أزمة حجب أعداد التلاميذ من طرف الأساتذة شغلت الرأي العام تونس بعد انطلاق السنة الدراسية بقليل، و خاصة أولياء التلاميذ الذين يُحَمِّلُون الأسرة التربوية مسؤولية خطر سنة بيضاء لأبنائهم بسبب ما يعتبرونه تصلبا من الجانب النقابي المفاوض مع وزارة التربية.
بقلم محمد صالح الحمايدي
في الواقع ما كان لهذه الأزمة أن تحدث أصلا لو نفذت الدولة (و أقول الدولة و ليس وزارة التربية و لا وزارة المالية) ما التزمت به في اتفاقيات سابقة.
ما قيمة التفاوض و التوصل إلى اتفاق بعد التنازل من هذا الجانت و ذاك، إذا لم يُنفذ أحد الطرفين ما التزم به، خاصة إذا كان هذا الطرف هو الدولة بما تعنيه هذه الكلمة من مفهوم للقانون و المؤسسات ؟!
إن ما دار و مازال يدور من مفاوضات طوال هذه السنة هو شكل سريالي للتفاوض على التفاوض. و لو فرضنا جدلا أن الطرفين سيتوصلان إلى اتفاق جديد، من يضمن أن الدولة ككيان موحد و وحيد (لا يُجَزَّأ إلى وزارة للتربية و أخرى للمالية و رئاسة للحكومة) أنها سوف لن تتنكر لما ستُوقِّعُ عليه، مثلما حصل في الاتفاق السابق؟
لا أكتب هذا الكلام دفاعا عن الجانب النقابي، و لا نكاية في أبنائنا التلاميذ و أوليائهم الذين يزدادون كل يوم حرقة على مصير أبنائهم، و إنما انتصارا لمفهوم الدولة.
كل دول العالم لا تتراجع عما التزمت به، باستثناء دولة إسرائيل المارقة عن القانون و المواثيق. التعلل من طرف الجانب الحكومي بأن الوضع المالي لا يُمَكِّنُ من تنفيذ ما اتُّفِقَ عليه لا يستقيم لسببين اثنين: الأول أن المنافع الواردة في الاتفاقات السابقة أصبحت حقا مكتسبا للأساتذة، و الثاني أن الجانب الحكومي لم يُنصِّص في بند من تلك الاتفاقات على أنه في حالة أصبحت موارد الدولة لا تُمَكِّنُ من الإيفاء بما التزمت به من كل ما من شأنه أن له انعكاس مالي، فإنه على الطرفين فتح تفاوض جديد يفضي إلى اتفاق يتماشى و الامكانيات المالية لميزانية الدولة.
خبير قانوني.
شارك رأيك