في البيان التالي الذي أصدره اليوم، غرة ماي 2023، بمناسبة اليوم العالمي للشغل، الاتحاد التونسي للصناعة والتجارة والصناعات التقليدية يؤكد على أهمية الإصلاحات الاقتصادية وعلى دعم النسيج الإنتاجي وخلق مواطن الشغل والارتقاء بالجودة وبمستوى المرافق الضرورية لعيش التونسيين وتحسين التوازنات المالية الكبرى للدولة.
بمناسبة عيد الشغل العالمي يتقدم الاتحاد التونسي للصناعة والتجارة والصناعات التقليدية بخالص التهاني لكافة الأجراء والعاملين لحسابهم الخاص في جميع القطاعات متمنيّا لهم كل النجاح والتألق في عملهم ومسيرتهم المهنية ومثمّنا دور كل من يساهم بجهده وتفانيه في تقدم بلادنا ومناعتها.كما يهنّئ الاتحاد كل المتّوجين من أصحاب المؤسسات والعمال بجوائز العامل المثالي والرقي الاجتماعي والصحة والسلامة المهنية واللجان الاستشارية للمؤسسات.
وبهذه المناسبة يقف الاتحاد التونسي للصناعة والتجارة والصناعات التقليدية احتراما وتقديرا لكل مجتهد في عمله ينجزه بإخلاص وضمير في كل مواقع الإنتاج بمؤسسات الصناعة والتجارة والفلاحة والخدمات وبمختلف الحرف والمهن والصناعات التقليدية وبقطاعات النقل والتعليم والصحة والإدارة ومختلف المرافق العامة. كما يقف احتراما وإجلالا لقوات الجيش والأمن والديوانة المرابطين على الحدود وفي الجبال، والواصلين الليل بالنهار دفاعا عن الوطن و حماية لترابه وتصديا للجريمة والتهريب والإرهاب.
ويعتبر الاتحاد التونسي للصناعة والتجارة والصناعات التقليدية أن عيد الشغل يعد مناسبة هامة للوقوف على رهانات المرحلة الحالية وخاصة تحديات المالية العمومية والغذاء والماء والصحة والطاقة، إضافة لمواصلة المحافظة على مستوى اليقظة الأمنية والسيبرانية في عالم تتصاعد فيه التوتّرات وتتزايد فيه المخاطر، وتحتدم فيه النزاعات وتؤثر تداعياتها على الجميع وتضع منظومة العمل في موقع الضرر ولكن أيضا في موقع الحل الأمثل وسبيل الخروج من الأزمات.
لقد بينت جائحة كوفيد 19 والحرب الدائرة في أوكرانيا والأزمة العالمية للطاقة والمواد الأساسية من حبوب وأعلاف وغيرها أنه برغم ما يتوفر بالمنظومة الدولية من أسس التضامن والتواصل بين الشعوب، ورغم المبادئ التي تقوم عليها الهيئات الأممية إلا أن التعويل على الذات والقدرة على توفير الحد الأدنى من الاستقلالية والاكتفاء الذاتي يبقى الضامن الأساسي للتوقّي من الأخطار التي تمسّ المواطنين في حياتهم وأساس معيشتهم، وإن قيم العمل والكد والاجتهاد إذا ما أقترنت بالمعرفة والإرادة وحسن التدبير والتوظيف الأمثل للموارد فإنها تضمن تحقيق تطلعات التنمية والسيادة الاقتصادية.
ويؤكد الاتحاد التونسي للصناعة والتجارة والصناعات التقليدية على أهمية الإصلاحات الاقتصادية وعلى دعم النسيج الإنتاجي وخلق مواطن الشغل والارتقاء بالجودة وبمستوى المرافق الضرورية لعيش التونسيين وتحسين التوازنات المالية الكبرى للدولة بما يجعلها قادرة على تأمين دورها الاجتماعي والتعديلي وضمان توفير شبكات الحماية الضرورية للفئات الهشة. ويعتبر أن الإصلاح الاقتصادي ليس نموذجا نستورده من الخارج دون تفكير، ولا دليلا نسير عليه دون إرادة، ولا قالبا إيديولوجيا جاهزا، بل هو تمكننا من إصلاح ما أخطأنا تقديره والكف عن إهدار مقدّرات الدولة وحسن توظيف الموارد المتاحة.
