في الرسالة المفتوحة التالية إلى المسؤولين في تونس، جمعية الأطباء التونسيين حول العالم تعبر عن قلقها بسبب الوضع المتردي للقطاع الصحي في البلاد الذي “يعرض النظام الصحي الهش بالفعل للخطر”.
السيد رئيس الجمهورية التونسية قيس سعيد،
السيدة رئيسة الحكومة نجلاء بودن،
السيد وزير الصحة علي مرابط،
نكتب إليكم اليوم بإحساس بالإلحاح والقلق بشأن هجرة الأدمغة الهائلة في تونس و خاصة منها القطاع الصحي. يعرض هذا الوضع الحرج نظامنا الصحي الهش بالفعل للخطر، ويخاطر بعواقب وخيمة على صحة المواطنين.
لعدة سنوات، عانى هذا القطاع من نفس المشاكل التي تفاقمت مع مرور الوقت، مثل العنف في المستشفيات، والأزمة الاقتصادية لصناديق الضمان الاجتماعي. يضاف إلى ذلك معضلة توافر الأدوية، بحيث يضطر المواطن المريض في بعض الأحيان إلى استجداء السلطات أو السفر إلى الخارج للحصول على الدواء.
بصفتنا أطباء وأعضاء مكتب جمعية الأطباء التونسيين حول العالم، نشعر بالفزع لرؤية ظروف العمل الصعبة، ونقص الآفاق الوظيفية والرواتب غير الجذابة تدفع أطبائنا وطاقمنا الطبي المؤهلين لمغادرة تونس بشكل جماعي. ومنهم حتى من أصبح يفضل العمل في دول الجوار مثل ليبيا التي أعربت نقابة أطبائها عن قلقها من هذه الظاهرة.
من الملح وضع حلول عملية ومستدامة للاحتفاظ بالطاقم الطبي المؤهل وتشجيعهم على العمل في تونس. والأهم من ذلك، أن هذه الهجرة الجماعية لأطبائنا والعاملين الطبيين المؤهلين على وشك أن تتسارع أكثر، حيث أعلنت عدة بلدان حول العالم مؤخرًا عن تدابير ستضاعف توظيف الأطباء الأجانب في الفترة القادمة. وهذا يعني أن المنافسة لاستقطاب أطبائنا والاحتفاظ بهم ستكون أكثر صعوبة في المستقبل.
نحن نقترح عدة إجراءات ملموسة لعكس هذا الاتجاه وضمان نظام صحي جيد لجميع التونسيين :
أولاً، من الضروري الاستثمار أكثر و بكثافة في التعليم المستمر لأطبائنا وطاقمنا الطبي. نحن بحاجة إلى تزويدهم ببرامج التطوير المهني المستمرة والحوافز المالية لتشجيعهم على مواكبة التطور العلمي.
يجب علينا أيضًا تعزيز نظامنا الصحي من خلال توفير ظروف عمل سليمة و أكثر جاذبية، وتحسين البنية التحتية للمستشفيات، وتقديم آفاق وظيفية جذابة لهم.
بالإضافة إلى ذلك، يجب علينا تشجيع التعاون وتبادل الخبرات بين المؤسسات الصحية التونسية و الخارجية، من أجل ضمان جودة أفضل للرعاية والعلاج لجميع المرضى. من الضروري أيضًا ضمان أن يكون نظامنا الصحي قابلاً للاستمرار من الناحية المالية، من خلال تشجيع الاستثمار في المؤسسات الصحية العمومية و ضمان التغطية الصحية لجميع المواطنين التونسيين.
الوضع خطير ويتطلب إجراءات عاجلة من قبل حكومتكم. نحن على استعداد للعمل معكم لوضع هذه التدابير الحاسمة موضع التنفيذ ولضمان مستقبل أكثر أمانًا لنظامنا الصحي ولتونس ككل.
في انتظار ردكم العاجل،
جمعية الأطباء التونسيين حول العالم
شارك رأيك