“أولا، أسال الله أن يفرج همك ورفاقك، وينفس كربكم، وأن يوسع عليكم ضائقتكم، وأن يخلفكم خيراً في ما راح من وقتكم وأعماركم خلف القضبان وفي وضع لاإنساني ولا قانوني.
يا صاحب القلب الكبير …يا صاحب الوجه النضير …يا تاج الزمان…أنت الحبيب الغالي ..وأنت الأب المثالي …وأنت الأمير …لو كان للحب وساما ..فأنت بالوسام جدير … أيها الوطني العنيد … أيها المناضل العتيد وصوت الحكمة الشديد…
إليك أبي الحبيب، إلى نبراسي الذي ينير دربي، إلى من أعطاني بلا حدود، لن ابعث لك باقات ورد بل أبعث لك باقات حُبي، وعبارات نابعة من قلبي، وإن كانت كلماتي لا تستطيع التعبير عن مَشاعري نحوك، فمشاعري أكبر من أسطرها…
“إليك يا أعز صديق على قلبي…
إليك يا قدوتي وأستاذي…
إليك يا غازي كما ناديتك دائما…
إعلم جيدًا أنك ورفاقك خلف القضبان أحرار، رمز النضال والصدق والحق بينما السجين الأصلي سجٌانكم الغاضب المستبد الظالم المتخبط المقسٌم لشعبه الذي لا ينعم بنوم هنيئ مثلكم بل تراوده كوابيس تظهرون أنتم فيها، كوابيس خوف واختناق وعجز وظلم وعبوس وأثبت ذلك في خطاباته فقد حرّض وخوّف كل من ساندكم…
“رسالة اكتبها لك، خالية من دموع الحزن وفاقدة للالم والجراح لكنها مفعمة بالفخر والعزة والصبر واليقين والحق والحب والحرية …
فكما ربيتني فأنا لا أتذمر لأن للورد شوكًا بل أتفاءل لأن فوق الشوك وردة فكما علمتني أن أعتى المحاربين في هذه الحياة هما الصبر والوقت وعاقبة صبرنا الجمال والفرج فما أشقى من لا صبر لهم فلو لا أملنا وإياك في الغد لما عاش المظلوم حتى اليوم …
يا من لم تعلمني كيف اكون لطيفا او صبورا او حكيما بل علمتني كيف أكون انسانا …
اشتقت إلى وجودك..
اشتقت إلى نصحك..
اشتقت إلى توجيهك..
اشتقت إلى غضبك..
اشتقت إلى انفعالك..
اشتقت إلى أبي …
سجنك اليوم هو ظلم قهري واجباري، هو ثمن نضالك وصدقك وانت أدرى بالنضال يا غازي،
فأنت مناضل قبل الثورة وحقوقي أيام الجمر ومحامي زمن القمع، أنت مثال الفكر والتفكير والحوار والفعل السياسي… افلا يعلم سجٌانك انك لم تخيفك المدرعات و التعليمات و فبركة الملفات سابقا فكيف تتراجع عن قول كلمة الحق اليوم ؟
تهابك الدكتاتوريات يا غازي، فسجّانك منحك وسام شرف وعزة وفخر،
لا تقلق يا أبي فالفرج آت اليوم أم غدًا، الحبس كذٌاب والحي يروح وسنحاسب من سجنك و منظومته و لكن تبقى المصيبة ليس في من ظلمك بل في صمت من خلناهم أخيار و رفاق
أكتب لك وأنا على يقين أن كلمات الدنيا لن تعبّر عن مكانتك واشتياقي لك، يا من تيقٌنت انني أُحبك أكثر من نفسي … فأنت من امتلكت قلبي …
أعلم أن السجن بالنسبة لك مساحة للتأمل، والرجوع إلى الذات، والعودة إلى تقييم ومراجعة النفس وهذا من طباعك فأنت من تخلق النور وسط العتمة … أنت على الطريق الصواب وفي ظلمك ظلمات لسجٌانك.
أعدك يا أبي أنني سأظل كما علمتني حتى وإن قهرتني الحياة و جرحني بعض من أبناء شعبي بمنطلق الشماتة والنكاية والحقد المستورد من حاكمهم، سأصبر …
وأحاول واسامح فذالك القلب الطيب مورث منك يا أعظم رجل … يا غازي الغزاة… تأكد أن دولة الظلم ساعة ودولة الحق إلى قيام الساعة..
فكما رددت لي دائما إن مقاومة الظلم لا يحددها الإنتماء لدين أو عرق أو مذهب أو جنسية أو طيف سياسي, بل يحددها طبيعة النفس البشرية التي تأبى الاستعباد وتسعى للحرية !!! الحرية التي تدفع ثمنها أنت وأصدقائك اليوم … فعسى الكرب الذي أمسيتم فيه، يكون وراءه فرج قريب فإن كان له الاجهزة فلنا الامل و ثقتنا بالله.
إليك يا والدى العزيز كتبت رسالة اشتياقي .. و هذا هو السبب … فغربتي غربتين اليوم … ليست فقط مغادرة الوطن، بل هِي أيضًا بُعد وطن آخر هو أنت يا حبيبي…
أخيرا ، “حط في بالك” انني صامد لن أبكي الٌا عند خروجك السجن كما وعدتك، فقط لأن الدموع هموم تقاطرت ونحن لسنا في هذا !
تحياتي غزغوز ورمضانك سعيد والحيّ يروح قريبا فالسجن نقطة سكون في عالم حرّ متحرك
إبنك وصديقك وتلميذك ومستشارك …
إلياس بن غازي الشواشي !”.
شارك رأيك