بعد طول انتظار و مفاوضات متقطعة لكن لم تقطع الأمل و لو قيد أنملة بين الطرف النقابي ممثلا في جامعة التعليم الثانوي و الدولة ممثلة في وزارة التربية توصل الطرفان إلى اتفاق قد يعد تاريخي في هذه المرحلة الدقيقة من تاريخ النضال التربوي لرجال التعليم و الأمر يتعلق بقطاع الأساتذة.
بقلم ياسين فرحاتي
هذا الاتفاق طوى سنوات من المماطلة و الصبر المشحون بقوة الإيمان و العزيمة الفولاذية و رحابة الصدر التي أبدتها بالمثل الوزارة بسبب الأزمة المالية التي تعاني منها الدولة منذ عدة سنوات.
ما كان لهذا الإنجاز أن يتحقق لولا التقارب في الرؤية بخصوص النهوض بقطاع التربية ووالتعليم في تونس وهو ما أكد عليه رئيس الجمهورية قيس سعيد في سياق إمضاء الإتفاق بين النقابة و الوزارة عندما قال على لسان وزير التربية محمد علي البوغديري إن “وضعية المدرسين من أؤكد اهتماماته و أنه كلما تحسنت الوضعية المالية للبلاد سينعكس ذلك بالإيجاب على رجال التعليم”، كما أضاف أن القرار الرئاسي بإحداث مجلس أعلى للتربية من شأنه النهوض بالقطاع و الدفع بعجلة التقدم و الرقي بالبلاد ككل لأن مستقبل تونس في أجيال متعلمة تعليما جيدا و متشبثة بثقافتهم و بهويتهم الوطنية و ترنو نحو الأفضل و تتنافس في بينها و تتعاون أيضا في مواجهة أي غزو ثقافي خارجي و متناغمة و منسجمة مع ذاتها و متفاعلة مع الآخر و منفتحة عليه بكل ثقة في النفس و عن جدارة !
على قدر أهل العزم
مطالب الزملاء و الأصدقاء الأساتذة و منهم النظار و المديرين رأت النور و قد كان للخبر الذي أذيع أمس على وسائل الإعلام التونسية مشاعر الغبطة و الفرح و السرور و الفخر لأننا مهما اختلفنا في قضايا مصيرية فإن التجارب أثبتت أنه بالحوار المتوازن و المبني على الإصغاء و الاحترام تكون النتيجة على قدر أهل العزم. حيث تم مساء الثلاثاء في مقر وزارة الشؤون الإجتماعية و اتحاد الشغل إبرام الاتفاق النهائي و قد يشهد تحسينات و تطورات في قادم الأشهر و السنوات القليلة القادمة تماشيا مع الظروف الداخلية و الخارجية للبلاد فقد تم التفاهم على جملة الترقيات المجمدة و زيادة في الأجور لمدة ثلاث سنوات بدءا من سبتمبر 2023، و تسوية وضعية الأساتذة المبرزين الذين هم نخبة أساتذة وزارة التربية و يستحقون هم و باقي الأساتذة كل الدعم و التشجيع و التحفيز و الإشادة.
و آتي هنا إلى جوهر هذه الأزمة العميقة و التي استمرت لأشهر عديدة و انقشع ضبابها أخيرا و بقدرة قادر حيث كانت عين الله الرحيمة الذي لا تخفى عليه خافية و لا ينسى خلقه أبدا، فتضحيات الأساتذة النواب و أنا واحد منهم منذ أكثر من عقد من الزمن لم تذهب سدى و ما أجمل الفرج و أعظمه بعد صبر أيوب كما يقال !
جاءت ساعة الفرح و النصر العظيم و كما كان يغني العندليب الأسمر عبد الحليم حافظ “الناجح يرفع إيدو” و نحن على أبواب إمتحانات نهاية السنة الدراسية التي يدخلها التلاميذ بأكثر ما يكون الاستعداد و التفاؤل بعد العودة على قرار حجب أعداد الثلاثيين الأول و الثاني. و قد تضمن الإتفاق انتدابهم على دفعات (و أرجو أن يكون قد أخذ في الحسبان عاملا السن و سنة التخرج) و الترفيع في أمورهم للتتساوى مع بقية زملائهم المنتدبين من قبل و أضيف هنا نقطة أخرى: من المهم أن تشمل ترقيات الأساتذة عند أو بعد الترسيم في غضون عامين على أقصى حد و يجب في تصوري أن يراعى عامل السن و سنوات النيابة يجب أن تحتسب كذلك.
أدعو أيضا بكل لطف السيد وزير التربية أن يولي عناية و اهتماما لحاملي شهادة الماجستير كحافز و مكافأة لهم على مزيد البذل و العطاء و تكريسا لمبدأ علوية و تثمين الشهائد العلمية.
كاتب من تونس.
شارك رأيك