قبل سويعات من مثولها غدا الجمعة 24 مارس 2023 أمام التحقيق في ثكنة القرجاني لسماعها كمشتكى بها، كتبت الصحفية منية عرفاوي ما يلي على حسابها الشخصي بصفحات التواصل الاجتماعي بالفايسبوك:
“صحة شريبتكم
أنا منية العرفاوي ، أمارس مهنتي بشكل محترف منذ 14 سنة في المؤسسة الصامدة رغم كل المحن والتنكيل المتواصل دون كلل ولا ملل منذ مصادرتها ..دار الصباح .. والمصرّة على أن لا تتخلّى أبدا عن دورها في كتابة كل صفحات التاريخ التونسي ، المشرقة منها والأكثر عتمة ..
“قبلها كانت الكتابة بالنسبة لي ، فعل احتجاجي بالأساس من خلال تجربة قصيرة مع جريدة مواطنون قبل الثورة، تلك التجربة الممتعة خضتها باندفاع شباب الجامعة التائق الى الحرية والانعتاق وانبهارا بشخصيات سياسية ونخب ، قاتلت بضراوة نظام شرس من أجل التقاط ولو جرعة اوكسجين واحدة ..سنوات قليلة قبل الثورة .. سنوات اشتداد وتر القوس والغضب الذي بلغ أوجه .. والحرية التي كانت تلوح على مرمى خطوة ..انطلق الوتر وأصاب كبد الاستبداد ..انهار نظام وهرب رئيس وأتت الحرية في لحظة مباغتة لم يعتقد ويؤمن بها الا الاحرار ..
“أنا منية ابنة ذلك الحطاب رحمه الله الذي منحني أجمل وأهم ما يمكن لأب أن يمنحه .. أهم دروس الحياة ..
قف بثبات وواصل طريقك رغم المحن..
لا تشتكي ولا تتسوّل المساعدة أو الاهتمام..
ثق في رجلك المكسورة ولا تثق أبدا في الاكتاف التي لا تسير معك بثقة الى اخر الطريق ..
لا تتذمر من الحجارة الصغيرة التي تتعثّر بها طوال الوقت بل اجمعها واصنع منها جسرا عظيما لأحلامك ..وما أعظم تلك جسور التي صنعتها الحجارة الصغير ..
وعلمتني الحياة أن لا أنحني أبدا وأن لا أنكسر مهما كانت الآلام مبرّحة ..وانه ان لم يكن من الموت فمن العجز أن تموت جبانا .. اهزم عدوك بابتسامتك حتى وأنت تنازع ولا تجعله ابدا يستمتع بلحظة انكسارك أو ضعفك وذلّك .. حزنك لك انت ووجعك تعيشه وحدك وليس مع الناس ..وكرامتك قبل الحياة ذاتها .
الصحافة .. مهنتي اليوم .. بداياتها كانت صعبة ومرهقة وأنا القادمة اليها من اختصاص مختلف.. الحقوق والعلوم السياسية ..بعضهم يرى أني دخيلة الى اليوم ولكنهم أجبن من مقارعتي مهنيا .. أنا أحب هذه المهنة الى حد الهوس.. انها الشغف الكبير والحب العميق الذي لم تؤثّر فيه لا السنون ولا المحن و لا الكدمات .. و الى اليوم ما زالت أحتفظ لها بشغف البدايات ..تتملكني نفس الرهبة عندما أكتب .. ولا أنام أحيانا وأنا أفكر في بعض المقالات ..أخلاقياتها وضميرها ونواميسها أشعر أنهم الصراط الذي أعبره يوميا ودائما .. أصدقائي وزملائي يعرفون جيدا أني لا استخف أبدا بفعل الكتابة وأني أحيانا أبالغ في أخذ الأمر بجدية لدرجة مضحكة أحيانا ..
