لا تغركم المظاهرات و لا رفع الأصابع بعلامة الانتصار عند كل مغادرة لمقرات فرق التحقيق و لا زيارات الوفود القطرية الملتبسة و لا تصريحات بعض قيادات ما تبقى من حركة النهضة مثل الأستاذ سمير ديلو الذي شملته التحقيقات هو الآخر فالشيخ راشد الغنوشى بات مقتنعا أكثر من ذي قبل بأن الرئيس قيس سعيد يريد رأسه و أنه يتحاور مع نفسه بالعبارة الشهيرة للحجاج ابن يوسف حين جاء لحكم العراق حين قال “أرى رؤوسا قد أينعت و حان قطافها”.
بقلم أحمد الحباسي
هذه المرة وقع شيخ حزب الإرهاب في شرّ أعماله و رغم كل مناوراته الخبيثة لم يستطع أن يتغذى بالرئيس قبل أن يتعشّى به كما فعل مع الرئيس الراحل الباجى قائد السبسى . لم يعد سرّا أن مرشد النهضة قد تلقى ضربات سياسية موجعة و القاء القبض على أقرب المقربين إليه مثل على العريض و نورالدين البحيرى جعله يفكر ألف مرة في الهروب و يعدّ العدة لذلك بعدة طرق ستظهر ملامحها بتقدم الأبحاث و لن تكون هناك مفاجأة اكتشاف ضلوع بعض أجهزة مخابرات لدولة خليجية معروفة بدعمها لإرهاب الحركة و تمويل مشاريعها الدموية في تونس .
كان آخر ظهور لمرشد الإخوان بصفته رئيسا لمجلس النواب أمام أبواب البرلمان في جوف الليل يستجدى الدخول من الضابط المكلف بالحراسة في الليلة الفاصلة بين 25 و 26 جويلية 2021 و ما تبيّن للمتابعين من كونه قد فقد كل شعبية حتى لدى أنصاره و ما جاء من تصريحات على لسان أكثر من قيادي في الحركة من أنه يعيش حالة إنكار أدت إلى نتائج كارثية عصفت بكل مكتسبات الحركة التي تحصلت عليها اثر سقوط نظام الرئيس الراحل زين العابدين بن على و نجاحها فى انتخابات 2011 و ما تبع ذلك من عبث بالمالية العمومية بحجة التعويضات لأبناء الحركة عن ما سمى في كتاب القيادي المرحوم المنصف بن سالم ب”سنوات الجمر” .
بداية نهاية المشوار الطويل
كان آخر ظهور للمرشد أمام برلمان الشعب بداية نهاية المشوار الملطخ بالخيانة و بيع الضمير في سوق المؤامرات العربية و الأجنبية و كانت قرارات الرئيس قيس سعيد ليلة 25 جويلية 2021 عنوانا كبيرا لما سماه البعض بداية انطلاق حملة تصفية وجود الإسلام السياسي برمته في تونس و لما لا القضاء على كل مساند لهذا الكيان من أمثال الأستاذ أحمد نجيب الشابي.
يعلم المتابعون أن القبض على القيادي محمد بن سالم منذ أيام قليلة في الجنوب التونسي بالقرب من الحدود التونسية الليبية و معه مبالغ مالية خيالية ليس حالة معزولة بل أن كل قيادة حركة النهضة حاولت أو لا تزال تحاول الفرار مع ما نهبته و أفسدته في البلاد و يدرك الملاحظون أن الشيخ راشد الغنوشي هو أول الطامعين في نجاح محاولة الفرار خاصة بعد أن تحصن أفراد عائلته و صهره رفيق بوشلاكة بالفرار و الإقامة في الخارج و لم يبقى للغنوشي من دائرته المقربة الضيقة من أحد بعد أن تم إيقاف أغلب المقربين منه و لعل هناك سؤال يطرح فيما إذا استنتج الرجل أن إيقاف محمد بن سالم يجعله يفكر في الفرار من منافذ أخرى غير الحدود الليبية مثل المنفذ الجزائري أو بالاستعانة ببعض أجهزة المخابرات العربية أو الغربية أو محاولة تسخير بعض معارفه النافذين في أكثر من عاصمة أجنبية لإبرام صفقة مع النظام يتم بموجبها السماح له بمغادرة البلاد مقابل تقديم معلومات عن ثروته و ثروة الحركة إضافة إلى كشف بعض الأسرار حول علاقته بالإرهاب و الجريمة المنظمة و بارونات التهريب.
هل بدأ السيد راشد الغنوشي يفكر في الفرار فعلا من تونس ؟ سنجيب عن السؤال بسؤال : لماذا لا يفكر الرجل بالفرار خاصة و أنه ممنوع من السفر و أملاكه و أمواله مصادرة؟ هل هناك ما يدعو الرجل للبقاء في ظل شعوره اليقيني بأن الدائرة تضيق حوله و أن حبل المحاسبة قد اقترب منه و هل لا يزال الشيخ على نفس مشاعر النرجسية و الغرور التي صفع بها منتقديه في نفس الحركة المعروفون بالممضين على عريضة “المائة توقيع” حين رد عليهم بمنتهى الصلف و الوقاحة في إشارة إليه بأن جلود الزعماء خشنة و هم الاستثناء؟
شيخ النهضة يناور لكسب الوقت
من المؤكد أن شيخ النهضة يناور لكسب الوقت و تضليل قوات الأمن التي تترصد حركاته و من المؤكد أنه لا يرى في قوة الحماية الأمنية التي ترافقه إلا جهة مراقبة لا غير و من المؤكد أخيرا أن الرجل لا يثق في الشعارات التي يلوكها أصدقاؤه القلائل من كونه لن يغادر البلاد إلا بعد “إسقاط الانقلاب” كما جاء على لسان الناطق باسم الحركة السيد عماد الخميري منذ أسابيع قليلة.
لقد بات واضحا بأن تنظيم الإخوان في تونس يعيش حالة هلع شديدة خاصة بعد تتالي استدعاءات قياداته و على رأسهم الشيخ راشد الغنوشي للتحقيق بتهم الإرهاب و تمويله و التخطيط و تنفيذ عمليات إرهابية و يقول كثير من الملاحظين أن نهاية شيخ الإرهاب قد باتت وشيكة و أن الشيخ الذي بدأ حياته كإرهابي سينتهي في قفص الاتهام لمحاسبته و بالتالي فإن علامات النصر التي يبديها بعد خروجه من التحقيق تخفى حقيقة فزعه خوفا من اعتقاله.
من الواضح أن شيخ حركة النهضة قد احتمى بجبهة الخلاص للإيحاء بكون ما يتعرض له و ما تلاحقه من القضايا المختلفة هو و أفراد عائلته و قيادات حزبه الدموي هي قضايا سياسية و لا علاقة لها بممارسة الإرهاب و نهب المال العام و التخابر مع جهات أجنبية و السعي لتنظيم انقلاب على الشرعية و غسيل الأموال الفاسدة.
لقد استطاعت حركة النهضة بسط نفوذها في تونس خلال العشرة سنوات الماضية عبر جهازين الأول جهاز مالي أخطبوطي سري و الثاني جهاز سري مخابراتي عسكري و لكن هل ينجح الجهاز السري للحركة في تهريب الشيخ رغم اليقظة الأمنية؟ هل سعيد التاريخ نفسه و هل ستعود أذهان أبناء الحركة لتتذكر وقائع هروب الشيخ راشد الغنوشي من تونس إلى بريطانيا سنة 1989 تاركا رفاقه في مواجهة المحاكمات و السجون ؟
كاتب و ناشط سياسي.
شارك رأيك