كما يؤكد الاتحاد التونسي للصناعة والتجارة والصناعات التقليدية أن الإصلاح يجب أن يقوم على مقاربات علمية وإدماجية تتأقلم مع الواقع وتتفاعل مع محيطها الدولي والكف عن إهدار الوقت والإمكانيات وتجنب تكبد المزيد من الخسائر والتفريط في مقدرات التنمية والإنتاج والدخل الوطني ومراجعة سياسة الاعتماد على التّداين المفرط من أجل الاستهلاك عوضا عن الاستثمار، وكذلك الإفراط في توريد ما نحن قادرون على زراعته وصنعه، والكف عن فتح المجال واسعا أمام التهريب والاقتصاد الموازي والإغراق الاقتصادي والاجتماعي على حساب آلة الإنتاج الوطنية وعلى حساب المئات من المؤسسات المنتجة والآلاف من اليد العاملة والكفاءات التونسية.
تمثل ذكرى عيد الشغل استحضارا لقيمة العمل وقدرته على تغيير واقع الشعوب نحو الأفضل. وبقدر ما نسعى لضمان أسس ومبادئ العمل اللائق والمنتج بقدر ما نحرص على احترام حرية العمل والإنتاج وحمايته من كل تعطيل. كما لا ننسى في مثل هذه الذكرى الآلاف من الشباب الذين لم يسعفهم الحظ بعد للالتحاق بسوق العمل وندعو الى توفير كل ظروف دعم المبادرة الاقتصادية وتسهيل بعث المشاريع المنتجة آملين أن نبلغ حدّ باعث اقتصادي بكل أسرة بما يخفف من وطأة البطالة ويدفع بالحركة الاقتصادية ويخلق ديناميكية مجتمعية جديدة.
إن عيد الشغل مناسبة هامة للوقوف على الأسباب التي جعلت تونس تهدر العديد من الفرص ومن أهمها الاستغلال الأمثل لثرواتها الطبيعية من فسفاط وموارد منجميّة ونفط وغاز وهي القادرة اليوم على قلب المعادلة وتوفير المداخيل الضرورية للدولة،فضلا عن الاستثمار في الطاقات المتجددة والدائمة القادرة على تأمين الميزان الطاقي وضمان الانتقال البيئي وتدعيم القدرات التصديرية لتونس، وتطوير منظومات الإنتاج الفلاحية والتحويلية في مجالات الألبان والحبوب واللحوم التي بدأت في التراجع وتحولت في بعض الأحيان من حالة الاكتفاء وتصدير فائض الإنتاج نحو العجز عن توفير الحد الأدنى.
ويؤكد الاتحاد التونسي للصناعة والتجارة والصناعات التقليدية أنه لن يتسنى تدارك هذه الأوضاع وتحسين حال البلاد والشعب إذا ما بقينا تحت ضغوطات المصالح الضيّقة والحسابات الخاطئة والاتفاقيات التجارية غير المتكافئة، ويعتبر أن المراهنة على الموارد البشرية التونسية يبقى أفضل سبيل لتحقيق تنمية شاملة وعادلة ومستدامة ويمثل أحسن مقوّم لبناء مجتمع متحضر ومتماسك قوامه العمل والأخلاق والقيم وأهّم سلاح لكسب المعارك الاقتصادية وتدعيم تنافسية واستدامة المؤسسة التونسية. كما يشدد على أهمية تعزيز السلم الاجتماعية وتدعيم العلاقات المهنية في اتجاه النهوض بالمؤسسة والتشغيل وعلى وجوب تطوير مناهج التعليم والتكوين المهني وإدماج البحث العلمي في محيطه الإنتاجي وتعزيز إمكانيات المؤسسات التربوية وتدعيم الشراكة بين القطاعين العام والخاص والنسيج الجمعياتي للارتقاء بالمنظومة التعليمية لفائدة الأجيال القادمة والقدرة على الجمع بين المعرفة العلمية والمهارة التكنولوجية والسلوك الحضاري والموهبة الثقافية.
كل عام وتونس بألف خير.
رئيس الاتحاد
سمير ماجول
شارك رأيك