رغم أن دخلي الوحيد يتأتى من مهنة الصحافة .. ولكن أنا لم أنظر الى الصحافة كونها مهنة والسلام ..أراها دائما ..رسالة ..شغف ..مسؤولية كبيرة ..ضمير يعذبك أحيانا لمجرد شعورك أنك أساءت الى أحدهم دون قصد .. الصحافة شجاعة في قول ما يجب أن يُقال دون خوف ..
الصحافة موقف و رأي بالأساس.. فالصحافي ليس بساعي بريد يكتفي بنقل المعلومة ..الصحافة محاججة و رأي و الرأي مخالف ..الصحافة انغماس كلّي دون قيد أو شرط في الدفاع عن الحقوق والحريات بقطع النظر من سيستفيد من دفاعك ..في النهاية أن تدافع عن قيم وليس أشخاصا .. الصحافة احترام للناس وتواضع ورحابة صدر وتفاعل مع الجميع دون أفكار مسبقة او ادانات جاهزة أو مسايرة للتيار ..انت التيار في عالم الصحافة ..مهنة تمارس دون غرور ودون تشنّج وبعقل بارد تماما وباحترام كبير للجميع.. لا دخل للعواطف هنا.. من يعجبك ومن لا يعجبك لهم الحق في اهتمامك ولهم الحق في مساحة من موقفك دون تحامل ولا مجاملة.. انت في الفعل الصحفي أنت لست أنت ..أنت الكلمة الحرة ..الموقف الشجاع ..صوت من لا صوت له .. والعين التي تراقب وتحاجج السلطة باستمرار ..
أنا على ذلك المذهب الراديكالي في الصحافة ..الصحافة دائما على يسار السلطة ..أي سلطة .. لا تهمني الإنجازات أبدا وليس دوري أن أشيد بها لأن السلطة من واجبها الإنجاز ..وأنا من واجبي مراقبتها ونقدها بشكل مستمر دون تصيّد للأخطاء ودون انفعالات عاطفية .. لا صديق لي ولا عدو في الحكم ..كل الفاعلين السياسيين هم مواضيع عمل.. لا أحبهم ولا أكرههم فقط أمارس مهني في تقييم أدائهم وسلوكهم السياسي وبشكل صارم لا مهادنة فيه .
سبق و مثلت ومن أجل مقالات عديدة وأمام فرق أمنية مختلفة ..ولأني أؤمن بالقانون .. كنت أذهب دائما مرفوعة الرأس دون وجل أو خوف لأني اعرف أني لم أفعل شيئا الا ممارسة مهنتي وبكل ضمير وموضوعية .
وغدا أيضا سأكون حاضرة في القرجاني .. سأذهب دون وجل أو خوف مرفوعة الرأس كالعادة .. دون حتى أن أعرف تهمتي الخطيرة التي تم تصنيفها جريمة ..
ربما سأجد نفسي في أحد الاروقة أقف مع مجرمي الحق العام ..لا بأس ..سأدافع عن حقي وحقهم دائما في محاكمة عادلة لا تنال من كرامتهم البشرية ..لا بأس سأمتثل للدعوة .. وسأكون أمام فرقة مكافحة الجرائم ..لن أضع نفسي أبدا فوق القانون ..واذا كان لأحدهم حق عندي فبيننا القانون ..ولكن القانون المنظم لمهنتي الذي ينسحب على ما أكتبه من مقالات وما أنشره من تدوينات ..فأنا لا أقوم ببراكجات ولا احترف السرقة أو اللصوصية ولم أزهق ارواحا.
ان عدت من هناك فذلك المنطقي والطبيعي ..وان لم اعد فلا أريد لطميات .. فأنا بخير ..دائما بخير ..
فقط على نفس المذهب :
الخوف قواد ، فحاذر أن تخاف ، قل ما تريد، لمن تريد، كما تريد، متى تريد، لو بعدها الطوفان..
ثابتة أنا يا أبي كجلمود صخر .. و ثق أني لن أتراجع قيد أنملة عن ممارسة قناعاتي والتعبير عن أفكاري ولن يحول دون ذلك الا الموت .
الصحافة موش جريمة
المرسوم 115″.
شارك رأيك