“من العلم ألا تحتقر شيئا من العلم” : الْيَوْمِيَّة السَّنَوِيَّة : ورقة اليوم الموافق للثامن والعشرين من شهر رمضان. أيام قلائِل ويَهُلُّ شوال، يرحل رمضان ونستقبل عيد الفطر، ينتهي الصيام ويعود الإفطار، يفارقنا الشهر التاسع في التقويم العربي ويُقْبِلُ العاشر، ولكن متى يكون يوم العيد ؟ متى يُعيِّد التونسيون؟
بقلم فتحي الهمامي
الكل يسأل: من صام شهر رمضان، ومن لم يصم بتاتا رمضان، وحتى من “صام نهار في رمضان يقول: العيد آش ما زالو؟ ” (مثل شعبي تونسي)…
والغريب انهم يسألون سؤالا جوابه “لا يتناطح فيه كبشان”، وهو بالتأكيد غير عسير وفي متناول اليد، بل نعلمه ونعرفه حق المعرفة، ففي عام 2086 -مثلا- العيد محدد يومه، منذ الآن، ومعلوم موعده، وكذا الأعوام التي تسبقه أو تليه، ولو بعد ألف سنة، وبالمثل موعد عيد فطر هذه السنة، أَفْتَى العلم في المسألة بحساباته الدقيقة، وقال: سيكون عيد الفطر يوم الجمعة الموافق ليوم 21 أفريل 2023 ميلادية، ولكن تلك هي مأساتنا، أو قل تلك هي مهزلتنا، نعلم الشيء ولا نعمل به، نصر على أن نبقى في ما قبل الحقيقة العلمية أو خارجها…
والأدهى من ذلك وامرّ أن ما أعلنته جماعة رصد الجو، وهم أصحاب الأمر، لن يكون له أثر، وهم من قالوا، استنادا إلى علمهم الغزير: “إن إمكانية رؤية الهلال في البلاد التونسية – الخميس 20 أفريل 2023 الموافق لــ 29 رمضان 1444 هجري- تتراوح بين غير ممكنة إلى صعبة جدا”، وتفصيل هذا القول: لن تثَبَتْ رُؤْيَةُ الهِلاَلِ في الليلة الموعودة، ولا يمكن إبصاره بالعين المجردة…
بأي حال عدت يا عيد بما مضى أم الأمر فيه تجديد
و لكن على العكس من ذلك سنقول هذا العام كما كل عام: “بأي حال عدت يا عيد بما مضى أم الأمر فيه تجديد” ، والإجابة: لا تجديد قطعا، إذ سنكون على موعد مع اللَّمَّة المألوفة يوم الخميس في العشية : “حضبة و شهود على ذبيحة قنفود”، برعاية الشيخ الأكبر للبلاد التونسية…
فبإشراف سماحته وتحت مظلة “الله لا تقطعنا عادة”، ستنشط اللجان، وتتحرك السواعد، وتتجند العيون، فالحركة بركة والبطالة هلكة، كما يقال… ومن أجل عيون الرؤية المجردة للهلال، سيتسلح البعض بما يتيسر من تيليسكوبات قديمة، ومناظير بالية، اما البقية فسيعصرون عيونهم لعلهم يبصرون هلال العيد… ولا أظنهم سيبصرون غير الصحون اللاقطة للقنوات التلفزية… معتقدين جازمين انهم “جابوا الصيد من وذنه”… وعندما تبلغ تلك الرحلة منتهاها، ولا شيء في المنتهى، وبجهد جهيد، وبعينين جاحظتين لطول إبصار السماء طوال النهار، يطلعنا الرجل الكبير عن سر الصرة الكبيرة، المقدمة إليه، ونكتشف ان لا شيئا فيها سوى خيط بلا قيمة، يقدمه لمن يبصره من نظارة القناة الوطنية، وهو يقول : “هذا خيطنا لإثبات دخول الأشهر القمرية … وقد أفتى ان يوم العيد سيكون يوم كذا وكذا…” “يرحم من قرا وورى” … وجزيل الشكر على مجهودك في ليلة الشك…
هل دوام الحال من المحال فعلا ؟
وفي نفس هذا الوقت، هناك في عالم آخر، يبصر علماء وكالة الفضاء الأوروبية ، مركبتهم الفضائية : “مستكشفة أقمار المشتري الجليدية”، وهي تسبح في الفضاء بأمان، متجهة نحو هدفها كوكب المشتري باطمئنان، وستبلغه في جويلية القادم من سنة….2031، وها قد مَرَّ أسبوع منذ إطلاقها، في رحلة إلى الكوكب البعيد، أين ستقضي هناك 3.5 سنوات في دراسته وثلاثة من أكبر أقماره، بغاية استكشاف إمكانية الحياة هناك… و”دوحي يا مباركة”…..أين نحن واين هم ؟
ولكن دوام الحال من المحال. وعيدكم مبروك.
ناشط حقوقي.
شارك رأيك