بمناسبة الاحتفال باليوم العلمي للشغل، غرة ماي 2023، مجموعة من المنظمات و الجمعيات النسوية و الحقوقية في تونس أصدرت البيان التالي تطالب فيه بالحق في العمل اللائق وممارسته من طرف النساء.
التزمت الحركة النسوية منذ بدايتها بالتفكير النقدي للسياسات العامة والمعايير الجندرية التي تنتج وتكرس التمييز وعدم المساواة ضد النساء فيما يتعلق بالتمتع بالحق في العمل اللائق وممارسته.
40 سنة مضت على طرح مسألة الحقوق الاقتصادية والاجتماعية للنساء على المشهد العام منذ 1 ماي 1983 من قبل النسويات والنقابيات وذلك في أول تظاهرة للجنة النقابية للمرأة التابعة للاتحاد العام التونسي للشغل. وقد كان هذا التحرك من أجل الدفاع عن حق النساء في الشغل، الحثّ على إرساء المساواة بين النساء والرجال، مكافحة استغلال العاملات، المطالبة بظروف عمل لائقة والعمل على إدماج الرؤية النسوية في الحركة النقابية.
هذه التظاهرة هي استكمال لحدثين اثنين:
-الاحتفال بيوم 8 مارس اليوم العالمي لحقوق النساء 1980 بنادي طاهر حداد وذلك من خلال طرح نقاش عام حول “المرأة والعمل”
-الاحتفال ب 8 مارس اليوم العالمي لحقوق النساء 1982 نظمت مناضلات النقابة الوطنية للتعليم العالي تظاهرة حول “مستحقات المرأة في العمل”
هذه الديناميكية التي انتهجتها الحركة النسوية الناشئة تداولتها الجمعيات النسوية على مرّ العقود القليلة الماضية. ولأن واقع النساء لم يشهد تطور كبير ارتأت جبهة المساواة وحقوق النساء كشبكة تضم منظمات المجتمع المدني والمناضلات الملتزمات من أجل حقوق النساء ومكافحة أي شكل من أشكال التهديد والتمييز ذات الطابع السياسي، الاجتماعي والاقتصادي أن تتخذ من الحقوق الاقتصادية والاجتماعية للنساء احدى أولوياتها.
أين نحن بعد 40 سنة؟
في سياق الأزمة الاقتصادية وأزمة التشغيل الهشّ، أي تقييم يمكننا فعله بشأن مكتسباتنا وحقوقنا؟ ما هي الخطوات التي تم تحقيقها في مسار المساواة وما الذي يتوجب القيام به؟
أرقام مفزعة:
تجدر الإشارة أنه في سنة 1983 نسبة النساء التونسيات العاملات مثلت 21.2% من مجموع العمال في تونس في حين تمثل اليوم 28.9% (المعهد الوطني للإحصاء2021) فيما تضاعف معدل البطالة لديهن من 11.5% إلى 23.8% (بلغ 25 % خلال فترة الحجر الصحي وفقا لإحصائيات 2021). أما بالنسبة لوضعية صاحبات الشهادات الجامعية فهي اكثر تأزما حيث أن أكثر من 4/10 أي بمعدل 40.7%) عاطلات عن العمل (مقابل 17.6% من الرجال) ( المعهد الوطني للإحصاء 2020.
هذه المؤشرات تترجم اللامساواة في اتاحة فرص العمل للنساء واقصائهن من الحياة النشيطة وبالتالي من الفضاء العام، مما يشعرهن بالعجز ويرغمهن على التشغيل الهشّ أو العمل في القطاعات غير المهيكلة حيث لا تتجاوز أجورهن ثلاثة أرباع أجور الرجال.
أما بالنسبة للأوساط الريفية فإن التمييز ضد النساء يترجم بكل أشكاله، حيث تمثل النساء 76% من القوة العاملة الزراعية (المعدل العالمي يمثل 50%) وكثيرا ما يتقاضين نصف أجر الرجل، بالإضافة الى أعباء العمل غير المأجور (الاعانة العائلية والمنزلية) الذي يتجاوز العمل الإجمالي نسبة ال 40% من ساعات العمل التي تصل إلى معدل 16 ساعة في اليوم مقارنة بالرجال. في السنوات الأخيرة ازدادت أوجه عدم المساواة بين الجنسين وبات الفقر مؤنثا، حيث أثر هذا الوضع على النساء أكثر من الرجال فتبين الأرقام أن 20 بالمئة فقط من النساء تحصلن على دخل خاص بهن مقابل نسبة 60% من الرجال. بالإضافة الى ظروف العمل في القطاع الفلاحي الذي يعرض حياتهن الى عدة مخاطر أولها صحية بسبب غياب الحماية والسلامة المهنية فتعاني العديد منهن من امراض مزمنة وخطيرة بسبب المبيدات والمواد الكميائية بالإضافة الى الإبادة الجماعية بسبب شاحنات النقل الفلاحية والتي أصبحت تسمى اليوم بشاحنات الموت للنساء.
