حسب بعض التسريبات المرأة المسماة “حسناء الجبل” كلفت من الأجهزة الأمنية في تونس في عهد حكم الرئيس الراحل الباجى قائد السبسي بمهمة اختراق الجماعات الإرهابية و قد نجحت في ذلك و ساهمت في إسقاط عدد منهم. أين هذه المرأة اليوم و أي مصير للأسرار و الوثائق و الحجج التي تملكها حول الحركات الارهابية في تونس.
بقلم أحمد الحباسي
كثر الهرج و المرج و تعالت الأقوال و الأصوات و الكل يتساءل لكن المؤكد أنه يوما بعد يوم بدأت كثير من الحقائق و الأسرار تكشف و بات زعيم الإخوان السيد راشد الغنوشي “اللي يعرف ربّى” و استقبله الآلاف بعد سقوط نظام الرئيس الراحل زين العابدين بن على بأغنية “طلع البدر علينا”، مع أن المتأمل في وجهه يحتار من أين يكون للبدر علاقة بتلك السحنات الصفراء الكالحة، مهموما مذهولا مطوقا بالاتهامات و بات هناك من يريد محاسبته و إيقاف سلسلة جرائمه.
لقد جاءت الأدلة هذه المرة من فم سيدة تعرف ب “حسناء الجبل” تذهب التسريبات كونها قد كلفت من الأجهزة الأمنية في عهد حكم الرئيس الراحل الباجى قائد السبسي بمهمة اختراق الجماعات الإرهابية. طبعا و كما كان منتظرا فقد اتجهت الأنظار لشيخ النهضة باعتبار ثبوت العلاقة بينه و بين الجماعات الإرهابية مثلما أشارت إليه عديد الدراسات و التحقيقات و التصريحات و ما رشح من لقاء الرئيس بشار الأسد مع الوفد البرلماني التونسي خلال شهر أوت 2017 و ما عاد به الوفد من معلومات خطيرة.
خفايا الإخطبوط الدموي
تشير هذه السيدة التي تعرضت إلى كثير من الضغوط و تم الزج بها بالسجن بقرار من المدعي العام السابق البشير العكرمي أحد بيادق حركة النهضة إلى أنها تملك تسجيلات يتمثل محتواها في مكالمات بين شيخ النهضة و بعض عناصر الجماعات الإرهابية.
بطبيعة الحال الأمر ليس صادما لكثير من المتابعين لكن من الواضع أن ما ستكشفه التسجيلات سيساعد في توضيح جوانب عديدة مخفية من جرائم قيادات حركة النهضة و بالأساس الشيخ راشد الغنوشي و ستكتمل بعض أجزاء الصورة التي كشفت عن جوانبها القذرة هيئة الدفاع عن الشهيدين شكري بلعيد و محمد البراهمي، أيضا ليس غريبا أن تصرح هذه السيدة بأن مواجهتها الأولى قد دفعت مرشد الإخوان إلى عدم الاستجابة للتحقيق كسلاح تعودنا عليه من الرجل هروبا من تحمل المسؤولية و في ما بات يعرف بسياسة الإنكار.
إن متابعة خفايا اندساس هذه السيدة داخل المجموعات الإرهابية إلى حين زواجها من الإرهابي عاطف الحناشي الذي تم القضاء عليه في كمين أمني محكم في جبل بيرينو من ولاية القصرين تكشف عن جزء من خفايا الإخطبوط الدموي الذي كانت تديره حركة النهضة بقيادة الشيخ راشد الغنوشي البدر الذي أقبل على تونس من عاصمة الضباب البريطانية لندن.
لعل إصرار السيدة “حسناء الجبل” على عدم تقديم ما بحوزتها من تسجيلات للقضاء هو دليل قاطع على اقتناعها التام بوجود اختراق حالي كبير في المؤسسة القضائية و أن يد حركة النهضة لا تزال طويلة و قادرة على إخفاء هذه التسجيلات و سرقتها من مكاتب قضاة التحقيق كما فعلت مع حاسوب الإرهابي أحمد الرويسي و اختفاء أكثر من 27 قرصا ليزيريا خاصا بالمتهم المقتول في ظروف غامضة كمال القضقاضي أحد قتلة الشهيد شكري بلعيد من غرفة المحجوزات التابعة للمحكمة بالإضافة إلى اختفاء محاضر و صور و أقراص مضغوطة متعلقة بملف الارهابي عامر البلعزي المشارك أيضا في اغتيال الشهيدين بلعيد و البراهمي و التي تضمنت اعترافه بإلقاء أسلحة الجريمتين في البحر.
