقدم الشاب جيلاني من جهته أغنية “سلبت عقلي” تلته الفة بن رمضان بأدائها لأغنية “كل اللي لاموني”. وقدم خالد الزواوي أغنية “من قالك يا عين” وأدت أية دغنوج أغنية “الله غالب”. واختتمت يسرى محنوش السلسلة بادائها لأغنية “الأسامي” وقبلها أدى الفنان هاني شاكر أغنيته “يا ريت” وقد شدد في كلمته بدوره على حب تونس وأشاد بقوة بحرفية الفرقة الوطنية للموسيقى وقبله كان الفنان محمد الحلو قد أدى أغنية جينيريك مسلسل “ليالي الحلمية” الشهير وسط تصفيق حار من الجماهير. ولنا أن نشير إلى أن الفنان محمد الجبالي الذي أدى أغنية لذكرى بعنوان “يوم ليك ويوم عليك” قد فاجأ الفنان هاني شاكر بتقديم مقطع من إحدى أغانيه وسط تشجيع قوي من الجمهور قبل أن يشاركه النجم المصري في أداء مقطع قصير من الأغنية في اجواء حماسية رائقة.
نشير إلى أنه قبل انطلاق السهرة رسميا، تم بث فيديو تحدث فيه كل من الموسيقيين فتحي زغندة ورشيد يدعس والفنان شكري بوزيان والمطربة سنيا مبارك عن تاريخ المهرجان وعن أهمية المبادرة بتأسيس مهرجان للاغنية التونسية الذي انتظمت دورته الاولى في شتاء 1987 وفازت المطربة سنيا مبارك بالجائزة الكبرى عن اغنيتها “خلي الحزن بعيد عليك” كلمات محمود بن صابر وتلحين رشيد يدعس. وتحدث المتدخلون عن فلسفة المهرجان التي تقوم على خلق فضاء يلتقي فيه الفنانون التونسيون بكل مشاربهم وعن اهدافه التي تتمثل بالاساس في العمل تطوير الاغنية التونسية والانفتاح على كل التجارب التي يمكن ان تثري المشهد الفني في تونس.
ولم تنس هيئة المهرجان الفنانين الذي غادرونا حديثا ومن بينهم الموسيقيين عز الدين العياشي وحمادي بن عثمان ومحمد العود والفنانتين زهيرة سالم وفايزة المحرصي والشاعر عبد المجيد الربيعي والشاعر والملحن حميدة جراي، فوجهت تحية إلى أرواحهم واستعرضت صورهم وحرص منشطا السهرة على ذكر اسماءهم فردا فردا.
وللتذكير، فإن مهرجان الاغنية الوطنية ينظم مسابقتين. الأولى في الأغاني الوترية بمشاركة 14 متسابقا والثانية في الانماط الجديدة بمشاركة 10 متسابقين. وقد تولت لجنة فرز مكونة من مختصين في مختلف اختصاصات المجال الغنائي انتقاء المشاركين من بين 124 مترشحا وتتكون لجنة التحكيم من مجموعة من الفنانين والشعراء والملحنين المشهود لهم بالكفاءة ويرأسها الفنان عدنان الشواشي
وستنطلق سهرات مسابقة المهرجان يوم الاربعاء 8 مارس 2023 بمسرح الأوبرا بمدينة الثقافة الشاذلي القليبي، حيث سيكون الموعد مع السهرة الاولى لمسابقة الأغنية الوترية التي تسجل مشاركة خاصة للفنان صابر الرباعي والفنانة يسرى محنوش.
شارك رأيك