وعلى الرغم من التزام الدولة التونسية بتحقيق المساواة بين الجنسين في جميع المجالات وفقا للدستور و المعاهدات الدولية المصادقة عليها والسياسات التي انتهجتها الا انها لم تبلغ أهدافها، فقد صنف التقرير العالمي للمساواة بين الجنسين، تونس من الدول الأخيرة في تحقيق المساواة بالنسبة للحقوق الاقتصادية والاجتماعية، فتحصلت على المرتبة126 من 156 بالنسبة لكيفية توزيع الموارد و تكافئ الفرص بين النساء والرجال و في ما يتعلق بالمشاركة والفرص الاقتصادية صنفت في المرتبة 144!
بمناسبة الاحتفال باليوم العالمي للعمال 1 ماي 2023 الذي نريده نسوي، نحن جبهة المساواة وحقوق النساء ندعو مكونات المجتمع المدني للالتحاق بالجبهة من أجل:
– المشاركة في بناء التفكير النقدي الشامل والتفاعلي من أجل فهم أوجه عدم المساواة والتمييز والرهانات المتعلقة بالهيمنة والسلطة الذكورية،
– الدعوة لحملة مناصرة تجمعنا لإدماج مقاربة نسوية في الدفاع على حقوق النساء في العمل اللائق وادماج المقاربة الجندرية والمقاربات القائمة على حقوق الانسان في السياسات العمومية،
– النضال ضد كل اشكال التمييز والاقصاء الممارس على النساء في الحقوق الاقتصادية والاجتماعية
– المطالبة بتحقيق المساواة الفعلية في الممارسات داخل الجمعيات وفضاءات العمل ومؤسسات الاقتصاد التضامني والاجتماعي
ونطالب كافة السلطات ومؤسسات الدولة ب:
– ملائمة القوانين الوطنية المتعلقة بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية مع الاتفاقيات والمعاهدات الدولية المصادق عليها بما يضمن تحقيق المساواة التامة والفعلية
– المصادقة على الاتفاقية الدولية لمناهضة العنف والتحرش في عالم العمل
– تطبيق القانون عدد 58 لمناهضة العنف ضد النساء،
– وضع نصوص ترتيبية المتعلقة بقانون الاقتصاد التضامني والاجتماعي عدد 30 لسنة 2020، قانون 3 جويلية 31 المتعلق بتنظيم العمل المنزلي.
– تفعيل البروتوكول أكتوبر 2016 المتعلق بنقل العاملات في المجال الفلاحي،
– ادماج مقاربة النوع الاجتماعية في اعداد الميزانيات العمومية،
– الالتزام بوضع وتنفيذ سياسات عامة قوية يمكن تطبيقها بسرعة ويجب ان تحدث تغييرات مهمة في الواقع الاقتصادي والاجتماعي للنساء.
– مراجعة منظومة التغطية الاجتماعية بما يحمي النساء من الهشاشة الاقتصادية ويضمن كرامتهن
قائمة الامضاءات:
الجمعية التونسية للنساء الديمقراطيات،
جمعية النساء التونسيات للبحث حول التنمية
جمعية مجموعة توحيدة بالشيخ
جمعية رؤية حرة
النقابة الوطنية لصحفيين التونسين
الرابطة التونسية للدفاع على حقوق الانسان
جمعية أصوات نساء
جمعية بيتي
الجمعية التونسية لمناهضة التعذيب،
ائتلاف التونسي ضد عقوبة الإعدام
جمعية متطوعون
جمعية انتصار المرأة الريفية
جمعية نساء من اجل المواطنة والتنمية
جمعية تيقار
جمعية أم الزين
جمعية الكرامة
جمعية النساء أولا
درة محفوظ أستاذة علم اجتماع نسوية ونقابية
علياء شريف شماري محامية نسوية وحقوقية
نجاة عرعاري باحثة في علم الاجتماع ونسوية وحقوقية
شارك رأيك