مساهمة ساخرة في الجدل الرمضاني القائم حاليا في تونس حول الأسعار المرتفعة جدا للموز في الأسواق رغم التسعيرة التي حددتها وزارة التجارة و تنمية الصادرات بخمسة دنانير الكيلوغرام… “أكاهو” (أو فقط) كما تقول ومضات الأشهار في التلفزة.
بقلم فتحي الهمامي
سي “البنان” (الموز بالدارجة التونسية) بان واستبان… اليوم وككل يوم، ونحن بصدد التسوق في مغازة العادة، تلكزني – فجأة – زوجتي، ودون أن تنبس ببنت شفة تشير بإصبعها إلى يسار موقفنا، أنظر ناحية الإشارة، من بعيد أراه متوهجا، متلألأ، ذلك الذي يُشَارُ إلَيْهِ بِالبَنَانِ، ثمرة الشجرة المقدسة عند الهنود، الفاكهة الوحيدة المذكورة في كتاب “قانون بالي” المقدس: الجامع لتعاليم مذهب “تيرافادا” البوذي، ثالث الثالوث المقدس في الأدب التاميلي مع المانغو والكاكايا، غلة تعادل شجرتها في الهندوسية الإله بريهاسباتي: إله الحكمة ومعلم الآلهة الهنودسية…
تقدمنا إليه مسرعين، فالأمر مُدهِش، يستقبلنا بحفاوة، على غير عادته، وهو مسترخ على رَفّ تافِه، لا أُبَّهة السلطان، ولا فخامة المُلْكٌ، تثبتنا منه مليا، ليس بلاستيكيا أو صناعيا : “خليقة موش صنيعة”، ثم نظرنا أكثر فلا نكاد نصدق ما نرى ونسمع، إنه “بنان بو خمسلاف”، معبود الجماهير ومُعَذِّب الضاوي لزهر: الشاعر المُتيِّم، الولهان، الغارق في حُبّ “البنان”… تمتد يدي إليه، وقلبي يرقص بهجة وفرحة، فهو يدعوني ويقول بتواضع جم : انا طَوْعُ بَنَانِك…
أتلمسه، أشمه، أقبله، أتَخَيَّل طراوته، قبل أن اتَخَيَّر ما طاب من ألذ فاكهة وأطيب ثمر… والنفس تقول: “وينك يا لزهر يا ضاوي ها هو باب العرش تحل قدامي… الحلم صار حقيقة، والمسخرة صارت بهجة”…
* من عنوان قصيدة لزهر الضاوي: “وينو البنان – من وحي مسخرة البنان بوخمسلاف”.
شارك رأيك