بطبيعة الحال لا يمكن تجاهل أن لهذه السيدة علاقة موصولة ببعض القضاة و بعض السياسيين الأمر الذي يجعلها من أكثر الناس إطلاعا على ما يحدث داخل الكواليس و الدهاليز المظلمة للمحاكم خاصة أن هناك دلائل كثيرة على مشاركة عناصر من موظفي المحاكم و بعض المحامين في سرقة محتويات ملفات التحقيق و إرسالها للمجموعات الإرهابية و الاتهامات الموجهة لكاتب المحكمة و النائب السابق ماهر زيد خير دليل على هذا الاختراق.
ما خفي كان أعظم
هناك تفسيرات متعددة لإصرار السيدة “حسناء الجبل” على أن لا تسلم التسجيلات التي بحوزتها إلا لرئيس الجمهورية أو لوزير الداخلية السيد كمال الفقي أولها أنها تريد تحميل الرئيس و وزارة الداخلية مباشرة مسؤولية سلامتها الجسدية و سلامة عائلتها بعد أن تم تسريب هويتها للعموم من بعض الأطراف المجهولة و ثانيها إعطاء الرئيس صلاحية استخدام تلك الأدلة في مواجهته الدامية مع رئيس حركة النهضة شخصيا و ثالثها الإيحاء بأن القضاء لا يزال مخترقا و رابعها عدم ثقتها المطلقة في القضاء نفسه و في إمكانية أن تكون تلك الأدلة الضربة القاضية للمصير السياسي للشيخ راشد الغنوشي خاصة بعد أن تم اغتيال النقيب محسن العديلي كما يؤكد ذلك السيد معز الدبابي الأمين العام المساعد للأمانة العامة لقوات الأمن الداخلي ساعات قليلة قبل تقديمه الأدلة الخطيرة التي كانت بحوزته و التي تدين حركة النهضة. من الممكن أيضا أن هناك أطرافا معينة هي التي ضغطت على هذه السيدة حتى لا يكون تقديم التسجيلات إلا بعد استنفاذ الشيخ راشد الغنوشي لكافة “أسلحته” الدفاعية و إنهاكه في التحقيقات.
ربما تختزل قصة هذه السيدة الغامضة الثالوث المحرم الذي نجده في أفلام المخابرات وهو الجنس و الدين والسياسة لأنها قبلت بالنقاب و معاشرة الإرهاب و الإرهابيين و مارست الجنس مع مسؤولين في مراكز حساسة في الدولة و ربطت علاقات مريبة مع عديد السياسيين و ربما أوقعت قصة هذه السيدة و خفاياها الكثير منهم في الحرج و الخوف من كشف المستور لكن المؤكد أن هذه السيدة تملك أخطر من مضمون التسجيلات بالنظر إلى معايشتها اليومية لكثير من قادة التنظيمات الإرهابية التي تم القضاء عليها ربما بفضل المعلومات التي سربتها للأجهزة الأمنية و لعلها قادرة على تقديم معلومات معينة بإمكانها كشف من كان يسرب داخل وزارة الداخلية المعلومات لبعض القيادات الإرهابية قبل لحظات حتى لا يتم القبض عليها مثلما حصل مع أحمد الرويسي أو الأسباب التي دفعت القوات الأمنية لقتل كمال القضقاضي بدل القبض عليه حيّا إضافة إلى بعض الأسرار الخطيرة الأخرى المتعلقة بكيفية وصول أسرار التحقيقات للإرهابيين المرابطين بالجبال أو الموقوفين داخل السجون. ليبقى السؤال متى ستكشف هذه السيدة عن كافة الأسرار ليعلم الجميع أن ما خفي كان أعظم.
كاتب و ناشط سياسي.
شارك رأيك