الكفاءات التونسية مطلوبة في كل بلدان العالم، هذه حقيقة، و لكن و للحقيقة أيضا لم يكن أغلبنا يعلم أن هذه الكفاءات مطلوبة فيما يعرف “بمملكة أطلنتس الجديدة” لذلك جاء خبر “انتداب” أو تعيين السيدة سوسن المبروك النائبة الثانية للسيد رئيس مجلس نواب الشعب الأستاذ إبراهيم بودربالة في منصب وزيرة العمل و الشؤون الاجتماعية في هذه المملكة مفاجئا بعض الشيء و مثيرا للانزعاج للكثيرين و من بينهم طبعا الجهة المبلّغة عن هذا الانتداب السيدة عبير موسي رئيسة الحزب الدستوري الحرّ.
بقلم أحمد الحباسي
من البداية يجب نطرح بعض الأسئلة و من أهمها أين كانت أجهزة المخابرات التونسية؟ هل من المقبول أن لا تنتبه أجهزة الأمن ذات العلاقة لعلاقة السيدة النائبة بما يمكن تسميته بجهات أجنبية مغرضة؟ هل تكون هذه الفضيحة المدوية السبب الرئيسي أو أحد الأسباب الأساسية أو المهمة التي دفعت برئيس الدولة للمسارعة بإعفاء وزير داخليته السيد توفيق شرف الدين النائم في العسل؟
هل سيسارع الرئيس بإعفاء النائبة “الوزيرة” من مهامها و هل سيتحرك رئيس مجلس النواب لكشف المستور حتى لا يبدأ فترته الرئاسية للمجلس بفضيحة ستتخذها عدة أطراف للهجوم عليه ؟
هل بالغت السيدة عبير موسي حين وصفت السيدة “الوزيرة” (بلا وزارة) بكونها عضو في أخطبوط متعدد الجنسيات من الهيئات و المنظمات الأجنبية و لماذا نفت السيدة سوسن المبروك تمتعها بهذه الوظيفة و لماذا تراجعت بعد محاصرتها بالحقيقة و ما قيمة القسم الذي أدته السيدة “الوزيرة” في مجلس نواب الشعب و هل أصبحت هذه السيدة المشتبه في أمرها و التي تمكنت من إخفاء حقيقة انتمائها و ما قدمته من أعمال “جليلة” و موصولة لفائدة هذه المملكة خطرا داهما على الأمن القومي التونسي؟
هل أصبح مجلس النواب وكرا للوبيات و المتعاملين ؟
هل كان انضمام السيدة “الوزيرة” لهذه الحكومة بدون مقابل و ماذا قدمت من معلومات مطلوبة لهذه الجهات الأجنبية المشبوهة؟
هل يمكن لهذه السيدة مواصلة تواجدها فى مجلس نواب الشعب دون القلق على أسرار المجلس و أسرار الدولة باعتبار الدور التشريعي للمجلس و لمن سيكون ولاء السيدة “الوزيرة”؟
هل أصبح مجلس النواب وكرا للفاسدين و اللوبيات و المتعاملين مع المنظمات الأجنبية المشبوهة مثل منظمة NDI التي كشفت السيدة عبير موسي رئيسة كتلة الحزب الدستوري الحر بالبرلمان المنحل علاقتها المريبة ببعض النواب؟
مهما اختلفت أو اتفقت مع السيدة عبير موسي فلا بدّ من الإقرار بأن وجود مواطنة تونسية أو تدعى ذلك في الظاهر في موقع عضو حكومة مؤسسة لدولة أجنبية لها راية مختلفة عن الراية التونسية يمثل خطرا جسيما على الأمن القومي التونسي بالنظر إلى موقعها كنائبة لرئيس مجلس النواب لذلك يطرح السؤال هل أن السيد رئيس مجلس النواب على درجة من سوء التقدير حين يقلل من خطورة تواجد هذه السيدة بمثل الموقع المذكور أم أنه يحاول التعتيم على الأمر بعد أن كشفت الفضيحة حتى لا يتهم بعدم المسؤولية و قلة الحنكة خاصة و قد طالته السهام منذ فترة متهمة إياه بالتمسح على أعتاب قصر الرئاسة طمعا في منصب يرى الكثيرون أنه لا يستحقه لأسباب يطول شرحها؟
ما خفي كان أعظم
في الواقع تمثل فضيحة السيدة “الوزيرة” ضربة قاصمة للرؤية الرئاسية للسيد قيس سعيد التي تبشر بمجلس نواب شعب “نظيف” و خال من اللوبيات و من المشكوك في ولائهم للوطن خاصة أن اليوم الأول لافتتاح جلسات المجلس قد تخللته فضيحة إيقاف النائب وجدي الغاوي داخل قبة البرلمان بتهم التدليس و ما خفي كان أعظم.
الظاهر أن البعض لم يعد يكتفي بالانخراط في منظمات و دكاكين أجنبية مشبوهة و لا بالزيارات الموصولة لبعض السفارات و لا بقبض الأموال من بعض الجهات “المانحة” و لا بالعمالة رأسا خدمة لأجندات خارجية لضرب الاستقرار في تونس و لا بالانخراط في لعبة المصالح الدولية بل تحول الأمر هذه المرة إلى ممارسة “وظائف سامية” بما يعنى ذلك من ولاء لهذه المملكة و استعداد و تطوع لتقديم كل المعلومات و الأسرار التي يحصل عليها و هنا يطرح السؤال من كان وراء نجاح السيدة سوسن المبروك و وصولها لسدة موقع النائبة الثانية للسيد رئيس مجلس النواب و هل أن المطالبة بإسقاط عضوية هذه “الوزيرة” المندسة و فتح بحث و تحقيق في خفايا هذه السيدة سيبقى مجرد مطلب بدون جواب و هل كتب على هذا الوطن بعد أن تحمل اشتغال الرئيس المؤقت السابق المنصف المرزوقي لدى بعض الدوائر القطرية أن يتجرع مرارة فضيحة هذه السيدة و يتقبل أن تكون في موقع يجعلها خطرا داهما على الأمن القومي؟
كاتب و ناشط سياسي.
شارك رأيك