في البيان التالي ألذي أصدرته اليوم الإثنين 22 ماي 2023 مجموعة من المنظمات و الجمعيات التونسية و الدولية تدعو السلطة في تونس و على رأسها الرئيس قيس سعيد إلى الكف عن الإعتداء على استقلال القضاء.
منذ استيلاء الرئيس قيس سعيّد على المؤسسات يوم 25 يوليو/ جويلية 2021، مرورا بمرسومه الصادر في 22 سبتمبر/أيلول من نفس السنة الذي ألغى ضمنيّا النظام الدستوري، وصولا إلى اعتماد دستورا فُصّل على مقاسه بعد ذلك بسنة، يتعرّض القضاء إلى هجمات مستمرّة تهدف إلى تقويض استقلاليته، مما ينتج عنه انتهاك الحق في المحاكمة العادلة.
بموجب “المرسوم رقم 11” الصادر في 12 فبراير/فيفري 2022، حلّ رئيس الجمهوريّة المجلس الأعلى للقضاء، وهو هيئة منتخبة ومنصوص عليها في دستور 2014 ومهمتها المفترضة هي ضمان استقلالية القضاة، وعوّضه بمجلس مؤقت يعيّن هو بشكل مباشر ما يقرب من نصف أعضائه، قبل أن يعفي 57 قاضيا يوم 1 يونيو/جوان 2022 مانحا لنفسه حق عزل القضاة في “المرسوم رقم 35”. وهكذا، سُحِقت استقلاليّة القضاء، التي ضَمَنها المجلس المستقلّ، والتي كافح من أجلها أجيال من النشطاء والحقوقيين، من قبل السلطة التنفيذيّة التي سمحت لنفسها بإقالة القضاة ووكلاء الجمهوريّة بشكل أحادي، منتهكة بذلك الحق في المحاكمة العادلة أمام محكمة مستقلّة ومحايدة.
في أغسطس/أوت 2022، أصدر رئيس المحكمة الإدارية بتونس العاصمة قرارا بوقف تنفيذ قرار إعفاء 49 من57 قاضيا وإعادتهم إلى مناصبهم، على أساس أن اعفاءهم لم يستند إلى أي دليل ملموس على ارتكابهم أخطاء جسيمة بعد النظر في شكاوى رفعها القضاة المعفيون. لكن إلى اليوم ترفض الحكومة تنفيذ هذا القرار. وبالتالي تضاعفت وتيرة تقويض استقلالية القضاء من خلال الاعتداء الصارخ على دولة القانون، المتمثل في رفض تطبيق قرارات قضائيّة. بل أسوأ من ذلك، شرعت وزارة العدل بعد ذلك في ملاحقات جنائيّة ضدهم كلهم بما فيه أمام القطب القضائي لمكافحة الإرهاب في محاولة لتبرير فصلهم بأثر رجعي.
في الدستور الجديد الذي اعتُمد في استفتاء لم يُشارك فيه سوى ثلث الناخبين، تمّ اعتبار القضاء “وظيفة” وليس “سلطة” قائمة في حد ذاتها، وهكذا أدرِج إخضاع القضاء في القانون الأساسي. كما أفرغ نفس النصّ المجلس الأعلى للقضاء من جوهره، وجرّده من مكانته كهيئة دستوريّة.
بالتزامن مع تصعيد السلطات للاعتقالات التعسفيّة والملاحقات القضائية التي لا أساس لها ضدّ شخصيات منتقدة للرئيس سعيّد، حذّر هذا الأخير بشكل علني “الذين يُبرّؤون” معارضيه، الذين وصفهم في عدّة مناسبات بـ”الإرهابيين”، بأنّهم يُعتبرون “متواطئين معهم”. في خضمّ هذه التهديدات الموجهة بطريقة بالكاد مستترة إلى العدالة والفصل التعسّفي للقضاة، لم يعُد بإمكان نظام العدالة التونسي اليوم أن يؤدّي دوره كاملا كضامن للحريات والحقوق الأساسيّة.
تُحذّر الجمعيّات الموقِّعة أدناه من التوظيف الخطير للعدالة ضدّ كل المتقاضين، الذين يظلّ حصنهم الأخير ضدّ التعسف هو سلطة قضائية مستقلّة، وهي الضامن الوحيد للمحاكمة العادلة.
ولتحقيق ذلك، تدعو الجمعيّات الموقِّعة إلى:
● إعادة القضاة إلى مناصبهم وفقا للقرارات الصادرة في أغسطس/أوت 2022 عن المحكمة الإدارية بتونس العاصمة؛
● وضع حدّ لتدخل السلطة التنفيذية في شؤون القضاء؛
● احترام الحق الأساسي في المحاكمة العادلة أمام محكمة مستقلّة ومحايدة؛
● إلغاء المرسوم رقم 11 الصادر في 12 فبراير/فيفري 2022 كما تمّ تنقيحه بالمرسوم رقم 35 الصادر في 1 يونيو/ جوان 2022؛
● احترام المعايير الدولية لاستقلالية القضاء والحق في المحاكمة العادلة والمنصفة وفقا لالتزامات تونس الدوليّة.
الإمضاءات :
الائتلاف المدني للدفاع عن العدالة الانتقالية
جمعية القضاة التونسيين
جمعية بيتي
الهيئة الوطنية للدفاع عن الحريات والديمقراطية
الجمعية التونسية للدفاع عن الحريات الفردية
المنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية
الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان
النقابة الوطنية للصحفيين التونسيين
الجمعية التونسية للنساء الديمقراطيات
البوصلة
أخصائيون نفسانيون العالم
الشبكة التونسية للعدالة الانتقالية
اللجنة الوطنية لمناضلي اليسار
المفكرة القانونية
العدالة ورد الاعتبار
جمعية الكرامة للحقوق والحريات
جمعية أوفياء لعائلات شهداء وجرحى الثورة
جمعية تقاطع من أجل الحقوق والحريات
جمعية معا من أجل المواطنة والتغيير
جمعية افاق العامل التونسي
جمعية نساء من أجل المواطنة و التنمية بجندوبة
جمعية كرامة في توزر
جمعية المتطوعين بوعرادة
جمعية إفادة
جمعية مواطنة وحرية بجربة
جمعية صوت الإنسان
جمعية جسور المواطنة
منظمة لا سلام بدون عدالة
دمج الجمعية التونسية للعدالة والمساواة
موجودين” للمساواة
لجنة احترام الحريات وحقوق الإنسان
الأورومتوسطية للحقوق
اللجنة الدولية للحقوقيين
هيومن رايتس واتش
محامون بلا حدود
المنظمة الدولية لمناهضة التعذيب
منظمة العفو الدولية
منظمة دانر
شارك رأيك